أحدث الأخبارشؤون آسيوية

“نتنياهو” يحاول السيطرة على “وزارة القضاء”.. ويخسر الجولة أمام “غانتس”

مجلة تحليلات العصر الدولية / الميادين

في محاولة فاشلة منه لتمرير تعيين وزير للقضاء من قِبله، أصرّ رئيس الحكومة بنيامين نتيناهو، على تعيين  أحد كبار مؤيديه من حزب الليكود، لمنصب وزير للقضاء.

الصراع على وزارة القضاء الإسرائيلية بين رئيسي الحكومة: الأصيل بنيامين نتنياهو، والبديل بني غانتس، وصل، خلال جلسة الحكومة التي خصّصت لتعيين وزير للقضاء، الثلاثاء، إلى ذروة جديدة، حيث وُصِفت بالجلسة الدراماتيكية والصاخبة جداً، الأمر الذي أكّدته التسجيلات المُسرّبة عن سجالات الجلسة التي وصلت إلى حدّ الصراخ المتبادل.

وقبل أن يتراجع نتنياهو عن موقفه، بضغط من محكمة العدل العليا والمستشار القضائي للحكومة، ويُعلن قراره تعيين رئيس حزب “أزرق أبيض” بني غانتس، وزيراً للقضاء، شَهِدت جلسة الحكومة الإسرائيلية، التي عُقدت الثلاثاء، دراما سياسية-قضائية، بعد أن أصرّ نتنياهو على مخالفة الاتفاق الائتلافي مع غانتس، وتجاهل معارضة المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، عبر  ملء المنصب الشاغر بتعيين الوزير، أوفير أكونيس، من حزب الليكود، بدلاً من غانتس الذي يُعتبر المنصب من حصّة حزبه، الأمر الذي أثار ردود فعل سياسية وقضائية وإعلامية واسعة وقاسية، وجرّ انتقادات لنتنياهو حتى من الإعلام المقرّب منه.

انتقادات وصلت إلى حدّ وصف تصرفات نتنياهو بـ “عملية تخريبية ضد الديمقراطية في إسرائيل”. بينما جاءت المواقف المُعارضة لنتنياهو قاسية وجرى اتهامه بأخذ “إسرائيل” إلى حافة هاوية الفوضى وبأنه “يحاول عمدًا سحق مبدأ سيادة القانون”، ولم يتردّد عضو الكنيست من حزب ميرتس، يائير غولان، عن وصف ما يقوم به نتنياهو  بأنه عمل من عالم المجرمين ويتصرف كأنه رئيس عصابة مافيا.

جلسة حكومية صاخبة

في محاولة فاشلة منه لتمرير تعيين وزير للقضاء من قِبله، أصرّ رئيس الحكومة بنيامين نتيناهو، خلال جلسة حكومية صاخبة عُقدت لهذه الغاية، الثلاثاء، على تعيين  أحد كبار مؤيديه من حزب الليكود، الوزير أوفير أكونيس، لمنصب وزير للقضاء، وذلك بعد دراما إسقاط تعيين رئيس حزب “أزرق أبيض”، بني غانتس، في المنصب، وهو ما كان يفترض أن يحصل بحسب الاتفاق الائتلافي. نتنياهو فعل ذلك ضاربا عرض الحائط الاتفاق الائتلافي الموقّع مع غانتس قبل نحو عام، وموقف المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، الذي حذّر من أن التصويت والتعيين في جلسة الحكومة غير قانونييْن.

وبعد التطوّرات الأخيرة، وبناء على طلب من محكمة العدل العليا، قدّم نتنياهو، الأربعاء، ردا مفصلا الى المحكمة  نفى فيه “الادعاء” بأن النقاش الذي جرى في الحكومة كان مخالفا للقانون.

وأفادت تقارير إعلامية إلى أنه بعد أن رفضت المحكمة اقتراحات تسوية من قبل رئيس الحكومة ، ومن أجل الخروج من المأزق والسماح بالقيام الاعمال الضرورية لوزارة العدل، قرّر رئيس الحكومة تعيين بني غانتس في المنصب في الحكومة الانتقالية.

وحول أجواء الجلسة الحكومية، التي سُرعان ما سُرِّبت مدولاتها إلى الإعلام، أفادت تقارير إعلامية أنها شهِدت سجالات حادّة وصراخاً، بين نتنياهو وغانتس. وأنه بعد إسقاط اقتراح تعيين غانتس بأغلبية 17 وزيراً مقابل  10، طرح نتنياهو ، بشكل مفاجئ، تعيين “أكونيس” للمنصب، وحاز اقتراحه على الأغلبية العددية المطلوبة. حينها تدخّل المستشار القضائي للحكومة، الذي اعتبر أن طرح التصويت على “أكونيس”، “غير قانوني .. وما كان ينبغي أن يتم”، بمجرد معارضة رئيس الحكومة البديل [غانتس]، وأيضاً لأن وزير العدل من حصّة حزب “أزرق أبيض”، بحسب قانون أساس الحكومة الذي وقّع عليه نتنياهو لحظة تشكيل “حكومة الوحدة” مع غانتس قبل نحو عام.

ويذكر أن الجلسة عُقدت تحت وطأة تهديد المحكمة العليا، في وقت سابق من هذا الأسبوع، بالتدخّل مباشرة في حال تأخّر  تعيين وزير جديد للقضاء عن يوم الثلاثاء، في حين كان نتنياهو قد طلب من المحكمة مهلة 48 ساعة لكن طلبه قوبل بالرفض.

نتنياهو أخاف شركاءه المحتملين

من جملة الانتقادات التي وجِّهت لنتنياهو جرى التركيز في بعض التعليقات والتحليلات على  انعكاس ما جرى على حظوظ نتنياهو في تشكيل حكومة جديدة برئاسته. وفي هذا السياق، قال المعلق السياسي في قناة “كان” يارون ديكل، إن القصة ليست قانونية بل سياسية بالمطلق، لأن نتنياهو بخطوته الفاضحة ضدّ “قانون أساس” [أي بمثابة دستور] واضح، حكم على مصير نتائج المفاوضات لتشكيل حكومة بديلة. فهو بذلك أخاف شركاءه المحتملين في الحكومة المقبلة (رئيس حزب يميناً نفتالي بينت، ورئيس حزب “تكفا حدشا” غدعون ساعر)، وزادهم قناعة بأنه لن يتورّع عن فعل شيء للتنصّل من التزاماته.

وأوضح “ديكل” أن نتنياهو لا يريد التسليم بسيطرة  “كاحول لفان” [أزرق أبيض] على وزارة العدل التي كان يشغلها الوزير السابق، آفي نيسانكورن، من “كاحول لفان”، لعدّة أسباب، من بينها أن وزير القضاء هو المسؤول عن مسار تعيين المستشار القضائي للحكومة والمدّعي العام المقبليْن، وبسبب محاكمته أراد نتنياهو السيطرة على وزارة القضاء.

وأضاف “ديكل” أن مسألة العفو عن نتنياهو لن تصل إلى أي مكان من دون قرار مدعي عام الدولة والمستشار القضائي للحكومة المخولان بالتوصية باصدار عفو قضائي عن نتنياهو. لذلك فإن السيطرة على حقيبة العدل تعدّ مسألة مصيرية لنتنياهو.

نتنياهو في مرمى الخصوم و”الحلفاء”

الدراما التي شهدتها جلسة الحكومة الإسرائيلية، و”الخطأ المتعمّد الذي ارتكبه نتنياهو”، في توقيت سياسي حساس، عرضا نتنياهو لموجة ردود فعل شديدة  ومتعدد الاتجاهات والأوجه.

وفيما نبّه رئيس حزب “أزرق أبيض” بني غانتس إلى وجود مسار ممنهج يتبعه نتنياهو “لسحق حكم القانون”، عَبرَ كسر مبدأ توزيع الحقائب الوزارية بين مركبات الحكومة المنصوص عليه في قانون أساس الحكومة، اعتبر رئيس حزب “تكفا حدشا”، غدعون ساعر ، أن ما حصل هو دليل آخر على الحاجة الحيوية لتغيير الحكومة.

بدوره أشار رئيس حزب “يش عتيد” [يوجد مستقبل]، يائير لابيد، إلى أنه: “إذا كان هناك من يعتقد أن نتنياهو يجب أن يجلس إلى طاولة مجلس الوزراء، فقد تلقى اليوم تذكيرا بأنه يجب أن يذهب بالفعل”.

وقال رئيس حزب “يميناً”، نفتالي بينت: إن “إسرائيل تقترب من حافة الهاوية من الفوضى”.  ووصف عضو الكنيست من حزب ميرتس، يائير غولان، ما قام به نتنياهو  بـ “عمل من عالم المجرمين ويتصرف كانه رئيس منظمة مافيا”.

وفي وقت قرّرت المحكمة العليا تجميد قرار الحكومة بتعيين أكونيس في منصب وزير القضاء حتى إشعار آخر، قال مصدر قضائي رفيع أن الأمر يتعلّق بأزمة قانونية هي الأخطر التي تشهدها “إسرائيل”، ورئيس الحكومة “نفّذ عملية تخريبية ضد الديمقراطية”، بحسب المصدر القضائي.

الإعلام الإسرائيلي: نتنياهو كسر القواعد وبات خطِراً كترامب

عكست الصحافة الإسرائيلية حالة من الاستياء العام من قيام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو “بكسر القواعد وتجاوز الأعراف القانونية”، بُغية السيطرة -بأي ثمن- على وزارة القضاء، ونزعها من خصمه بني غانتس، الأمر الذي يساعده لاحقاً للتملّص من ملفاته القضائية.

والّلافت، في الحملة التي تعرّض لها نتنياهو، كان الانتقادات التي وجهها المحلل السياسي في صحيفة “يسرائيل هَيوم”، المقرّب من نتنياهو، ماتي توخفيلد. الذي اعتبر أن الأخير ارتكب خطأ سياسياً،  لأنه قلب الأمور لغير صالحه، بعد أن اقترب من تحقيق هدفه القاضي بمنع تشكيل حكومة من “معسكر التغيير” لمناوئ له.

وكتب المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع، أن نتنياهو ليس رئيس الحكومة الإسرائيلية الوحيد الذي عمل ضد المؤسسة القضائية، ولكنه الأول الذي قرّر تحطيم الأواني وكسر قواعد اللعبة. الأمر الذي حوله على شخص خطر، مثل الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب.

وفي موازاة ما قاله المراقبون، وجّه خبراء في القانون انتقادات حادّة لنتنياهو، ووصف الخبير القانوني، مردخاي كرمنيتسر، في صحيفة هآرتس، تصرف نتنياهو  الأخير بتصرّف الهاوي السياسي، مؤكداً أن “إسرائيل” تتحوّل “من دولة قانون إلى دولة استخفاف بالقانون”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى