أحدث الأخبارايرانمحور المقاومة

نجاحات وإنجازات إيــران ما بعد الثورة

مجلة تحليلات العصر الدولية - د. أحمد الزين

خلال 42 سنة من عمر الثورة الإسلامية، لا تزال إيران تحقق مزيدا من النجاحات والإنجازات، وتزداد قوة واقتدارا، وإستقلالا وتحررا، وتقدما وتطورا.. رغم محاربتها وفرض الحصار والعقوبات الاقتصادية اللاقانونية واللإنسانية عليها من قبل أمريكا وحلفائها على مدى 4 عقود من الزمن.
تعتبر إيران اليوم دولة متطورة ذات قوةٍ وشأنٍ عظيمين أقليميا وعالميا بفضل الله، وجهاد مفجّر الثورة الإمام الخميني (قده) وقائدها والخُلص من أنصاره، وفضل تضحيات شعبها الجسام، حيث تحررت من براثن الملكية والعلمانية والاشتراكية والرأسمالية وهيمنة القوى العظمى، وحافظت على إستقلاليتها “لا شرقية ولا غربية” بل جمهورية إسلامية (عن طريق الاستفتاء)، واستعادت لشعبها هويته الإسلامية، وحققت له العدالة الاجتماعية والحرية والمساواة والعزّة والكرامة والرخاء.. بعد عقود طويلة من حاكمية الظلم والاستعباد والطغيان والاستبداد والنهب والفساد والتعذيب والاضطهاد من قبل ملوك الشاهنشاهية وانظمتهم الملكية المرتهنة للغرب والتابعة والخاضعة للنفود الامريكي والبريطاني والصهيوني، وأداة تنفيذيه لمشاريعهم الاستعمارية. والدليل أنه تم أستغلال الشاه من قبل تلك القوى الغربية ووفرت له الدعم وأحاطته بهالة من القوة والتعظيم ليتمّ تنصيبه “شرطي الخليج” وتوظيفه كفزاعة للانظمة البترولية لتوطيد السيطرة على منطقة الخليج والتحكم بآبار النفط ومضيق هرمز والممرات البحرية، حماية لمصالح الغرب!!
وقد شكلت هذه الثورة المباركة حدثا تاريخيا استراتيجيا، وتحولا سياسيا إقليميا وعالميا، ومسارا تغييريا جديدا لاستراتيجيات الدول الكبرى ولسياسات دول منطقة غرب أسيا وتأثيرا كبيرا على ثقافة شعوبها وهويتها وتاريخها ومستقبلها. على سبيل المثال، فقد تخطت الثورة حدودها الجغرافية والقومية والدينية الى إلهام الشعوب المستضعفة للانتفاض في مسعى للتحرر من خلال الثورات، وللكفاح من أجل الاستقلال من نير العبودية وظلم الانظمة المستبدة وحكم الملوك والامراء الطغاة، واستعادة حق تقرير مصيرها بنفسها.. كما حدث في انتفاضات لبنان وفلسطين والعراق والبحرين واليمن ومصر وليبيا.. بينما دعم الغرب و”إسرائيل” ثورات الربيع العربي المضادة الخادعة لإحباط هذه الآمال والتطلعات الحقيقية للشعوب المقاومة والمؤمنة بالتغيير والاستقلال على غرار ما حصل في إيران.
لقد كانت الثورة الإسلامية نموذجا فريدا من نوعها في التاريخ، وُصفت بانها معجزة ربّانية – (كـ معجزة “صحراء طبس” في خراسان وإذلال الاميركان بفشل عملية “مخلب النسر” العسكرية بطير الأبابيل ورياح ورمال جنود الله الغيبية) – أبان حدوثها لم تستوعبها العقول، وبعد نجاحها اُعتبرت بانها مفاجأة تاريخية، لم يتوقعها صنّاع القرار على مسرح الأحداث الدولية، على سبيل المثال: حسب وثائق الخارجية البريطانية، وبعد 150 عاما من التدخل البريطاني الشامل (والخفي) في شؤون إيران الداخلية، اعترفت بريطانيا بالفشل المخابراتي والإخفاق الدبلوماسي في حماية نظام الشاه (الذي خدم مصالحها “بقدر جيد”)، وفي عدم إدراك قوة المعارضة، على لسان سفيرها في إيران سير أنتوني بارسونز، الذي كتب في يوم 10-5-1978، إلى ديفيد أوين، وزير الخارجية آنذاك، بان: “المعارضة التي يتزايد صخبها والمؤلفة من رجال الدين والراديكاليين اليساريين والشيوعيين ليست تهديدا جديا للشاه”.
ولكن بعد مغادرة الشاه في 16-1-1979 تحت ضغط الثورات الشعبية وقدوم الإمام الخميني (قده) الى طهران في 1-2-1979 (بعد 14 سنة في المنفى)، فوجئت الحكومة البريطانية بنجاح الثورة بعد 11 يوما من وصوله، ولكنها المفاجأة الكبرى والصادمة كانت عندما أكتشفت بانها ثورة ذات طبيعة إسلامية وليست يسارية او علمانية. فكتب السفير بارسونز لها مبررا: “كان تقديري هو أن النظام الإيراني، كغيره من أنظمة الحكم في الشرق الأوسط، لا يعتمد على الشعبية بل يتوقف بقاؤه على مساندة قيادة القوات المسلحة. ولذا قدرت، خطأ، بأن الشاه لن يسقط إلا بإنقلاب عسكري وليس بعمل شعبي”.
ومن أحدى نجاحات الثورة بعد 42 سنة، لا يزال إرث الإمام الخميني (قده) يتمتع بشعبية متزايدة، ومفاهيم الثورة تتمكن وتترسخ اكثر في المجتمع الايراني، والنظام الإسلامي المنبثق من رحمها يثبت جدارته وقوته بإستمراره الحفاظ على نفس العقيدة والمبادىء في تركيز دعائم الحكم الإسلامي وتثبيت قيم الخير والحق وإقامة العدل وتعزيز قيم الديمقراطية والحريات، ونصرة قضايا الشعوب المستضعفة ودعمهم ومدّ يد العون للتخفيف من معاناتهم، على رأسها القضية الفلسطينية..
ومن إنجازات الثورة، أثبتت إيران بالتجربة البرلمانية العملية بإنّ الإسلام عقيدة وشرعة وفكر ومنهج قادر على إقامة دولة وحكومة ونظام حكم ومجتمع متمكن وإدارة اموره وتنظيمه شؤونه بشكل افضل، وان حكم النظام الإسلامي قادر أن يطفو على المسرح السياسي العالمي.. وقادر أيضا على التطور والتقدم والتأقلم مع متطلبات العصر ومستجدات الواقع المعاش، وتوفير الحياة المعيشية الرغيدة والرفاهية الانسانية وتحقيق الامن والإستقرار والطمأنينة والسلام.
ومن إنجازاتها أيضا، القفزة العلمية النوعية للجمهورية الإسلامية، والاعتماد على القدرات الذاتية الوطنية، والاقتراب بنسب كبيرة من الإكتفاء الذاتي، والانتقال بخطوات حثيثة الى مصاف الدول الكبرى بل تضاهيها – في بعض الاحيان – في الطفرات البحوثية والإنجازات العلمية والابتكارات والاختراعات المتطورة في مختلف المجالات الصناعية والطبية والعسكرية والنووية وتقنيات النانو وغيرها، على سبيل المثال: حققت إيران الاكتفاء الذاتي في قطاعها الطبي، وأنتجت لقاح ناجح مضاد لفيروس كورونا المستجد، وتحتل المرتبة 11 عالميا من حيث تصنيع اللقاحات.
ومن بركات الثورة الاسلامية أيضا إحياء الصحوة الاسلامية من جديد وتشجيع النهضة العلمية والفكرية والثقافية والإنسانية.. مما تركت أثارها بصمات واضحة في إلهام شعوب المنطقة وصحوتها من كبوتها وإستننهاضها في إطلاق ثورات شعبية وحركات تحرر واستقلال على مستوى المنطقة.. وأهمها إنشاء ودعم محور المقاومة الذي استطاع كسر شوكة الصهاينة والامريكان والدول المطبعة، ودحر الإرهاب، وهزيمة تنظيم “داعش” الإرهابي، وإفشال مشاريعهم التقسيمية التدميرية للمنطقة، وإعادة تشكيل التحالفات والمحاور من جديد.
ومن بركات هذه الثورة، تعزيز وحدة المسلمين وتوحيد كلمتهم من خلال تفعيل التقارب والتقريب بين المذاهب الاسلامية، ودعم فاعليات حوار الحضارات وحوار بين أتباع الاديان السماوية الاخرى، ومدّ جسور التعاون والتنسيق على قاعدة مبدأ حسن الجوار وعدم الاعتداء (مبادرة هرمز للسلام) للارتقاء بالامن والاستقرار والرخاء لكل شعوب المنطقة بمختلف معتقداتهم وإنتماءاتهم.. حيث قال الإمام الخميني (قده): “نحن مع الجميع على السواء لا نفرق بين أحد”..
تحية إكبار وإجلال وشكر وتقدير لهذا القائد العظيم، والسلام عليك يوم ولدت ويوم جاهدت ويوم مت ويوم تبعث حيّا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى