أحدث الأخبارشؤون امريكيةفلسطينمحور المقاومة

نحن وبايدن

مجلة تحليلات العصر الدولية - باسم برهوم / الحياة الجديدة

الشعب الفلسطيني ليس مقاول عداء أو استعداء للولايات المتحدة، بل العكس من ذلك، نحن ننظر الى هذا البلد، بأنه مهم ومؤثر جدا في السياسة الدولية، ونرغب باستمرار بأن نمتلك مع الولايات المتحدة علاقات صداقة مبنية على الاحترام المتبادل. واذكر هنا ان القيادة الفلسطينية قد تعاملت مع الرئيس الاميركي السابق “ترامب” في البداية بحسن نية، بالرغم من كل المؤشرات التي كانت في حملته الانتخابية والتي تؤكد انحيازه التام لاسرائيل، وتبنيه بالكامل لأهداف اليمين الاسرائيلي التوسعية، ولم يبادر الشعب الفلسطيني بمقاطعة “ترامب” وإدارته الا بعد اعلانه المشؤوم بان القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده اليها، وبدئه عدوانا ممنهجا علينا.

اليوم نحن امام عهد أميركي جديد، امام رئيس جديد، يقول انه سيمحو ارث ترامب المليء بالاحقاد، الإرث اليميني المتطرف في الداخل، ويقول انه سيعيد الدفء لعلاقات الولايات المتحدة مع حلفائها، وخلق بيئة افضل على الساحة الدولية. بهذا المعنى فان الرئيس بايدن هو رئيس مختلف، بل ونقيض بفكره وتعاطيه عن سلفه الذي ترك اميركا منقسمة، والديموقراطية فيها هشة ومهددة، تركها وهي على شفا حرب أهلية.

الشعب الفلسطيني، تماما كما هو حال الداخل الأميركي، كان احد ضحايا سياسات ترامب المتهورة، والذي لم يقم وزنا للقانون الدولي ولا للامم المتحدة وقراراتها، لذلك هو، اي الشعب الفلسطيني، يتوقع سياسة اكثر انصافا من الرئيس بايدن. من هنا نحن نراقب سياسات ومواقف الرئيس الجديد تجاه القضية الفلسطينية، والكيفية التي يعتقد يمكن من خلالها ايجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهل سيكون اكثر احتراما للقانون الدولي؟

في مواقف بايدن المتعلقة بالداخل الاميركي، التي اعلنها في خطاب التنصيب، وهي مواقف اكثر عقلانية وانسانية وديمقراطية، فانها يمكن أن تكون مؤشرا ايحابيا بالنسبة لنا. ولكن المفاجأة كانت في السياسة الاميركية دائما انه عندما يتعلق الامر بإسرائيل يتراجع العقلاني والإنساني وتتغلب سياسة ازدواجية المعايير. ومع ذلك سنتصرف نحن بعقلانية وهدوء وننتظر مواقف الرئيس بايدن ورأينا ان بإمكان هذا الرئيس ان يلغي قرارات ترامب. وهو فعل ذلك من الساعة الاولى، والالغاء شمل قرارات تتعلق بالداخل والخارج. فلماذا لا تلغى قرارات ترامب العدوانية ضد شعبنا الفلسطيني وجميعها تنتهك القانون الدولي ورفضها العالم، وخاصة القرار المتعلق بالقدس الشرقية؟

قرأنا تصريحات وزير خارجية بايدن انتوني بلينكن ولمسنا فيها مؤشرات ايجابية، لكنه قال ان قرار نقل السفارة الاميركية الى القدس لا رجعة عنه. لماذا يمكن التراجع عن عشرات القرارات لترامب وهذا لا يمكن التراجع عنه؟ نحن نعلم تعقيدات هذا التراجع بالنسبة لادارة بايدن باعتباره قرار الكونغرس ايضا، ولكن منذ متى يمنح برلمان دولة، ورئيس دولة ارضا يقول القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية إنها ارض فلسطينية محتلة، لدولة اخرى.!! ان ما ننتظره من ادارة بايدن ان تتعامل مع القدس الشرقية بأنها احدى قضايا الحل الدائم كما هو منصوص عليه في اتفاقيات اوسلو، وبالتالي لا يمكن حسم مصير القدس من جانب واحد.

لقد سمعنا من وزير الخارجية بلينكن ان ادارة بايدن مع مبدأ حل الدولتين، وان من حق الشعب الفلسطيني ان يكون له دولة خاصة به، ولكن لن يقبل الشعب الفلسطيني بالدويلة المهزلة التي تحدثت عنها صفقة ترامب. ان الدولة المقبولة بالنسبة لنا هي الدولة على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو 1967 بكامل المساحة ومن دون استيطان وعاصمتها القدس الشرقية. يمكن ان نقبل بأي حل ولكن ليست القدس الشرقية خارجه، يمكن ان تكون القدس عاصمة لدولتين، من هنا نتوقع من ادارة بايدن، وهو بالتأكيد رئيس اكثر انسانية وإنصافا، ان يتعامل مع القدس انطلاقا من القانون الدولي.

ولكي لا نبدو بأننا قليلو الهمة والارادة واننا ننتظر من بايدن ان يفعل ويقدم ويتقدم،، خصوصا اننا نعلم ان الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لا يشكل له اولوية الان. وان الواقع قد تغير كثيرا في الشرق الاوسط فان علينا ان نثبت للادارة الأميركية اننا نفعل ويمكننا أن نغير المعادلات والواقع، صحيح اننا نريد السلام والاستقرار، ونحن بحاحة اليه اكثر من غيرنا، واذا كانت ادارة بايدن ذكية، ونعتقد ذلك، وانها صاحبة تجربة كبيرة، وهي كذلك، فانها تدرك ان الشعب الفلسطيني لا يرضخ ولا يستسلم وانه يمتلك ارادة من فولاذ، والتجربة مع ترامب تثبت ذلك.

نحن وبايدن بيننا ما هو مشترك اننا واجهنا كل بطريقته هستيريا ترامب، ولدينا ذات الرغبة بعلاقات اكثر دفئا، نحن مع العدل والإنصاف وننتظر من بايدن ان يكون كذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى