أحدث الأخبارالاقتصاد

نزاع العمل بين اتحادات الموظفين و “أونروا”.. تقدير موقف

مجلة تحليلات العصر الدولية - عماد عفانة

يبدو أن إدارات الأونروا المتعاقبة تسير ضمن خطط مبرمجة ذات مراحل واضحة لإضعاف هذه المؤسسة الأممية التي تأسست في العام 1949م رويدا رويدا وصولا الى مرحلة الاضمحلال، تلبية لرغبة الكيان الصهيوني وراعيتها الدولية الولايات المتحدة الأمريكية، على طريق تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين يطالبون بالعودة الى ديارهم وبيوتهم التي هجروا منها في العام 1948، علما أن قضية اللاجئين تمثل اهم ثوابت القضية الفلسطينية.
فلم تكتفي الأونروا بتقليص مختلف الخدمات المقدمة للاجئين، الأمر الذي مس مستقبل الطلبة في التعليم، وهددت حياة وصحة ملايين اللاجئين، وهددت فرص المرضى بتلقي العلاج الإنساني اللازم، بل وطالت التقليصات قوت الفقراء من أبناء الشعب الفلسطيني اللاجئ.
لم تكتفي إدارة الأونروا الحالية التي يقودها المفوض العام فيليب لازاريني بكل ما سبق، وها هو يحاول مد يد التقليصات الى جيوب الموظفين، ملوحا بعدم القدرة على دفع رواتب شهري ديسمبر ونوفمبر القادمين، بحجة العجز في الموازنة والأزمة المالية المزمنة التي تمر بها الاونروا.
وعلى إثر ذلك قررت اتحادات الموظفين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” في الأقطار الخمسة (غزة، الضفة، سوريا، لبنان، الأردن)، الدخول في نزاع عمل مع إدارة الوكالة، للحفاظ على حقوق الموظفين وتحقيق مطالبهم.
وقد أعلنت اتحادات الموظفين الدخول في نزاع عمل مع الأونروا في أعقاب فشل لقائهم مؤخرا مع المفوض العام للأونروا لازاريني الذي حاولوا فيه تصفية الأجواء، وخلق بيئة عمل منتجة، تجنبا للدخول في نزاع عمل، سيؤثر حتما على كافة الخدمات المقدمة للاجئين.
لكنّ يبدوا أن نتيجة الاجتماع السلبية، أدت إلى طفح الكيل مع هذه الإدارة التي مارست ضغوطاً كبيرة على الموظفين واللاجئين لجهة هضم حقوقهم والتعدي على رواتبهم ومستحقاتهم الطبيعية، بحجة الأزمة المالية التي يعلم الجميع أنها مفتعلة من القوى التي تعمل على تصفية قضية اللاجئين.
ففيم ترى إدارة الأونروا في هذه الإجراءات طوق النجاة لإنقاذها من الغرق، ترى اتحادات الموظفين أن هذه الإجراءات ستؤدي الى غرق هؤلاء الموظفين في ظل الظروف القاهرة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني اللاجئ في كافة أماكن تواجده.
بات جليا أن الأزمة المالية المفتعلة للأونروا، لم تعد مقنعة بكونها سببا لخلق الأزمات الكبيرة التي لا تلبث تصنعها إدارة الاونروا مع الموظفين واللاجئين، بكل ما تخلف هذه الأزمات من معاناة للاجئين من نقصٍ في الخدمات، سواء التعليميّة أو الصحيّة أو الاغاثية الغذائية، او حتى على صعيد التوظيف.
وللتعرف على أبعاد نزاع العمل الذي أعلنته اتحادات الموظفين مع الاونروا، اطللنا على مطالب اتحاد الموظفين في الأونروا، التي اتضح أنها مطالب غاية في الوضوح والبساطة، وتتمثل في:
– إلغاء الاجازة الاستثنائية بدون راتب والتي تلوّح بها إدارة الوكالة في كل أزمة مالية.
– توفير رواتب 28 ألف موظّف كي لا تترك الموظفين المثقلين بالهموم والالتزامات في مهب ريح الحاجة بلا رواتب.
– دفع العلاوة السنويّة قبل نهاية العام الحالي وبأثر رجعي لكافة الموظفين كحق مكتسب من أجل تحقيق العدالة.
– تثبيت كافة العاملين على نظام “المياومة” أو العقود المؤقّتة في جميع الوظائف وفي كافة المناطق إلى نظام التثبيت على فئة (A).
– وقف إلغاء الوظائف حيث تم الغاء آلاف الوظائف خلال الفترة الماضية.
عدم استجابة الأونروا لهذه المطالبة المحقة ستكون له ابعاد سياسية وأمنية واجتماعية وصحية على حياة اللاجئين كما على الدول المضيفة التي ستتعرض حتما لحالة من الإرباك لا يريدها أحد، على سبيل المثال:
– دفع مئات آلاف الطلاب والطالبات إلى الشوارع، بكل ما لذلك من أبعاد اجتماعية وأمنية.
– تهديد صحة وحياة الاف المرضى من اللاجئين الذين يعتمدون في تلقي علاجهم على الخدمات الصحية التي تقدمها الاونروا على ضعفها.
– تهديد الأمن الغذائي لملايين اللاجئين الذين باتوا يعتمدون في ظل الازمات التي تحيط بهم على الأونروا في تأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم.
وعليه فان تقدير الموقف المحيط بهذا النزاع، يقول بأن الأونروا لن تستطيع الاستمرار في فرض شروطها المجحفة بحق موظفيها، نظرا لما سيخلفه ذلك من أبعاد على الدول المضيفة، الأمر الذي سيدفع الجميع وعلى رأسها الدول المانحة وبشكل عاجل لسد العجز في موازنة الأونروا، لحرص الجميع على ألا يشكل ملايين اللاجئون الفلسطينيون تهديدا للسلم والأمن الذي يحرص عليه الكيان الصهيوني، لتمرير مخططاته بالتطبيع مع المحيط والإسلامي لتبدوا دولة طبيعية في المنطقة.
حسنا فعلت اتحادات موظفي الأونروا بمنح إدارة الوكالة مهلة لتلقي ردٍ خطّي مع مطلع هذا الأسبوع حول كل هذه المطالب، وذلك بعد أن انتهت مهلة الشهر التي بدأت فور انتهاء مؤتمر عمّان الأخير، حيث قررت الاتحادات أن تكون مدّة نزاع العمل 21 يوماً كبادرة حسن نية من طرفها لإفساح المجال أمام إدارة وكالة “أونروا” للاستجابة لكافة المطالب الخاصة بالموظفين بدءاً من الأوّل من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
وننصح من خلال موقعنا اتحادات موظفي الأونروا أن توجه خلال هذه الفترة رسائل إلى للأمين العام للأمم المتحدة، وإلى الدول المانحة، وإلى دوائر الشؤون الفلسطينيّة واللاجئين في الحكومات والدول المضيفة، ووزراء خارجيتها، لوضعهم في صورة إجراءات الأونروا التصعيدية، والمخاطر المحتملة لحالة عدم الاستقرار في صفوف الموظفين على عموم اللاجئين في المنطقة.
ويسود الاعتقاد ان نزاع العمل بين اتحادات الموظفين والأونروا، سينتهي بتلبية مطالبهم، نظرا لعدم قدرة جميع الأطراف على تحمل المخاطر المحتملة على أمن واستقرار المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى