أحدث الأخبارايرانشؤون امريكيةمحور المقاومة

هزيمة الاستكبار العالمي في المنطقة

مجلة تحليلات العصر - صلاح الدين المصري

منذ عقود خمسة فهمت الإمبريالية أنّ الإسلام هو أكبر طاقة ثابتة و قادرة على تحريك الشعوب الإسلامية بمختلف قومياتها، و قد اعترف الكثير من الجنرالات المحتلين من الفرنسيين و الأيطاليين و الإنجليز أن القرآن الكريم انتصر عليهم في الجزائر و ليبيا و العراق،
فبدؤوا رحلة جديدة في محاولة مختلفة لاجل توظيف الطاقات المعنوية العظيمة في الاسلام،طاقات التضحية و الإيثار و الكرامة و الانتماء الى الامة الاسلامية و الانتصار ضد الظلم و الشهادة،
و لعل أول مخبر كبير تمت تجربة فيه هذه النظرية هي مقاومة الاحتلال السوفيتي لافغانستان،
فقد كانت المصلحة الامريكية و الغربية في دعم المجاهدين الأفغان و انزال هزيمة كبيرة بالسوفيات،فتم التعاون بين المخابرات الإمبريالية و النظام السعودي و الباكستاني، لدعم فصائل الجهاد الافغاني و تسهيل انشطتهم و تدريبهم و و تقديم مختلف أشكال الدعم، المادي و العسكري و الإعلامي و بلغ هذا التعاون مستوى اللقاء بين بعض قيادات المجاهدين و الرئيس الأمريكي رونالد ريغان،( تجدون رابط اللقاء في اول تعليق) ،
و حققت الخطة نجاحات كبيرة في مستويات مختلفة :
–1– استنزاف الأعداء ، سواء كان الاتحاد السوفيتي او الصين او غيرهم،
2- التشويش الكبير على الثورة الاسلامية في ايران التي رفعت شعار الاسلام المحمدي الأصيل باعتباره الإطار الطبيعي لحركة الأمة الإسلامية و الفضاء الحضاري الذي يمكنها أن تعبر عن ذاتها و مشروعها العالمي ضمنه،
—مرارة الهزيمة الأمريكية الصهيونية
شهدت ساحة الأمة الإسلامية أحداثا مفصلية في مواجهة الإمبريالية و الصهيونية،لعل أهمها في العقود الأربع الأخيرة:
– انتصار الثورة الاسلامية في ايران،و خاصة قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني و تسليم سفارته في طهران لتصبح سفارة لدولة فلسطين،بعد أسبوع من انتصار الثورة، و احتلال وكر الجاسوسية الامريكية من طرف طلبة خط الامام في 4 نوفمبر 79 ثم قطع العلاقات نهائيا مع الأمريكان،
— انتصار المقاومة الاسلامية في لبنان ضد المحتل الصهيوني سنة 2000،و تحرير الجنوب، و كان لهذا النصر أثر مادي و معنوي كبير بين العرب خاصة،لأنه لم يحرر أرض الجنوب الصغيرة فقط و انما حرر النفسية العربية المهزومة أمام الجيش الصهيوني،و امام القوة الصهيونية،و تم استكمال الصورة النهائية لهذا النصر بعد ستة سنوات فقط في حرب 2006،
و يدرك العدو الصهيوني و الأمريكي العلاقة الوثيقة بين الانتصارين،
لذلك تعمق لديه الوعي و القرار بأنه اذا لم تدارك الضربتين فان الثالثة ستكون في قلب فلسطين،و ستسقط القلعة التي بناها جميع الشركاء،
و على كل متابع أن يدرك حجم الضربات الموجعة التي تلقّاها المحتلون من حركات المقاومة المختلفة في ايران و لبنان و فلسطين إلى حدود 2000،وكانت المرارة و الأحزان كبيرة جدا على وجوه قادة الاحتلال،
و لأجل ذلك فإننا نعتبر أن مواجهة الثورة الإسلامية و المقاومة الإسلامية أصبحت أولوية قصوى في مشاريع الأمريكان و الصهيونية،
—-من عنوان الجهاد إلى الإرهاب
إن ماحدث طيلة العقدين الماضيين كان تطبيقا جديدا و تعديلا لتجربة افغانستان للتأقلم مع العدو الجديد الذي واجهه الصهاينة،
فعندما كان يسهل وصف العدو السوفييتي بالملحد و الكافر،فقد تم الاكتفاء بالانتماء الإسلامي الجهادي،
و عندما واجه الصهاينة عدوا مقاوما إسلاميا ذا خلفية شيعية فإن المشروع اقتضى تصعيد تيارات دينية إرهابية تكفيرية،
و بفعل خطط متشعبة و تمويلات خيالية و برمجيات مختلفة في العالم الجديد اللامتناهي ( مواقع أكترونية و فضاء التواصل الاجتماعي ) تم تحويل المجاهدين الى إرهابيين منتشرين في الأمة الإسلامية،و تم تعديل الاهداف الكبرى المناطة بعهدتهم،فصارت :
-1- المساهمة في نشر الفوضى الخلّاقة،وهي السياسة التي أعلنت عنها الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2003 إبان احتلال العراق،
–2 المساهمة في تقسيم الدولة الوطنية،من اجل بناء دويلات جديدة على قاعدة طائفية و عرقية و مناطقية،مشروع سايكس الجديد،
–3-المساهمة في إسقاط محور المقاومة الذي بات عقدة حقيقية تهدد الامريكان و الصهاينة،
-4– التخريب الممنهج لكل مظاهر الحضارة و المدنية في الأمة الإسلامية،
-5- نشر اليأس و الإحباط و العجز وسط شعوب الأمة الإسلامية ،
-6- القضاء نهائيا على أي أمل في استعادة المبادرة و توحيد الأوطان و بناء القوة و تحقيق السلام و التقدم،
و عمل برنامج الاستكبار العالمي على تحويل العداء الكبير داخل الأمة الإسلامية ليبتعد تدريجيا عن الكيان الصهيوني و يتجه نحو خصوم جدد،فأصبحت قسمة النواصب و الروافض هي ذات الأولوية، و تصدرت اهتمامات شباب الأمة الإسلامية قضايا التاريخ و مشاكل التاريخ و صراعات الماضي،و تركوا جغرافيا الحاضر للعدو الصهيوني يعبث بها كما يشاء،و توجد قنوات كثيرة عملت على ذلك بين جميع مكونات الأمة الإسلامية،

الشهداء صنعوا النصر مجددا
ان العزم و التضحيات الجسام التي قدمها محور الأمة و المقاومة، طيلة العشرية الماضية،أسقط جميع مشاريع العدو الصهيوني و الأمريكي،
فلم يتم تقسيم العراق و لم ينجحوا في إسقاط سوريا،و لم يحاصروا المقاومة في لبنان،
لقد كانت دماء الشهداء،سببا في انقلاب السحر على الساحر ،
و تحول الجبّ الذي حفره الاستكبار العالمي ليُوقِع فيه يوسف،إلى منصة لتتويج الأمة الإسلامية،
أنجز محور الأمة و المقاومة انتصارات متتالية بعضها مادي،وكثير منها معنوي و رمزي،
و يمكن ان نعدد بعضها و أعظمها في مقاربتي على المستوى العالمي:
1– بروز محور المقاومة في مستوى الواقع السياسي و العسكري،من القدس إلى طهران،مرورا ببيروت و دمشق و بغداد و صنعاء، ثم بدأ يتحول إلى محور الامة الاسلامية كلها بعد خيانات ملوك الخليج،و تم تثبيت المعركة الكبرى في الأمة كلها،عدو صهيوني و امريكي و أدوات من العصابات الإرهابية و الملوك الخونة.
2– بروز بُعد جديد في محور المقاومة،فهو يحمل راية المقاومة ضد الأداة الوظيفية المتمثلة في الإرهاب التكفيري المتخلف، إضافة إلى راية المواجهة الكبرى مع العدو الصهيوني، إن محور المقاومة و الأمة هو المؤتمن على السلام الداخلي في الأوطان و بين المختلفين من أبناء الوطن،وكانت صورة رجال المقاومة الاسلامية وهم يدافعون عن الكنائس شديدة البلاغة في ذلك،فهم فعلا و صدقا عشاق للناس جميعا،و بركة حقيقية على الناس جميعا،
3– صعود النماذج الأخلاقية العالية في التعامل مع المدنيين و تقديم التضحيات العظيمة لحماية المدنيين،إلى درجة ان محور المقاومة يقدّم الحالفلات للإرهابيين في سبيل تحرير المدنيين،وهذه مفخرة عظيمة للأمة الإسلامية جمعاء،كيف نقاتل بخلق و ننتصر مع حفظ الأخلاق،بل كان رجال الله يعملون على الحوار مع الإرهابيين الذين تمّ تضليلهم و يدعونهم الى ترك السلاح و التراجع عن العدوان و الظلم،
4— انتصار الاسلام المحمدي ضد الصورة الإرهابية التي حاول العدو أن يروجها عن الاسلام الغاضب و الإسلام الوهابي او كما يسميه الامام الخميني ” الإسلام الأمريكي “،لقد كانت وسائل الإعلام الغربية تتعمد تسمية داعش بعنوان ” تنظيم الدولة الإسلامية ” حتى يثبت في ذهن العالم كله ان الإسلام هو دين الذبح و القتل و التخلف و التوحش،و حاولوا بكل الوسائل ان يحاصروا صورة العالم ذي العمامة،الفقيه المقاوم العقلاني قائد الانتصارات،
انتصر الإسلام المحمدي،المعروف بروح السلم و التعاون و الاخوة الانسانية و العدالة و مقاومة الاحتلال و الظالمين و الخير للناس جميعا،
5– و جاءت الجريمة الجبانة الحمقاء الأخيرة في حق الشهيد العالم المسلم فخري زاده لتعلن معها عن معلم جديد لهذا النصر الإلهي،ان محور الأمة و المقاومة هو عنوان التقدم العلمي في زماننا،و العدو الصهيوني و الأمريكي لا يريد لأمتنا أن تكسب معركة العلم و التكنولوجيا، انهم يخرّبون بيوتهم بأيديهم،اعترفوا بذلك بعد استشهاد السيد عباس الموسوي،حيث وهب الله للمقاومة قائدا جديدا بعده فاق توقعات الجميع، و لم يكن يوما في تاريخ الشعوب أنها تنهزم في المعارك بسبب ما تقدمه من شهداء،بل العكس هو الصحيح، إن الشهداء أحياء وهم العامل الأكبر للنصر،
إن جميع الشعوب الإسلامية تتحمل مسؤولية كاملة أمام الله و التاريخ،فالانتصارات كانت للأمة كلها و للانسانية، و تحققت بفضل تضحيات جسام و أنهار من دماء الشهداء، و الوعي بهذه الانتصارات الإلهية شرط ضروري لحفظها و استكمالها،
بسم الله الرحمان الرحيم ” و يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله “

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى