أحدث الأخبارلبنانمحور المقاومة

هكذا تتم المحافظة على سيادة الدولة

مجلة تحليلات العصر - عدنان علامه

لقد صعّد المسؤولون الأمريكيون لهجة خطابهم تجاه لبنان، ووصلت بهم الوقاحة والتدخل السافر إلى التهديد المباشر في الشؤون اللبنانية؛ والتحريض ضد أحد المكونات الوازنة من مكونات التركيبة اللبنانية. وللأسف لم نسمع أي كلمة من المسؤولين اللبنانيين مثل إستدعاء للسفيرة الأمريكية للإحتجاج على هذه التصريحات والتهديدات مما دفع الإدارة الأمريكية إلى تلتمادي أكثر فأكثر في الشأن الداخلي اللبناني حتى وصل الأمر بالإدارة الأمريكية إلى رعاية إنقلاب صريح من خلال دفع حوالي 10 مليارات دولار لتغيير الواقع الداخلي اللبناني.

وقد استدعت لجنة خاصة في الكونغرس السفير الأمريكي السابق في لبنان جيفري فيلتمان للإستماع إلى شهادته. فأعلن أمام مجلس اللجنة الخاصة في مجلس الشيوخ بتاريخ 8 حزيران/يونيو 2010، أن واشنطن أنفقت نصف مليار دولار لتشويه صورة حزب الله. كما هدد لبنان مباشرة وبشكل مافياوي وقح بقوله ” على لبنان الإختيار بين الفقر الدائَم أو الإزدهار المحتمل إذا لم تنصاع الحكومة للإرادة الأمريكية” . وبالتالي فإن إنفجار المرفأ أو تفجيره بشكل يبدو وكأنه حادث عرضي يصب في تنفيذ خطة ” الفقر الدائم”.

َوقد تدخلت الإدارة الأمريكية في سرقة الحراك اللبناني وحرفه عن مساره المطلبي الشعبي المحق. فكلًفت رئيسِ الجامعة الأمريكية د. فضلو خوري بالمهمة. فقام بتاريخ 26 تشرين أول/ أكتوبر 2019 بإعطاء الأوامر الإنقلابية وذلك من خلال توجيه المتظاهرينَ في وسطِ بيروت قائلاً لهم : “سترَوْنَ محاولاتٍ لزعزعتكم، لتوقيفِ حراكِكم، وانتم تتعاملون معَ اناسٍ لديهم خبرةٌ طويلةٌ في الحساباتِ السياسية” . وأضاف : “عليكم البقاءُ في الاعلى وأن تَحمُوا بعضَكم البعضَ وأن تَحموا الكاميراتِ وروحَ هذه التظاهراتِ التي يجبُ ان تكونَ طويلةَ الامد.”

وانتشرَ على مواقعِ التواصل الاجتماعي مقطعُ فيديو تمَ تصويرُه خلالَ توجيهِه خطابٍ باللغةِ الانكليزية في مبنى سينما “غومون بالاس” البيضاوية يدعو الى تشكيلِ حكومةٍ موازيةٍ للحكومة الحالية واحتلالِ وظائفِ الدولة. ومع هذا الدليل الجرمي وتجاوز د. فضلو لصلاحياته فإن الأجهزة الأمنية لم تتحرك للتحقيق معه. فالموضوع ليس موضوع حرية رأي بل إنها مؤامرة دنئية لتنفيذ إنقلاب علني وصريح .
والطامة الكبرى كانت في تجاوز السفيرة لمهامها فبدأت تحرض ضد حزب الله وقامت بزيارة كافة رؤساء الأجهزة الأمنية الذين لم يضعوا حداً لها بضرورة مراجعة وزارة الخارجية. وقد حملت شيا في مقابلة مع قناة الحدث السعودية من بيروت، تم بثّها يوم الجمعة بتاريخ 26/06/2020 بشدة على حزب الله. وقالت إن بلادها “تشعر بقلق كبير حيال دور حزب الله المصنف منظمة إرهابية”. واتهمت الحزب بأنّه “حال دون إجراء بعض الإصلاحات الإقتصادية التي يحتاج اليها الاقتصاد اللبناني إلى حد بعيد”.

وبتاريخ 28.06.2020 إستدعت وزارة الخارجية السفيرة الأمريكية الاثنين، وسط جدال حاد على قرار أصدره قاضٍ على خلفية منع نشر تصريحاتها بشأن حزب الله على كافة وسائل الإعلام اللبنانية لأنها تحريضية وتهدد السلم الأهلي. وبدلا من توجيه التنبيه والتحذير للسفيرة التي تجاوزت صلاحياتها؛ فقد استدعى بتاريخ 30حزيران/يونيو 2020 مجلس القضاء الأعلى في لبنان القاضي محمد مازح لاستيضاح حيثيات قراره بمنع وسائل الإعلام من إستصراح السفيرة الأميركية بطريقة غير لائقة بتوزيعه خبر الإستدعاء على وسائل الإعلام. فما كان من قاضي الأمور المستعجلة محمد مازح إلا إعلان إستقالته من منصبه.

*ولم تتوقف التدخلات الأمريكية الإنقلابية عند هذا الحد. فقد تجاهل ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي لقاءات مسؤولين لبنانيين بارزين على جدول أعماله ، وقد وصل إلى بيروت الأربعاء 02/09/2020 والتقى خلال زيارته ممثلين عن المجتمع المدني اللبناني وذلك لتأنيبهم في عدم النجاح في مهامهم. حيث تم صرف عدة مليارات من الدولارات دون تحقيق الإنقلاب المخطط له. طبعاً لم تتحرك الخارجية اللبنانية باستدعاء شينكر لإستيضاحه. بل حضر مجدداً إلى لبنان بتاريخ الثلاثاء 13 أكتوبر 2020 للمشاركة في إطلاق مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، المقررة الأربعاء في الناقورة.

إن أدنى مقومات السيادة تلزم إستدعاء أي شخص مهما علا شأنه يهدد الأمن والسلم الأهلي. وتجاهل المسؤولين اللبنانين لهذه التجاوزات شجع الإدارة الأمريكية على المضي في مشاريعها الإنقلابية متناسين أن كافة اللبنانيين على مركب واحد ومن يحاول أن يخرق المركب فعليه أن يفكر ملياً بأن المركب سيغرق بمن فيه.

وفي دليل آخر على التحريض الأمريكي في مناطق أخرى؛ فلا يمكن لأي محلل سياسي أن يتوقع تصرفات ترامب وخاصة في الإسبوع الأخير قبل موعد الإنتخابات الرئاسية في أمريكا. فإنه ضغط ولا يزال بكل ما أوتي من قوة لجر السودان إلى التطبيع في هذه الفترة الحرجة. وتجري محادثات مكثفة بعيداً عن الإعلام لجر عُمان خلال الإسبوع وقد يبتز ترامب محمد بن سلمان فيأمره بالتطبيع بالرغم من أن السعوديه غير جاهزة لذلك مقابل “إنقاذه لمؤخرة بن سلمان في قضية مقتل خاشقجي” حسب لوحة إعلانية عملاقة في أمريكا.
ونجد أن بعض الدول الخليجية قد تخلًت عن سيادتها حي ابتزها ترامب قائلاً “عليكم أن تدفعوا مقابل حمايتكم. لولا أمريكارلما بقيت عروشكم إسبوعاً واحداً.

وبدون سابق إنذار تدخل ترامب بشكل سافر ووقح على خط الأزمة بين إثيوبيا ومصر وأدلى تصريحاً نارياً : “سينتهي بهم الأمر إلى تفجير السدّ. قلتها وأقولها بصوت عالٍ وواضح: سيُفجّرون هذا السدّ. وعليهم أن يفعلوا شيئا”. واعتبرته إثيوبيا تحريضاً على الحرب؛ وسيكون ترامب المستفيد الوحيد في حال إتدلعت الحرب بين الدولتين نتيجة صفقات السلاح مع كليهما بسبب العلاقات الامريكية الجيدة مع الدولتين.

وقد اتّهمت إثيوبيا ترامب “بتحريضه على حرب ضدها”، واستدعى وزير الخارجية الإثيوبي غيدو أندارغاتشو السفير الأمريكي لدى أديس أبابا مايكل رينور، وطالبه بتوضيح تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة حول السد الذي يثير توتراً كبيراً بين إثيوبيا وجارتيها مصر والسودان على خلفية النزاع القائم حول ملء وتشغيل السد العملاق، والذي تعتبره مصر “خطرا وجوديا”.

وجاء في بيان أصدره وزير الخارجية الإثيوبي عقب لقائه السفير الأمريكي أن “تحريض رئيس أمريكي ممارس لمهامه على الحرب بين إثيوبيا ومصر لا يعكس الشراكة الطويلة الأمد والتحالف الاستراتيجي بين إثيوبيا والولايات المتحدة، وليس مقبولا بنظر القوانين الدولية الراعية للعلاقات مع الولايات المتحدة”.

فعلى المسؤولين اللبنانيين وغيرهم أخذ العبر من إثيوبيا في كيفية الحفاظ على السيادة.

وإن غداً لناظره قريب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى