أحدث الأخبارشؤون امريكية

هل العلاقات الأميركية الإسرائيلية تتغيّر؟

مجلة تحليلات العصر الدولية - جان بو شعيا

طرحت المواقف الأميركية بقيادة الرئيس جو بايدن اسئلة محورية حول حاضر ومستقبل العلاقات الأميركية الاسرائيلية، واعادت تموضع سياسة واشنطن في قلب الصراع لجهة العودة الى القانون الدولي المتعلق بالقدس والأراضي المُحتلة. فبعد سلسلة الإتصالات التي أجراها الرئيس جو بايدن مع أسرائيل والرئيس محمود عباس والقاهرة وعمّان والدوحة وغيرهم، لنزع فتيل العنف، أدان سيد البيت الأبيض الهجمات الصاروخية التي قال إن :” حماس ومجموعات إرهابية أخرى” تشننها وشدّد على تشجيع مسار يقود إلى استعادة الهدوء في المنطقة بشكل مستدام مذكرا بالوضع القانوني للقدس وأراضي الضفة . كما أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن كان قد أعرب عن اعتقاده بأن :” على إسرائيل واجبًا إضافيًا يتمثل في بذل كل ما في وسعها لتفادي سقوط ضحايا مدنيين حتى لو كان لها الحق في الدفاع عن نفسها، وأن صور مقتل الأطفال الفلسطينيين كانت مفجعة” كذلك أكدت مصادر إسرائيلية أن واشنطن أوضحت للإسرائيليين أنها لا تريد تصعيد الأمور إلى حرب شاملة.

لعل هذه المواقف الأميركية هي التي دفعت البعض الى الاعتقاد بأن واشنطن تحاول ان تحافظ على مسافة معقولة من إسرائيل بغية لعب دور الوسيط، وأن ذلك قد يُنجح وساطة نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الإسرائيلية-الفلسطينية هادي عمر. مع ذلك لا يعلّق المراقبون آمالاً كبيرة على هذه الجهود لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط، في خلال الأمد القصير، وذلك لأسباب كثيرة أهمها المستقبل السياسي المعلّق، حتى إشعار آخر، لكل من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو، وهو ما يمنعهما من الشروع في مفاوضات حقيقية ومثمرة.

ولكي نفهم أكثر هذه المسافة التي تتوسع بين إدارة بايدن وإسرائيل بعد الاندماج الكامل بين أدارة دونالد ترامب ونتنياهو، يمكن سرد المواقف التالية:

– أولاً، يطفو على السطح تغيّرٌ واضحٌ للخطاب العام للإدارة الأميركية الحالية مقارنة بخطاب إدارة ترامب، حيث قال مسؤولو إدارة بايدن إن الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية هي أراض محتلة، ثم قالوا أيضًا، وهو الأهم، إن القدس لا زالت تحظى بوضع غير محسوم، بمعنى أنهم أنهوا إعلان ترامب بأن القدس أصبحت عاصمة أبدية وموحّدة لدولة إسرائيل. حتى ولو أن بايدن نفسه قال سابقا إنه لن يعيد السفارة الأميركية من القدس الى تل أبيب.

– ثانيًا، يبرز تخاطب مباشر بين الإدارة الأميركية والإدارة الفلسطينية، ذلك أن اتصالاً جرى بين بلينكن وعباس تضمّن رسالة من الأول.

– ثالثًا، هناك اتصالات دائمة بين كبار المسؤولين الأميركيين ونطرائهم في السلطة الفلسطينية.

– رابعًا، هناك الآن مبعوث أميركي جديد سيزور المنطقة بهدف التواصل مع الطرفين إلى تهدئة، ولو مؤقتة، لحين التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار أطول أمدًا بين الإسرائيليين غزّة.

ما بات مؤكدًا اليوم أن الحرب انتقلت إلى الداخل الإسرائيلي وهو أمر حديث وجديد على إسرائيل. ويضاف إليها مسألة في غاية الأهمية ألا وهي اللعنة المسمّاة بالصراع العربي الإسرائيلي التي طاردت عشرة رؤساء أميركيين على مدى السنوات السبعين الماضية، وها هي تطارد اليوم بايدن.لكن على عكس السنوات التي خلت يبرز اليوم تيار يساري متنامي القوة داخل الحزب الديموقراطي الأميركي الذي يدعو الرئيس الأميركي، منذ أربعة أيام، إلى اتخاذ مواقف أكثر تشددًا ضد الغارات الإسرائيلية التي تدمّر وتقتل في غزّة وتحدّ من حرية الناس من ممارسة العبادة في المسجد الأقصى، وتحاول إفراغ نحو 30 منزلاً مقدسيًا في حي الشيخ جرّاح.

على الصعيد الخارجي أيضًا، ونظرًا لخوضه مفاوضات الملف النووي الايراني، لا يريد بايدن أن يسمح لإسرائيل، التي تُعتبر من أشدّ المناوئين للعودة إلى الاتفاق النووي مع طهران، عرقة العودة الى هذا الاتفاق بمغامرات موازية. وهو يعتقد بأن الاتفاق يحمي اسرائيل أكثر من عدمه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى