أحدث الأخبارلبنانمحور المقاومة

هل تضع الاحزاب السياسية المناوئة لحزب الله بطرك الموارنة واجهة لحملة تصعيد جديدة ضد الحزب على خلفية رفضه تدويل الازمة اللبنانية.. دعاة السيادة والاستقلال والمجاهرين برفض التدخل الاجنبي اكثر المتحمسين للتدويل.. والمفتي قبلان يؤكد ان سيادة البلد ليست صيحة موضة.. هل وصل لبنان لسؤال المصير؟

مجلة تحليلات العصر الدولية - كمال خلف

دعوة البطريرك الراعي لعقد مؤتمر دولي حول الوضع في لبنان باتت محطة جديدة للسجال الداخلي في لبنان، والتصعيد الاضافي ضد حزب الله من البوابة المارونية في بكركي هذه المرة، خاصة ان الامين العام لحزب الله حسن نصر الله رفض بشكل قاطع وحاسم دعوات تدويل الازمة في لبنان، وحيث بات كل موقف سياسي طبيعي لحزب الله تجاه القضايا الداخلية يوصف ويوضع من قبل خصومه في خانة التهدديد والاستقواء بالسلاح، فان رفض حزب الله التدويل لم يشذ عن القاعد في خطاب خصوم الحزب باعتباره تهديدا موجها لرمز الموارنة البطرك مار بشارة بطرس الراعي، على الرغم من ان “التيار الوطني الحر” المسيحي الماروني وهو تيار رئيس الجمهورية يشاطر حزب الله الموقف الرافض للتدويل.
ودعا البطرك الراعي إلى مؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية منظّمة الأمم المتّحدة من أجل إعادة إحياء لبنان عبر تحصين وثيقة الوفاق الوطنيّ وتطبيقها نصًّا وروحًا وتصحيح الثغرات الظاهرة في الدستور المعدّل على أساسها سنة 1990، أمّا الهدف الأساسي والوحيد فهو تمكين الدولة اللبنانيّة من أن تستعيد حياتها وحيويّتها وهويّتها وحيادها الإيجابي وعدم الإنحياز، ودورها كعامل إستقرار في المنطقة حسب كلام الراعي.
وحسب المعطيات فان التصعيد المقبل خلال الايام القادمة من قبل خصوم حزب الله سيتخذ عنوان التضامن مع بكركي وتاييد دعوة الراعي في وجهة حزب الله، لكن السؤال المهم في هذا المشهد هل يقبل بطريارك الموارنة برمزيته الروحية ان تضعة الاحزاب السياسية واجهة في هذه المرة لحملتها المستمرة على حزب الله في كل مناسبة بعناوين مختلفة حسب المرحلة، من اتهامه بانفجار المرفا الى اتهامه باغتيال لقمان سليم، وصولا الى اتهامه بتهديد بكركي على خلفية موقف سياسي مبدئي للحزب يرفض التدخل االدولي وتدويل ازمة لبنان ويحذر من انها ستكون كارثة على اللبنانيين استنادا الى تجارب التدويل في الدول العربية وغير العربية والتي افضت الى تقاسم مصالح القوى الكبرى على حساب الشعوب و مصالحها.
المفارقة في المشهد الداخلي اللبناني المنقسم ان دعاة السيادة والاستقلال والمجاهرين برفض التدخل الاجنبي في لبنان هم اكثر المنظرين والمؤيدين لفكرة تدويل الازمة في البلاد. وهنا يظهر هذا الخطاب بحقيقة جوهره المتحمس لتدخل قوى دولية وتحديدا الولايات المتحدة ودول خليجية لقلب ميزان القوى المحلية في لبنان لصالحهم، بالمقابل تسويق خطاب حصرية السيادة والاستقلال اللبناني بمواقف حزب الله السياسية باعتبارها تعبيرا عن مصالح ايران وسورية.
وفي هذا السياق رأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن “الدعوة الى عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة من أجل إنقاذ لبنان كما يدعى إنما هو إجهاز بشدة على صيغة لبنان، فسيادة لبنان ليست صيحة موضة، ساعة نشاء نلبسها وساعة نشاء نخلعها”.
وقال قبلان “التدويل سبب أزمة لبنان، منذ نشأته كان وما يزال بارود محرقته منذ الحرب الاهلية، والفراغ الحكومي سببه شهية بعض الديناصورات الدولية ووكلائها ليس أكثر ولا أقل، ولذلك لا نريد لهذا البلد مزيدا من حرائق الإعلام وجوقاته الموظفة على التحريض والاكاذيب”.
ولفت الى أن “لبنان خاض أكبر معارك المنطقة من أجل حماية قراره السياسي وسيادته الوطنية وعيشه المشترك وسلمه الأهلي، ولن يفرط بهذه السيادة أبدا”.
وشدد على أن “قصة وصاية ورعاية ولجان دولية ومؤتمرات وتدويل وفصل سابع وضغط وصندوق تمويل دولي وتسول على لبنان ليست إلا دعوة مقصودة أو غير مقصودة الى احتلال لبنان وتصفية سيادته فضلا عن إغراقه بالتوطين والكانتونات الجهنمية”.
وحذر قبلان من “بعض الجوقات التي تصر على لعب دور لارسن وميليس وساترفيلد وفيلتمان وشينكر والتي لا ترى لبنان إلا بعين تل أبيب ونسخة 1559، وليعلم البعض أن سيادة الأوطان ثمنها دماء وتضحيات ونضال وكفاح وشراكة شعب نهل منها لبنان طويلا ليبقى سيدا حرا مستقلا”.
التدويل والمؤتمر الدولي ودعوات حياد لبنان تزيد من حالة الانقسام وترفع نوعية ووتيرة السجال الداخلي، يقابلها دعوات لمؤتمر تاسيسي دون الاستعانة بقوى اجنبية، واعطاء اولوية لاصلاح الوضع الداخلي والاسراع بتشكيل حكومة. هو انقسام ليس طاريء على الحياة السياسية اللبنانية، ولكنه ظهرته بشكل اوضح وصول لبنان الى سؤال المصير بعد انسداد افق الحياة السياسية وتعطل مؤسسات الدولة لتطرح في الشارع اللبناني اسئلة اعمق عن بنية النظام السياسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى