محور المقاومة

هل سيتجه الغرب الرأسمالي نحو الاشتراكية بعد «كورونا ؟

مجلة تحليلات العصر الافتراضية

دمشق – هلال عون

هل سيتم تعزيز القطاع العام السوري اكثر .. ؟

هل لاحظنا نحن السوريين أن شركات التأمين الصحي – التي تقتص جزءا من رواتبنا الشهرية منذ انشائها ايام السياسة الاقتصادية « الدردرية » (نسبة إلى عبدالله الدردري ، رئيس هيئة تخطيط الدولة حتى العام 2003 ونائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية من 2006 – 2011 ) – هل لاحظنا أن شركات التأمين الصحي الخاصة غائبة تماما عن المشهد الصحي ، وعن أي دور وطني أو إنساني أو أخلاقي لها في زمن وباء كورونا ؟

وهل لاحظنا أن وزارتَي الصحة والتعليم العالي بجميع مشافيهما وكوادرهما الطبية على امتداد جغرافيا الوطن هما الجهتان اللتان تتحملان مسؤولية مراقبة ومتابعة ووقاية وعلاج صحة المواطن السوري ، وحمايته من جائحة كورونا بالتعاون مع بقية مؤسسات الدولة كوزارتَي الصناعة والداخلية .. الخ ؟!

هل انتبهنا إلى هذا الواقع الآن .. هل فكرنا ماذا يعني ذلك ؟!
إن ذلك يعني أن القطاع العام هو وحده الذي يُقدّم صحة المواطن والحفاظ على حياته على الربحية المادية .
ويعني أن الشركات الخاصة الربحية ستتخلى عنه وستتركه لمصيره ، حتى لو كان مصيره هو الموت المحتّم ، مقابل الحفاظ على راسمالها ، وعدم خسارتها ماديا .

لقد تم انشاء تلك الشركات الخدمية وأمثالها عندما كانت سياسة الحكومة السورية تتجه الى رسم ملامح هوية جديدة للاقتصاد السوري ، اطلقوا عليها «الاقتصاد الاجتماعي» ، بينما في الواقع كانت التسمية الأصح هو السوق الحر .

يبدو أن الخطة كانت تتجه نحو خصخصة معظم ، إن لم نقل كل مؤسسات القطاع العام ، والانتهاء من كل ما يربط النظام الاقتصادي السوري بالاشتراكية .

ويتذكر معظمنا كيف كان يتم طرح مقترحات خصخصة قطاعات الكهرباء والاتصالات ومياه الشرب وحتى الخدمات البلدية من نظافة وغيرها ، بل ، وحتى اقترح البعض خصخصة قطاع النفط .

ولكن القيادة السياسية أوقفت ذلك التوجه عند حدود معينة ، وابقت على معظم مؤسسات القطاع العام ، التي استطاعت – رغم بيروقراطيتها وضعف ادارتها ، والفساد الكبير المتفشي في معظمها – اسطاعت أن تكون الداعم والمساند الأقوى للدولة بجيشها وشعبها في مواجهة الحرب الارهابية علينا لمدة تسع سنوات .
بينما نعلم جميعنا أن عددا كبيرا من شركات و أموال القطاع الخاص ، وما إن بدأت الحرب حتى غادرت حدود الوطن الذي جمعت منه ثرواتها .
طبعا هذه ليست دعوة الى العودة لمفهوم النظام الاقتصادي الاشتراكي بمفهومه الايديولوجي ، خاصة بعد ان غادرت الصين ذلك المفهوم الايديولوجي واستقرت على نظام اقتصادي فعال وناجح جدا ، حافظ على القطاع العام وطوّره ولم يخصخصه ، وساعد القطاع الخاص ، وبخاصة المشاريع الصناعية والزراعية الصغيرة والمتوسطة .
بل إن الهدف هو البحث عن هوية واضحة المعالم لشكل الاقتصاد السوري ، تحفظ قوة القطاع العام وتدعم القطاعين الزراعي والصناعي ، وخاصة المشاريع الصناعية والحرفية الصغيرة والمتوسطة ، خاصة أننا بدأنا نسمع احزابا وشخصيات سياسية وفكرية وثقافية في الغرب الراسمالي تطالب بتطبيق النظام الاشتراكي ،و بالعودة إلى تمكين القطاع العام بعد الفشل المذهل للغرب الراسمالي الصناعي الغني في مواجهة وباء كورونا ، وبعد افتضاح هشاشة النظام الصحي هناك .
و على سبيل المثال ، قال بيرني ساندرز ، المرشح الديمقراطي المحتمل لانتخابات الرئاسة الأميركية : « إنه كان يمكن احتواء الفيروس بسهولة أكبر لو كان لدى الولايات المتحدة نظام تأمين صحي للجميع ، تغطيه جهة واحدة » .
وانتقد نظام الرعاية الصحية الذي تديره الشركات باعتباره يفاقم تهديد الوباء .

وأشار بعض المفكرين والكتّاب إلى أن الوباء وما أحدثه كشف عن الظلم والتفاوتات الشديدة في النظام الاقتصادي والاجتماعي ، مما يؤكد الحاجة إلى ثورة مجتمعية والاتجاه نحو مزيد من الديمقراطية الاشتراكية .
فقد شبّه الكاتب الأميركي دان مكلوغين ، في مقال بمجلة “ناشونال ريفيو”، التدخل الحكومي الحالي من خلال الحوافز المالية لدعم الاقتصاد ، بـ ” رجل الإطفاء وليس بالاشتراكية “.
وأوضح أن ” رجل الاطفاء يغادر موقعه سريعا ، بينما جوهر الرؤية التقدمية الاشتراكية للحكومة هو أن رجال الإطفاء لا يغادرون أبداً ” .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى