أحدث الأخبارالعراقشؤون امريكيةمحور المقاومة

هل سيخرج العراق من البند السادس اذا خرجت امريكا من العراق والشرق الاوسط

مجلة تحليلات العصر الدولية - ابراهيم المهاجر

العراق يبقى بدون سيادة ما لم يخرج من البند السادس من بنود الامم المتحدة. لقد
كان إخراج العراق من بند من بنود الامم المتحدة وإبقائه في بند آخر جريمة سياسية لم تكن لولا التلاقح بين التآمر الاقليمي الخارجي والداخلي العراقي، مع كارثة الأمية السياسية للوزارة العراقية التي كانت تدير الدولة وخصوصاً خارجيتها أيام اخراج العراق من البند السابع. دولة القانون هي من كانت تبحث عن مجد تغطي به الكثير من جهلها السياسي. لم تكن تعلم على مايبدو كوارث ما بعد الخروج من البند السابع والبقاء في البند السادس. الخارجية العراقية التي كانت وقتذاك بيد المكون الكردي، الذين كان جلّ هدفهم ولايزال هو كوردستان قوي وحكومة مركز ضعيفة تنساق لإرادة القادة الكرد. إبقاء العراق تحت البند السادس هو بقائه بلد منقوص السيادة لا يمكن له التحرك سياسياً او السير في خطوة ستراتجية دون موافقة الأمم المتحدة او القوة العظمى المحتلة له (امريكا)، رغم ان البند السادس يخص الديون بين العراق والكويت والارشيف الكويتي والمفقودين. لقد توهمت الكتلة السياسية المسيطرة انذاك التي تدير ماكنة الدولة (كتلة دولة القانون) بجناحيها الفاسدين السياسي والإداري ان خروج العراق من البند السابع وبقائه في البند السادس من بنود الامم المتحدة هو انجاز سياسي تاريخي نال به العراق استقلاله واصبح كامل السيادة في اتخاذ قراراته حاله حال اية دولة أخرى في العالم. خروج العراق من البند السابع لم يكن الا دعاية اعلامية استثمرها بنجاح الممتهنين للسياسة حديثا. فهي (دولة القانون) لم تلتفت الى داخل مكونها السياسي الذي بات اسطبلا لاحصنة اكبر بكثير من حصان طروادة تعمل تعمل من داخلها لصالح دول عالمية واقليمية.

بعد ١٠ سنوات من خروجها من العراق خرجت امريكا من افغانستان بشكل فوضوي مخلفة ورائها ملايين الاطنان من المعدات والاسلحة وافغانستان كامل السيادة وان كان ينقصه تشكيل الحكومة التي تدير مفاصل الدولة، لان أفغانستان لم يكن تحت بند من بنود الامم المتحدة حين احتلته امريكا عام ٢٠٠١. الخروج الامريكي بالشكل الذي يصفه السياسيون الأمريكيون بالمذل يعنى ان الأوان قد حان لامريكا ان تركن عصاها الغليظة بدون جزرة في زاوية من زوايا نادي القوى العظمى لتدخل كقوة كبيرة متقاعدة في بيت القوى الكبرى ثم لتتأهل بعد ذلك للجلوس في دار القوى العجوز لتنتهي بين صفحات التاريخ يكتب عنها المؤرخون. الاسلوب الذي فيه تركت أمريكا افغانستان جعل وزير الدفاع البريطاني بن والاس يصرح أنه لم يعد من الممكن اعتبار الولايات المتحدة قوة عظمى، قائلا: ” القوة العظمى غير المستعدة للالتزام بشيء ما قد لا تكون على الأرجح قوة عظمى”.وأضاف: “إنها بالتأكيد ليست قوة عالمية عظمى، إنها باتت مجرد قوة كبيرة”. كان خروج الاتحاد السوفياتي من أفغانستان بنفس الأسلوب عام ١٩٨٩ حوله ايضا من قوة عظمى الى قوة كبيرة وصل به الحال تعذر دفع رواتب الجيش الاحمر. المعسكر الغربي بقيادة امريكا علم ان المعسكر الشيوعي بقيادة روسيا في اضعف حالات فعرف كيف يفككه الى دويلات خردة عاجزة عن إشباع شعوبها.

أمريكا بعد الخروج من أفغانستان لمحت انها سوف تترك منطقة الشرق الاوسط ايضا للتركيز على مواجهة تمدد قوة الصين الصاعدة تجاريا وعسكريا. كذلك فإن امريكا اذا ارادت الخروج من منطقة الشرق فعليها متعلقات لابد من معالجتها او ايجاد البديل لها قبل الانسحاب منه. اولها أمن اسرائيل الذي يعد اساس تدخلها في الشرق الاوسط. ثم تأتي ثانويات الالتزامات وهي الحفاظ على الكيانات العربية في المنطقة، الموالية لها، والالتزام السياسي والخلقي تجاه البلد المحتل وهو العراق الذي ربما لايعلم جل شارعه ان قانون الامم المتحدة يقر ان الولايات المتحدة الامريكية دولة محتلة حتى وان خرجت منه. فحين دخلت العراق عام 2003 كانت دولة عظمى دائمة العضوية في الامم المتحدة. وطالما ان العراق تحت بند من بنود الامم المتحدة، وهو البند السادس، فلا يمكن اعتباره بلد كامل السيادة ما لم يخرج منه. بالنسبة لامريكا باستطاعتها الخروج من العراق في أي وقت تشاء ومن دون قانون يشرعه البرلمان العراقي. ولكن هذا القانون العراقي المشرع لايعفيها امام الامم المتحدة من ان لا تكون القوة المحتلة التي اليها ترجع الامم المتحدة ومجلس الامن في كل صغيرة وكبيرة بشأن العراق. قبل ايام صرح رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ان كل عائدات النفط الذي يبيعه العراق تذهب إلى امريكا لأنها الدولة المحتلة والعراق البلد المحتل الخاضع للبند السادس، وما يصرف على الميزانية ما هو الا بمثابة صدقات نطلبها من الولايات لتغطية النفقات. الذي يرجى ان تكون الكتل السياسية العراقية تعي معنى وجود العراق تحت البند السادس. خروج العراق من هذا البند اهم من خروج امريكا منه. والذي يُخشى منه على العراق هو وجود احصنة طروادة داخل دواوين الكتل السياسية التي من صالحها البقاء الامريكي وبقاء العراق تحت البند السادس. والسؤال اذا خرجت امريكا من العراق والشرق الاوسط هل سيخرج العراق من البند السادس ليكون دولة ذات سيادة كاملة على ارضه، ام سيبقى العراق تحت هذا البند من بنود الامم المتحدة؟، ليكون البند السادس مسمار جحا الامريكي الذي تدخل من خلاله الى العراق لمنع بنائه ونهضته من جديد وتدخل الى الشرق الاوسط للهيمنة على سياسته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى