أحدث الأخبارفلسطين

هل غزة على أبواب عدوان صهيوني…؟

مجلة تحليلات العصر الدولية

بقلم/ د. حسام الدجني

ما هو شكل العدوان الذي ازدادت مؤشراته مؤخراً…؟ هل هو عدوان مفتوح، لا خطوط حمر فيه، كما حصل في عام 2014…؟ أم عدوان محدود (زوبعة في فنجان) تكون قواعد الاشتباك معروفة لكافة الأطراف وتنتهي بعد أيام قليلة بعد تدخل الوسطاء.

في تقديري وحسب المدخلات للأطراف المقررة (إسرائيل – المقااومة الفلسطينية) فإن سيناريو المواجهة المفتوحة بعيد كل البعد في هذا التوقيت، وربما تتزايد فرص سيناريو التصعيد المحدود لو اعتمدنا فقط على المدخلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لصانع القرار في إسرائيل وقطاع غزة، إلا أن المحدد الميداني قد يقلب الطاولة ويأخذ الأمور تجاه سيناريو المواجهة المفتوحة، وسأسرد في هذا المقال مدخلات صانع القرار في إسرائيل وصانع القرار لدى المقاااومة الفلسطينية، ثم نحدد إلى أين الأمور تسير…؟

أولاً: سيناريو المواجهة المفتوحة لدى صانع القرار في إسرائيل.
مدخلات رئيسة في صناعة القرار تساهم في معرفة توجهات إسرائيل خلال الفترة المقبلة:
1. تاريخ 25/8/2020 الموعد النهائي لإقرار الميزانية وعليه فإن جلسة اليوم الاثنين تحدد مستقبل الحكومة وإلى أين يسير نتانياهو فإن كان التوجه نحو الانتخابات المبكرة فالسياق التاريخي يقول أن ثلاثة جولات انتخابية لم يفكر نتانياهو بسيناريو الحرب كمدخل لتحقيق فوز بالانتخابات، وفي كل مرة كان يقدم نتانياهو التفاهمات على العدوان، وفي حال تم اقرار الموازنة واستقرت الحكومة فإن الرغبة في احتواء الموقف والتفرغ لمسار التطبيع أكبر بكثير من الدخول في مواجهة تحرج الحلفاء الجدد بالإضافة لمعطيات أخرى في هذا المقال.
2. جدل بين وزارة المعارف الصهيونية وبين وزارة الصحة حول بدء العام الدراسي في موعده أم تأجيله نتيجة كورونا.
3. عجلة التطبيع التي تدور بشكل سريع، وتوقيع اتفاق التحالف بين الامارات وإسرائيل.
4. استنزاف منطقة غلاف غزة نتيجة البالونات كتحدي لرئيس للحكومة نتانياهو ووزير دفاعه غانتس ولقائد المنطقة الجنوبية الجديد الجنرال نمرود ألوني.
5. انفجار مرفأ بيروت وحالة التفاعل التي تصب في صالح اسرائيل حول جدوى سلاح حزب_ الله.
6. الانتخابات الامريكية في نوفمبر المقبل.
7. فايروس كورونا في إسرائيل ومدى جهوزية الجبهة الداخلية للتعاطي مع حرب وكورونا في آن واحد.
8. الخشية في حال اتخذ قرار الحرب على غزة أن يتحقق ما يلي:

ا. انتقال المعارك لمناطق غير غزة كالضفة الغربية مثلاً.
ب. خسائر بشرية كبيرة في الطرفين لا تحتملها تل أبيب.
ج. توجه السلطة الفلسطينية لمحكمة الجنايات الدولية.
د. انعكاس الحرب خارجياً على أنظمة سياسية صديقة وحليفة لإسرائيل.
ذ. سقوط غزة وانهيار حماس ما يدفع اسرائيل مضطرة لحكم قطاع غزة وهذا مستحيل أن تقبله إسرائيل ومتيقظه له مصر والسلطة.
ر. حجم المفاجآت العسكرية التي تحملها الفصائل الفلسطينية.

وفقاً للمعطيات السابقة فإن سيناريو المواجهة المفتوحة ما زال بعيداً في هذه اللحظات إلا إذا حدث تطور ميداني يتجاوز المقبول من طرف حكومة نتانياهو. فما سيدفع نتانياهو للمواجهة ثلاثة أشياء وهي:
• الحراك الشعبي المتزايد لمطالبته بالاستقالة على خلفية قضايا فساد.
• البالونات الحارقة واستراتيجية الاستنزاف التي ينتهجها الشباب الفلسطيني في منطقة غلاف غزة يصاحبها بعض التنقيط لقذاائف محلية هنا وهناك.
• استعادة الردع.
ما سبق ممكن تحقيقه في مواجهة محدودة (المعركة بين الحروب) أو بالعودة للتفاهمات، وحتى لا يقع نتانياهو في شرك مواجهة محدودة فيحدث تطور ميداني يدفع الجميع نحو المواجهة المفتوحة التي لا يريدها أحد، فإن سيناريو الدفع للتفاهمات مع تعزيزها قليلاً بما يخفف من الحصار ودون أن يحقق مكاسب كبرى لحماs على قاعدة مقاربة غانتس/ الحصار مقابل الجنوود المأسورين لدى حماs.

ثانياً: سيناريو المواجهة المفتوحة لدى المقاومة الفلسطينية.
حصار قطاع غزة عنصر ضغط على المقااومة لاستخدام كل ما بيدها من أجل كسره، فلم يعد الواقع المعاش يحتمل، وعليه فإن المقااومة معنية بتحريك ملف الحصار وخياراتها تنحصر في:
1. استنزاف طويل لمنطقة غلاف غزة من خلال الأدوات الخشنة.
2. مواجهة عسكرية محدودة أو مفتوحة، في تقديري المقاومة تعمل على تجنب هذا السيناريو، لكن تعاطي الاحتلال مع البالون كصاروخ من شأنه أن يدفع المقاومة للرد – كما جاء في بيان الغرفة المشتركة- وعليه تتدحرج الأمور نحو المواجهة (المحدد الميداني).
3. القبول بالواقع الراهن وهذا السيناريو أصبح الأضعف في ظل زيادة في مؤشرات الفقر والبطالة وغيرها من الأزمات.

الخلاصة: المشهد في قطاع غزة يتأرجح بين سيناريو المواجهة المحدودة وبين عودة العمل بالتفاهمات، وإصرار حماs على مطلب كسر الحصار بالكامل قد يعزز من توجه الذهاب نحو صفقة تبادل للأسرى كبديل عن مواجهة محدودة تسبق قبول بعض مطالب حماs، فإن تعذر إبرام صفقة تبادل، سنكون على موعد مع مواجهة محدودة.
ورغم أن ما سبق مرجح إلا أن سيناريو المواجهة المفتوحة يبقى مرتبط بالتطورات على الأرض، ولا أستبعد أن تلعب الأطراف الاقليمية والدولية وظروف موضوعية ذاتية بتعزيز سيناريو بقاء الواقع على ما هو عليه لا سيما مع الإعلان عن زيارة مرتقبة للسفير القطري محمد العمادي لغزة خلال الأسبوع الجاري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى