أحدث الأخبارفلسطينمحور المقاومة

هل فوتنا اشعال انتفاضة ثالثة

مجلة تحليلات العصر الدولية - عماد عفانة

يعلم الجميع أن انتفاضة الحجارة انطلقت 1987 انتصارا لدماء الأبرياء التي سفكت تحت عجلات شاحنة للعدو.
وغني عن القول أن انتفاضة الأقصى انطلقت 2000 انتصارا لطهر المسجد الأقصى الذي دنسه الإرهابي شارون.
أي أن الشعب الفلسطيني تبلغ ذروة غضبه لدرجة إطلاق شرارة انتفاضة لسببين:
الأول انتصارا لدماء أبناء شعبنا الابي إذا سفكت بطريقة مثيرة للمشاعر.
الثاني انتصارا للمقدسات التي يثير تدنيسها المشاعر بشكل فطري.
لكن يشترط ان تشهد البيئة شحنا وتعبئة واحتقان كبير للشعب ولمشاعره الوطنية والدينية تمام كما حدث قبيل الانتفاضتين السابقين.
فهل البيئة السائدة اليوم تلبي شروط إطلاق شرارة انتفاضة ثالثة!!
بالتأكيد الشروط متوفرة وبزيادة، فحجم القتل والتشريد، والهدم والتهويد، والتدنيس والمصادرة، والاعتداء على حرمة البشر والحجر تعدت المسجد الأقصى وباحاته إلى الحرم الابراهيمي في مدينة خليل الرحمن، التي دنس حرمها الشريف بالأمس رئيس كيان العدو هرتسوغ في مشهد مثير لمشاعر الغضب والأسى، لكن رغم كل ذلك لم تندلع انتفاضةّ!!.
فهل العدو كان يمنحنا بتدنيس هرتسوغ للحرم الابراهيمي فرصة إطلاق انتفاضة شعبية ثالثة، أما ما زال في مرحلة الشحن والتعبئة!
عدونا ليس غبيا، ويقرأ صورة المشهد بعناية فائقة، ويرى ما نرى، ويتوقع سلوكنا، ويرسم خططه بناء على هذه الدراسات والاستقراءات.
فهل العدو هو من يرغب بإشعال شرارة انتفاضة جديدة!!
معلوم أن السلطة ولدت من رحم انتفاضة الحجارة، فكان الوليد الذي قتل أمه.
ومعروف أن العدو قضى على رمز السلطة أبو عمار بعد انتفاضة الأقصى، لكنه لم يقضي على السلطة- رغم أنه كان يستطيع- لأنه مهمتها -كونها جسرا لإتمام ابتلاع الأرض وتهويد المقدسات وتهجير البشر وقمع وملاحقة المقاومة- ربما لم تكن قد انتهت بعد.
أما اليوم فهل انتهت مهمة السلطة، وحان موعد عملية التهجير الكبير لأهلنا في القدس والضفة المحتلة، بعد أن أكمل العدو بناء جدرانه وأطواقه وسلاسل مغتصابته، وأحكم الطوق على مفاصل الشوارع والمدن والقرى.
وبعد أن صنع العدو بيئة إقليمية وعربية، وفتح قصور الحكم من الخليج الى المحيط، بيئة مهيأة لتأييد جرائمه، والصمت عن اعتداءاته ومجازره، بيئة تبرر توسع احتلاله وسيطرته، بيئة جاهزة لتحميل الضحايا وزر الجريمة، بيئة مهيئة لاستقبال المهجرين الجدد، لكن ربما دون انشاء وكالة غوث جديدة لتسكين أوجاعهم وتخدير مشاعرهم.
لم تكن لتندلع معركة سيف القدس2021، لو انطلقت انتفاضة شعبية تدافع عن طهر المسجد الأقصى من تدنيس المغتصبين، وعن حقوق المهددين بالهدم والطرد في حي الشيخ جراح وفي احياء القدس الأخرى.
لا يرغب العدو باندلاع مواجهة عسكرية أخرى مع غزة، دفاعا عن الشعب أو المقدسات في القدس والضفة، لأن كل معركة جديدة مع غزة يخسر العدو فيها من هيبته من شرعيته من صورته الأخلاقية الزائفة.
لكن ربما يرغب العدو، وبعد أن يكبل غزة بالإنفراجة الاقتصادية وبالمنحة القطرية، وبتصاريح عشرات الاف العمال، وبتوسيع ادخال البضائع عبر المعابر، ربما يرغب بإطلاق شرارة انتفاضة شعبية في الضفة لاستخدامها كرأس جسر، لإنهاء صلاحية السلطة التي اكتمل افلاسها وطنيا وشعبيا وأمنيا وحتى اقتصاديا، لصالح اطلاق عملية قمع وتهجير واسعة تحقق له حلمه التوراتي في الضفة التي يقدسها أكثر من مدن الساحل يافا وحيفا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى