أحدث الأخبارمصر

هل ما زالت مصر أم الدنيا!؟

المحامي حسن مطر
العصر-طالعتنا وسائل الإعلام المصرية والعربية بدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي بمناسبة (افطار الأسرة المصرية) قبل حلول عيد الفطر هذا العام بأيام ثلاثة لبدء حوار وطني تشارك فيه كل القوى المصرية حول هدف محدد،/أولويات العمل الوطني في المرحلة المقبلة في ضوء التغيرات الدولية والأقليمية/ على أن تقدم اقتراحات وتوصيات المتحاورين إلى الرئيس لاتخاذ مايلزم للتطبيق .

غمرتني الفرحة باعلى درجاتها لهذه الدعوة الميمونة شأن كل عربي يدرك أن سلامة الأمة العربية وأمنها ودورها وبقاءها تتأتى من مصر اولا فهي التي كانت عبر تاريخها وشعبها المجيدين مركز الثقل والثقة وهذه ثابتة من ثوابت الأمة. وهناك رؤيتان للمتحاورين ،هل هذه الدعوة تمهد لمرحلة جديدة من البناء الديمقراطي الغائب أصلا عن غالبية النظم العربية ملكية ، وجمهورية، وامارات بهدف تصحيح اختلالات سياسية ووطنية وشعبية قائمة أم هي مسعى لاحتواء أزمات متعددة الجوانب؟
بكل الاحوال هذا شأن لمصر وشعبها لكن في زمن سابق كانت مصر ونأمل أن تعود شأن تعيشه كل الشعوب العربية كما لنا الأمل والرجاء أن تعمل الدول العربية وأنظمة الحكم فيها المأزومة مع نفسها ومع مواطنيها ذات الخطوة والمسعى للإنقاذ الفعلي قبل فوات الأوان.
وفي حقيقة الأمور أنا والمواطنون العرب المنتمون إلى بلاد عربية عدة حسبما رسمها الاستعمار لنا واصبحنا حراسا لحدودها ففي قلوبنا جراح كبيرة وفي عقولنا توهان ،وحيرة يلامسان الضياع لحال دولنا وأنظمتها الطائفية والمذهبية حاليا وفقدان بوصلة معرفة العدو من الصديق والكرامة من المذلة.


أعود لمصر جوهر الموضوع وللتذكير فقط،مصر على امتداد تاريخها منذ فتحها العرب بقيادة القائد العربي المسلم عمرو بن العاص بزمن أعظم قادة العرب المسلمين الخليفة عمر بن الخطاب الذي فتح الله على يديه امبراطوريات عظمى فانقذها من عبادة الأصنام والنار والشعوذات إلى عبادة الله ودينه الاسلام الحنيف .وفي العصر الحديث نستذكر مصر في عهد محمد علي باشا الجندي الالباني المسلم الذي أولاه شعب مصر عام1805قيادة بلاده وجعلها بلدا عصرية حديثة بامتياز علما وثقافة بإرسال بعثات من رجال مصر إلى اوروبا منهم الشيخ محمد عبدو والأديب الكبير طه حسين معجزة مصر البشرية الذي رغم فقدانه بصره وهو صغير تراه حقق معجزة علمية هائله والعشرات من أمثالهما في كل ميادين الحياة الحديثة وخاصة في انشاء قوة دفاعية هائلة بوجه التسلط العثماني بعد انحراف السلطنة عن المبادئ السامية وجعل حكم مصر وراثيا لأولاده وآخرهم الملك فاروق الذي أطاحت به وبأسرته ثورة 23/تموز يوليو 1952 التي قادها الزعيم العربي جمال عبد الناصر واعاد حكم البلاد لأهلها المصريين وعادت مصر أم الدنيا من جديد وأم كل المصريين وأم كل العرب ولدول وشعوب كثيرة في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية وقائدها هو أحد أبرز قادة دول الحياد الإيجابي وعدم الانحياز واحدى أهم الدول المتطلعة الى الحرية والاستقلال من ربقة الاستعمار القديم والجديد وكان انتصار مصر على العدوان الثلاثي البريطاني والفرنسي والإسرائيلي العام 1956 إيذانا لمعارك الاستقلال الوطني لدى شعوب آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، سجل طويل حافل بالإنجازات لمصر وشعبها بناء المصانع والسد العالي والجامعات التي فتحت أبوابها وقدمت العلم والثقافة والادب والفن والصحافة لشعوب العالم الثالث وتوجت مصر كما كانت عبر تاريخها المجيد وعن حق ام الدنيا وكانت الشعوب العربية تفرح لكل إنجاز مصري وهو كثير تعتبره إنجازا لها ولدول العرب،مصر وعلاقاتهاالعربية العربية .. في التاريخ القديم وحدة التلاقي وتوحيد القيادة بين مصر وسوريا بقيادة القائد التاريخي صلاح الدين الايوبي تحرر بيت المقدس والمقدسات المسيحية والإسلامية في القدس وكل فلسطين من الغزاة الافرنجة الذين حملوا زورا وبهتانا إشارة الصليب تحقيقا لاطماعهم بثروات الشرق الغني ،وفي التاريخ الحديث بوحدة مصر وسوريا السياسية قامت الجمهورية العربية المتحدة العام 1958 بإقليميها الشمالي والجنوبي كدولة كبرى تحمي ولا تبدد تشد أزر الاخ والصديق وترد كيد وغزوات المعتدين وتقاوم الأحلاف الاستعمارية كحلف بغداد وحلف الدفاع عن الشرق الأوسط,وفجر الشعب العراقي البطل ثورته العربية الرائدة في14تموز العام 1958،وتعاظم نضال الشعب الجزائري البطل وحققت ثورته الرائدة التي عرفت بثورة المليون شهيد وحققت استقلال الجزائر العام 1962بعد استعمار فرنسي دام 130/عاما، ولبنان الذي انفرد بعلاقات تاريخية بعيدة منذ زمن الفراعنة والفينيقيين . وقريبا في العصر الحديث فتشاركا في بناء ثقافة وعلوم وفن وصحافة فأسس آل تقلا أهم جريدة عربية بمصر هي الاهرام الذائعة الصيت والانتشار حتى الآن بدول عربية وعالمية وفي المسرح والفن والسينما والأدب منها مسرح نجيب الريحاني وصالة بديعة مصابني وطرب الفنانتين الكبيرتين سعاد محمد ونجاح سلام وعشرات الممثلين والممثلات إضافة إلى مساهمات الرواد السوريين أهمهم اسمهان وفريد الاطرش ودورهما في عالم الفن والغناء العربي الأصيل الذي مازال يحتل عربيا المكانة الأولى والزمن الجميل رغم مرور السنين ،وظلت مصر القيادة الرائدة وأرض الكنانة وهي التي اختصها الله بكتابه القرآن الكريم بسورة يوسف عليه السلام بقوله تعالى: ( أدخلوا مصر إن شاء الله آمنين،)وظلت مصر أم الدنيا والحديث يطول في هذا المجال الواسع.



ان دعوة السيد الرئيس السيسي للحوار الوطني ندعو الله النجاح للهدف المنشود الذي يعيد مصر لموقعها ودورها ولطبيعتها وخصائصها وهذه الدعوة الحوارية السياسية نستحضر بها ونذكر انعقاد المؤتمر الوطني للقوى الشعبية الذي دعا إليه وقاده الزعيم الخالد بتجربته الثورية العربية جمال عبد الناصر وأصدره بوثيقة(الميثاق)بتاريخ 21/أيار1962.وتضمن عشرة ابواب بالعناوبن التالية:
مكتفيا بها منعا للاطالة،.
1/نظرة عامة،عن الثورة وتغيير حياة الشعب تغييرا أساسيا وعميقا.
2/في ضرورة الثورة, وهي الطريق الذي يستطيع النضال العربي أن يعبر عليه من الماضي إلى المستقبل.
3/جذور النضال المصري ،ان مصر بالذات لم تعش حياتها في عزلة عن المنطقة المحيطة بها. وانما تؤثر فيما حولها وتتاثر به كما يتفاعل الجزء مع الكل،
4/دروس النكسة،ما بين ثورة1919,إلى ما قبل يوم قيام ثورة يوليو تموز 1952.
5/عن الديمقراطية السليمة، أن الديمقراطية هي الترجمة الصحيحة لتكون الثورة عملا شعبيا،وهي توكيد السيادة للشعب والثورة تقاس بمدى شعبيتها ومدى تقدميتها.
6/في حتمية الحل الأشتراكي، بدعامتيه من الكفاية والعدل ،هي طريق الحرية الاجتماعية.
7/الإنتاج والمجتمع،ان الإنسان العربي قد استعاد حقه في صنع حياته بالثورة،ومضى إلى غير رجعة ذلك الزمن الذي كان مصير الأمة وشعوبها وأفرادها يتقرر في العواصم الأجنبية على موائد المؤتمرات الدولية أو في قصور الرجعية المتحالفة مع الأستعمار أن الإنتاج هو المقياس الحقيقي للقوة الذاتية العربية.
8/مع التطبيق الاشتراكي ومشاكله أن العمل الانساني الخلاق هو الوسيلة الوحيدة أمام المجتمع لكي يحقق أهدافه وهو المفتاح الوحيد للتقدم.
9/الوحدةالعربية يكفي أن الأمة العربية تملك وحدة اللغة التي تصنع وحدة الفكر والعقل وتملك وحدة التاريخ التي تصنع وحدة الضمير والوجدان وتملك وحدة الامل التي تصنع وحدة المستقبل والمصير.
10/السياسة الخارجية هي انعكاس أمين وصادق للعمل الوطني وتقوم على ثلاثة خيوط:
أ، الحرب ضد الاستعمار والسيطرة ومحاربته في كل أوكاره
ب ،العمل من أجل السلام.
ج،التعاون الدولي من أجل الرخاء،
وبعد كل ما تقدم، ستبقى مصر في قلوب وعقول أمة العرب هي أم الدنيا، لكن المطلوب عند حكامها العودة بمصر الى دورها الطبيعي وموقعها الرائد ولتاريخ شعبها العظيم، والى إحياء التفاعل بالدوائر الثلاث التي رسمها جمال عبد الناصر في ما كتبه في فلسفة الثورة، /الدائرة العربية ووحدة الأمة/،والتضامن الآسيوي الأفريقي ،/والعالم الاسلامي بالجامعة الاسلامية.


حرام ان تنعزل مصر عن قضايا أمتها العربية ودولها وشعوبها وتركها لافشاء الطوائفيات والمذهبيات والتدخلات الأجنبية تحت ذريعة ملء الفراغ الذي أحدثته مصر بسبب اتفاقية الخزي و العار كمب ديفيد وزحف دول عربية التطبيع مع العدو الصهيوني المحتل وحرام أن تتحول مصر إلى وسيط في الصراع العربي الصهيوني وتغيب عن دول وشعوب آسيا وأفريقيا وبهذه المواقف والمسؤوليات تبقى مصر أم الدنيا.

تحيا مصر وشعبها وتاريخها والنيل العظيم التي هي هبته ومصدر حياتها .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى