أحدث الأخبارايرانشؤون امريكيةمحور المقاومة

هل يفعلها ترامب في مهاجمة ايران؟

مجلة تحليلات العصر - محمد صالح صدقيان

عندما اتصل به هاتفيا للقائه، يعرف جيدا ان الاتصال ليس لله وانما من اجل قضية اريد معرفة خيوطها؛ خصوصا انه واقف على أهمية التطورات التي تجري في المنطقة وتداعياتها على ايران.

لم يسمح لي بالبقاء طويلا؛ إذ سألني ماذا في جعبتك اليوم؟ قلت سوف ابدأ من نهاية السطر.. قال إذن لنبدأ؛ هل تريد ان تسأل عن حقيقة التكهنات التي تتحدث عن رغبة الرئيس الاميركي دونالد ترامب بشن هجوم مباغت على ايران لخلط الاوراق على الرئيس المنتخب جو بايدن في منطقة الشرق الاوسط؟.

عندما طرح مضيفي وهو شخصية مهمة غير بعيدة عن مصدر القرار الايراني هذا السؤال ايقنت ان الايرانيين يعيشون التطورات بدقة وهم منهمكون في تقييم هذه التطورات لتقدير موقف؛ خصوصا بعد استقالة وزير الدفاع الاميركي جيمس ماتيس المفاجئة بعد الانتخابات الرئاسية؛ وحرص الاسرائيلي على تسويق معلومات تفيد بنية الرئيس ترامب شن هجوم على ايران خلال الـ 70 يوما الاخيرة من ولايته. دعم هذا التصور ما كتبته صحيفة نيويورك تايمز السبت الماضي بشأن عملية اغتيال القيادي في تنظيم القاعدة ابو محمد المصري في طهران على يد عناصر الموساد الاسرائيلي، التي ارادت في حقيقة الامر وضع ايران في دائرة الاتهام امام المجتمع الدولي؛ لتبرير الهجوم وكأنه قاب قوسين أو ادنى.

لم يمهلني كثيرا في الرد على سؤاله عندما قال دعني أقولها بصراحة؛ اذا كان الاميركي او الاسرائيلي لديهما القدرة على مهاجمة ايران، فانهما لن يتأخرا حتى لحظة؛ لكنهما يعلمان جيدا مخاطرها والضريبة الباهظة التي يجب دفعها، ولذلك – اضاف مضيفي – فإنهم لن يرتكبوا مثل هذه الحماقة؛ وان جميع المعلومات التي نمتلكها لا تتحدث عن امكانية القيام بهذه الخطوة. واستطرد مضيفي بعد ان نظر لساعته اشعارا منه بأن لديه موعداً: «لكن هذا لا يعني ان المؤسسة العسكرية الايرانية بشقيها الجيش والحرس الثوري لا تأخذ الامر بجدية وكأنه امر واقع»؛ مشيرا الى ان النظام في ايران من الانظمة المعدودة التي خاضت حرباً شاملة، لكنه بقي صامدا وبذلك يستطيع معالجة تداعيات أي هجوم محتمل استنادا الى تجاربه وامكاناته الردعية التي يمتلكها.

حاولت ألاّ أطيل عليه كثيرا بعدما تسلمت رسالته؛ إن بموقف بلاده من الهجوم، أو بالتزامه المسبق؛ لكني حاولت مراجعة اوراقي بشأن ماذا يمكن ان يحدث في الساعة الثانية من الهجوم إن حدث.

لن نجتهد كثيرا عندما نقول ان الولايات المتحدة تملك من القوة العسكرية بما فيه الكفاية، وهي غير بعيدة عن الاراضي الايرانية؛ ناهيك عن ان الاسرائيلي وغيره، دائما ما يضع جميع امكاناته في متناول القوات الاميركية كما فعل في حرب احتلال العراق، بل اكثر من ذلك سيجتهد في تقديم كل الدعم والمساندة التي تحتاج اليها هذه القوات من اجل انزال اقسى الضربات.

ومن الطبيعي ان الاهداف داخل الاراضي الايرانية محددة: منشآت نووية؛ مواقع الحرس الثوري؛ مواقع ستراتيجية. لكن وماذا بعد؟ عندما لا تكون هناك قوة برية تتحرك على الارض لاسقاط النظام؛ معنى ذلك ان الهدف يكون اجبار ايران على رفع الراية البيضاء والجلوس على طاولة مفاوضات على المقاسات الاميركية والاسرائيلية.

الايرانيون يقولون اذا كان الاميركي يستطيع اطلاق الطلقة الاولى فانه لن يتمكن من اطلاق الطلقة الاخيرة؛ بمعنى انه يستطيع شن الحرب لكن إنهاء الحرب لن يكون بيده. وهذا يعني تفعيل جميع مفاصل القوة الصاروخية التي تمتلكها ايران باتجاه الاهداف التي حددتها في المنطقة – كما تقول – من دون تمييز؛ بما في ذلك تلك التي في الداخل الاسرائيلي مستفيدة من القوة التي يملكها محور المقاومة المتوزعة في اماكن مختارة في المنطقة. وفي مثل هذه الحالة فان الحسابات لن تكون على مقاسات البيدر، وانما على مقاسات الحقل. لا اسرائيل تستطيع المقاومة اكثر من ايام ولا القوة الاميركية بوضع يسمح لها بحرب شاملة في المنطقة في الوقت الراهن؛ وبذلك ستضع الحرب اوزارها على حطام لن يستثني اماكن تواجد القواعد الاميركية ومصادر النيران.

وماذا بعد وهو الاهم؟ الايرانيون يقولون انهم لن يبقوا في الوكالة الدولية للطاقة الذرية لانها لن تحميهم، وهذا يعني انسحابهم من معاهدة حظر الانتشار النووي قبل ان يعملوا على اعادة بناء مفاعلاتهم النووية على قواعد جديدة تنسجم مع المعادلة التي تحكم ليس ايران فحسب وانما منطقة الشرق الاوسط الذي سيكون «جديدا» بمحوريتها وسط دعم شعبي داخلي مستمد من اثار الاعتداء.

هذا السيناريو ليس مبالغا فيه؛ بل انه اليقين الذي تحدث عنه مُضيفي عندما استبعد الحرب على بلاده «لان الاخر يعرف جيدا مخاطر اللعب بذيل الاسد».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى