أحدث الأخباراليمنمحور المقاومة

هل يقضي “القضاء” على ثورة 21 سبتمبر

مجلة تحليلات العصر الدولية - د.يوسف الحاضري

لا يمكن لاحد ان ينكر او يخفي عظمة ثورة ال21 من سبتمبر ونتائجها العظيمة والكبيرة والكثيرة التي تحققت خلال ال7سنوات والنصف منذ انتصارها على جميع المستويات رغم العدوان العالمي الذي سعى لاجهاضها في مهدها ، غير ان هناك ملفات عديدة مازالت شائكة وشائكة جدا ولعل أهمها ملف “القضاء” وهو أهم الملفات وأخطرها والذي يشكل خطرا حقيقيا على هذه الثورة العظيمة والتي يراهن العدو على استمرار اخفاقه لينتصر ولو في جانب من الجوانب.

 

أصدقكم القول انني بفضل الله لم أقرب من محكمة اطلاقا وان شاء الله يجعلني بعيدا عنهن خاصة في هذه المرحلة التي لو جمعنا 1000 شخص ذهب اليها فسنجد 999 يشكو منها ونادرا ما نجد من يشكرهم ما يعني ان من دخلها يجد نفسه في متاهات مخيفة ومفقرة وموجعة وممرضة لأصحاب الحق وللاسف يجد اصحاب الباطل مرجعية لهم ليستندوا على الدولة ليقتصوا حقوق الآخرين ، وهذا ما وصلني من كثير ممن اعرفهم والذين لم اعرفهم الا وهم في أروقة المحاكم والقضاء سنة بعد سنة وعقد بعد عقد ، نعم أعني ما اقول بقولي (عقد بعد عقد) ولأن الكثير منهم حملني مسئولية الانتصار لقضيتهم ضد القضاء الذي لم ينتصر لهم لليوم بعد سنين وسنين من الألم والإنفاق فقد قررت ان أكتب هذا المقال “معذرة الى ربك” لعل الله يحيي به قلوب أغلفت بالتلذذ بمعاناة الناس ويقتادون من حقوق الظالمين والمظلومين في آن واحد والله المستعان.

منذ ثورة 21 سبتمبر وحتى يومنا وجدنا تغييرات وتدويرات كثيرة في القضاء والنيابة العامة وبأستمرار من قبل القيادة في الدولة غير ان هذه التحركات لم تفد قضية التصحيح التي هو أهم أهداف الثورة في شيء ، ولولا تحركات شخصية وذاتية من قبل بعض القيادات الثورية للتصحيح او لتحريك الملفات المتحجرة في طبقات جغرافيا القضاء المنسي وحلحلة مشاكل كثيرة وكبيرة لكان الوضع اليوم أكثر سوء مما هو سيء في الأساس كما رأينا في موضوع الأمناء المزورين ومشاكل الثارات وغيرهما ، فأين تكمن المشكلة بالضبط؟

هل تكمن المشكلة مثلا في أن أغلبية القضاء والعاملين في هذا الجانب أثرت على نفسياتهم انقطاع الرواتب مثلا فسعوا للبحث عن مصدر رزق آخر من تحت ايدي الظالم والمظلوم معا ومن يدفع أكثر سيتم الإنحياز الى جانبه وعندما ينحاز اليه فإن القضية تبقى معلقة لانه لا يمكن ان يعطى من لا يستحق ما لا يملك ، فلو كان الامر كذلك فالوضع كان مأساويا اساسا حتى قبل العدوان ورواتبهم أكبر رواتب في الدولة عوضا عن أن من يجد في نفسيته تغير بسبب انقطاع الرواتب فعليه أن يترك القضاء ويبحث له عن مصدر رزق آخر فهو يعرف أي حرارة جهنمية يأكلها ان كان ما يأكل حرام او غير مستحقا لها خاصة وان بعض القرارات تجعل صاحب الحق يسعى لاخذ حقه بيده وبطريقة قد تؤدي الى تفاقم المشكلة وينتفي هنا (فقد جعلنا لوليه سلطانا) فيتحول الى (يسرف في القتل) .

هل تكمن المشكلة في الأساس حيث تم فتح مجال الدراسة في الشريعة والقانون ومراحل الدراسة ليكون الانسان قاضيا لكل من هب ودب دون ان يكون هناك معايير وشروط لكل من يحب ان يدخل هذا المجال ويجب ان تتوفر فيه ، لذا نجد عددا من اصحاب النفوس المريضة المادية الخبيثة تصبح مع الوقت قاضية وتحكم بين الناس وهي لا تخاف الله على الإطلاق وهذا بحد ذاته تحتاج لها لوقفة ووقفة جادة جدا .

هل السبب يكمن ان قيادة الثورة التي استطاعت ان تخلق أمنا بدل الامن الذي هرب او ترك مسئوليته وخلق جيشا بدل الجيش الذي أصبح جزء منه مرتزقا وجزء منه نايما في البيت واستطاع ان يحافظ على كثير من جوانب الدولة عجز عن جانب القضاء من منظور انه لا يستطيع ان يجعل قاضيا الا بشروط وقانون الدولة السابقة ويمر بمراحل عديدة حتى يقال له قاضيا فعجز لليوم عن انتاج البديل لذا نجده متحملا للحاصل على سوءه حتى يوفق الله ويتم أنتاج البديل ، فهذا سيعتبر قصورا في ثورة ال21 سبتمبر حيث وقد مر عليها 7اعوام وكنا خلالها أمكننا ان ننتج البديل الا لو كان ما تم انتاجه من بديل كان قد تماهى مع الباطل والظلمة فاصبحوا سواء للاسف الشديد .

هل السبب يا ترى الدروس الثقافية والدورات الثقافية والتذكير الذي يجب ان يكون كل انسان تحت نطاق التذكير ، فالذي اعرفه انه أقيمت دورات ثقافية عديدة لكثير منهم فهل وصلت نفوس الكثير منهم الى انها سواء عليهم أذكرتهم ام لم تذكرهم لن يصلحوا فهم لم يصلوا الى منصب القاضي لكي يحكم بين الناس بالعدل بل ليقتص من ثرواتهم ما يبني ثروته الشخصية كما كانت الثقافة المجتمعية السابقة التي اسست في نفوسنا فكرة اننا ندرس ونسعى لنحصل على درجة عالية في ثالث ثانوي كي ندخل تخصص جامعي يدر علينا ثروات بعد التخرج وتنتهي مسئوليتنا في الحياة !!

عندما يقول قاضي لاصحاب الحق انكم اصحاب حق ولكن عليا ضغوط كبيرة من هنا وهناك فماذا يعني ذلك ؟ هل يعني ذلك ان هناك شللية كبرى في هذا الجهاز الأهم على الاطلاق وهي من تدير الامور لذا تأتي ضغوطاتهم بنتايج او ان هناك ضغوط من قيادات عليا في الدولة ما يعني ان هناك خلل ايضا في القيادة الإدارية لانها مازالت تحمل العقلية السابقة التي ثار عليها الشعب في 21 سبتمبر ، أم ان الضغوطات عليه من الذين ليس لهم حق فأخافوه مثلا بالقتل فهذا يعني ان القاضي الذي يخاف الموت لا يجب ان يستمر في مكانه ، أم ان الضغوطات ترغيبية بمال كثير تسيل لها اللعاب فياحسرتاه على القضاة والقضاء ووضعه ! لماذا لم نجد نفسية السيد حسين الحوثي عندما قال له عفاش (عليا ضغوط من امريكا فأوقف صرختك) فقال له (وانا عليا ضغوط من الله) فأصبح شامخا عظيما واصبح عدوه ذليلا مهانا .

كثرت البرامج التلفزيوينة والمقالات والاطروحات حول هذا الامر ولكننا جل ما نجده تدويرات قضائية وتغييرات للكراسي كالتغييرات التي تحصل على رقعة الشطرنج هذا يتقدم وهذا يتأخر وتبقى المآسي كما هي عليه ، فأين تقييمات القيادة للعمل القضائي فلا يكفي ان نرى اجتماعا او زيارة للرئيس مع وزير العدل او القضاء الاعلى او النايب العام ويتم بثه في القنوات فهذا اجراء لا يقدم ولا يؤخر بل نريد اجتماعا للقيادات مع أصحاب الحقوق والمظلومين وبأستمرار والنزول بأنفسهم وأخذ ملفات الناس وحضور الجلسات والاستماع مع القضاء للمتشارعين ووضع الحلول السريعة فمن المعيب ان لا تحل كثير من الملفات الا لما تصل الى مكتب السيد سلام الله عليه فكثير من الناس لا يستطيعون الوصول بل من المعيب اشغال السيد بهذا الجانب وهو يظن ان لديه رجال دولة يخففون عليه هذه الملفات والجوانب .

لابد من دق ناقوس الخطر وان تتحرك القيادة بثورة حقيقية صادقة واسعة شاملة في هذا الجهاز دون ان يخشوا من احد لومة لائم ودون ان يبقوه في معرض المزايدات والمناقصات والمحاصصة فحقوق الشعب ليست للمحاصصة لان اهم اسس الحكم هو العدل ( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ) فأين نحن من هذا التحذير الشديد اللهجة لنبي من انبياءه فكيف بالبقية !

مقالي ليس تعميما لكل القضاة ولكنه لكل من أنطبق عليه هذا المقال وهم يعرفون انفسهم لكل قاضي فاسد يأكل الحرام بتلذذ وبنفسية خبثت وأغلفت وهو لكل قاضي خاف من الضغوطات البشرية ولم يخاف من ضغوطات الله عز وجل ولكل وقاضي جاهل لا يمتلك رؤية النظر للحق وأهل الحق وهو لكل قاضي يسيل لعابه سريعا لرزم الورق المالية وينسى انها ستكون نارا تشوي جلودهم وتقطع امعاءهم ، وهو لكل قاضي متكبر متعجرف مستحقر للناس ومقياسه لهم بما يمتلكونه من مناصب واموال وجاه ومنزلة ، ولكل قاضي يجد في تطويل القضايا مهنته ومهرته بغض النظر عما يعيشه الناس من حرمان ومآسي نتيجة لهذا التباطوء ، وهي لكل قاضي ينام على فراش اشتراه من نار جهنم وتغطى ببطانية أقتطعها من نار جهنم ويلبس ثيابا فصلها من حميم جهنم وامتلك سيارة صنعها من حديد جهنم ، هو لكل قاضي أسال دموعا مظلومة كثيرة من عيون رجال ونساء ليصنع ابتسامة على عيون ابناءه بسيارة جديدة او ببيت فاره ، وهي لكل قاضي ألبس زوجته اصناف الذهب والفضة بعد أن أقتطعها من حق امرأة اخرى ، وهو لكل قاضي سالت دماء بسببه ليرتشف نخب هذه الدماء ظلما وعدوانا بعد ان قصر وظلم ، هو لكل قاضي صنع لنفسه مكانه ومنزلة مجتمعية على حساب شتات وتفكك أسر كثيرة ، أما الذين ليسوا كذلك فهذا مقالي لا يستهدفهم على الإطلاق ونصيحتي لكل من يجد نفسه ضمن الاصناف اعلاها ان يتوب الى الله ويعيد حقوق الناس ولو يقتصها من جسده وجسد ابناءه وان يترك القضاء للابد عل وعسى يغفر الله له والا يستعرضوا عضلاتهم على كاتب هذا المقال بطريقة او بأخرى والله المستعان على ما يصفون .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى