أحدث الأخبارشمال أفريقيافلسطينمحور المقاومةمغرب

هنية في المغرب.. تحشيد شعوب وبعث أمة

مجلة تحليلات العصر الدولية - عماد عفانة

لم تكد حماس تعلن عن برنامج جولة زعيمها اسماعيل هنيه في عدد من الدول العربية والإسلامية لقطف ثمار معركة سيف القدس المشرفة
حتى بدأ الهجوم عليها وكأنهم كانوا يقفون على شعرة وينتظرون شارة البداية.
ولما كانت باكورة الجولة من المغرب وصفها المهاجمون بأنها هدية مجانية لمسار التطبيع ومُجانبة للصواب
وهو هجوم غير مفهوم الدوافع خاصة إذا أخذنا في الحسبان أن للمغرب وشعبها يد بيضاء في الرباط في مدينة القدس كما يشهد لسيف مجاهديها في الدفاع عن حرمة المسجد الأقصى المبارك
فلم يرى المهاجمون هذا الفضل للمغرب وشعبها الابي وعمق ارتباطهم بالأقصى وبفلسطين؛ ورأوا فقط المشهد الاخير الذي يغلب عليه عار التطبيع الذي يرفضه المغرب شعبا و احزابا وقوى حية.
قد يكون لهجومهم على حماس مبررا لو لم يكن قادة حماس بين أهلهم وأشقائهم المناضالين
او لو كانت اهداف الزيارة لا تسعى لتوسيع القاعدة المؤيدة و التضامنية في المغرب العربي مع المقاومة الفلسطينية الباسلة التي رفعت رأس الأمة في معركتها الأخيرة سيف القدس.
قد يكون منتقدوا حماس على حق لو لم حماس تسعى لترسيخ دعائم الرفض الشامل لمسيرة التطبيع والانبطاح
أو لو لم تكن الزيارة تصب في نهر من يعملون على مواجهة المدَّ التطبيعي، وتقليص نفوذه بين بعض مفاصل السلطة في المملكة المغربية وغيرها من الدول.
ربما كان منتقدوا حماس يودون لو تترك حماس الساحة كاملة لتيار التغريب المهيمن على السلطة في المغرب، لاكمال مهمتهم في عزل المغرب عن امتدادها العروبي وعن ارتباطها الاسلامي بالأقصى والمسرى؛ و لا يرغبون أن تلتقي حماس بالمسؤولين المغاربة، سواء كانوا نوابا في البرلمان، أو وزراء في الحكومة، أو قيادات في الأحزاب وفي النقابات، أو أعضاء في فعاليات المجتمع المدني؛ لقطف ثمار معركة سيف القدس وتحشيد الأمة خلف خيارات الشعب الفلسطيني ونظم جهودهم واستثمار قدراتهم في مشروع التحرير.
ولا أرى في منتقدوا حماس الا اصنافا أربعة:
– صنف معادي لحماس ومشروع المقاومة ومتماهي مع العدو ومشروعه الاستعماري التوسعي؛ وهؤلاء سينتقدون حماس مهما فعلت.
– وصنف حاقد على حماس مغتاظ من نجاحاتها وتقدمها في مختلف الميادين؛ ويري في نجاحها اندثار للمشاريع والخيارات الأخرى التي ثبت فشلها.
– وصنف ينطلق في انتقاده لحماس من ايدلوجيته العلمانية في تسفيه وتشويه كل ما يناقض فكرته الايدلوجية.
– وصنف تدفعه الغيرة والحرص على حماس وخوفه من انحرافها أو تلوثها أو تأثرها بمشاريع الأخرين.
الا أن الزيارة ومدى التفاعل الشعبي معها أثبت أن القضية الفلسطينية لا تزال تحتل موقع الصدارة في الاهتمام الشعبي والسياسي المغربي، رغما عن أنف أرباب قطار التطبيع.
حماس في المغرب تنسف أهداف العدو الذي يريد عزل القضية الفلسطينية عن محيطها وعن عمقها العربي والاسلامي؛ وتفشل مساعي الاستفراد بالشعب الفلسطيني، وتشويه نضاله و التنكيل به، والتنكر لحقوقه.
تخيلوا المغرب شعبا وملكا يستقبلون من قصف تل ابيب قبل أسابيع وتصدى لعربدة العدو في القدس والأقصى.
تخيلوا المغرب المطبع يستقبل الحركة المقاتلة المصنفة إرهابية على القوائم الأمريكية والصهيونية ويقيم لهم مليكها مأدبة على شرفهم؛ فهل بقي للتطبيع أثر بعد ذلك؛ أم أنه بات تطبيع پارد لا روح فيه ولا حياة؛ كالتطبيع الذي يحدث مع مصر أو الاردن؛ والذي ترفضه شعوب الأمة وقواها الحية!.
يا سادة ان استقبال قادة المقاومة الفلسطينية في دول المغرب العربي عموما يندرج في سياق التسويق والتحشيد لمشروع المقاومة؛ الامر الذي ان لم يوقف قطار التطبيع؛ فانه يجعله باردا جافا منعزلا.
قد تكون موافقة القصر على الزيارة محاولة لتبييض صفحته لدى شعبه الحانق؛ وهو بحد ذاته اعتراف ضمني ببشاعة وسوء صفحة التطبيع التي فتحها مع العدو.
إسماعيل هنية لم يكن غرا عندما قبل ان تكون الزيارة برعاية ملكية؛ فلا يليق بحماس ومقاومتها المشرفة الا هذا المستوى الرفيع من الحماية والرعاية؛ في وقت باتت رؤوس المجاهدين فيه مطلوبة امريكيا وصهيونيا.
إن مجرد السماح لحماس بعقد لقاءات واتصالات موسعة مع الفاعلين السياسيين في الأحزاب والنقابات والتجمعات المغاربية لحشد الدعم والتأييد للمقاومة والتنسيق معها نضاليا، هو اعتراف وتسليم بوزن وحجم وثقل وتأثير حماس الطاغي الذي لا يمكن للقصر عدم التعاطي معه؛ الامر الذي يرجح كفة معارضي التطبيع.
فحماس في ظل وجهة النظر هذه؛ ليست في وارد مقاطعة أي من الدول العربية التي التحقت بقطار التطبيع، فالعدو هو من ينبغي عزله وليس الانعزال عن أمتنا وشعوبنا.
وزيارة مختلف الدول العربية والإسلامية حتى المطبعة منها يندرج في إطار التعامل بمرونة وواقعية مع واقع التطبيع،الذي على الجميع السعي لمحاصرته ونبذ أبواته؛ في سياق حصر تداعياته السلبية وتقليصها، للحد الأدنى غير المؤثر على مسيرة ومشروع المقاومة.
حماس ومعها كل الشعب الفلسطيني يتمنون لو كان بإمكانهم زيارةُ جميع الأقطارٍ العربية ومنها الدول الخليجية للتأكيدٌ على عمق القضية الفلسطينية الاستراتيجي وعلى بعدها العربي والإسلامي، لضمان دعمٍها المستمرٍّ تمهيدا للانتقال من مربع الدعم المعنوي والسياسي والمالي؛ إلى مربع الدعم بكافة أشكاله المؤثرة الاخرى؛ بما يخدم مشروع التحرير التي تسعى حماس لان ينخرط الجميع فيه وأن يأخذ كل دوره في سياق المعركة الشاملة التي تحضر لها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى