أحدث الأخبارالإماراتالخليج الفارسية

هُبوط أوّل طائرة تجاريّة إماراتيّة في مطار تل أبيب ونِتنياهو على رأسِ المُحتفلين بوصولها.. لماذا هذه “المُناكفة” بالتّطبيع؟

مجلة تحليلات العصر

لماذا هذه “المُناكفة” بالتّطبيع؟ وهل فواكة وخضروات يافا والجولان وشبعا المسروقة أولى من نظيراتها الأردنيّة والسوريّة واللبنانيّة والعِراقيّة لتتصدّر أسواق دبيّ وأبو ظبي؟

بات من الصّعب علينا مُلاحقة أخبار خطوات التّطبيع الاقتصادي المُتسارعة بين الإمارات العربيّة المتحدة ودولة الاحتِلال الإسرائيلي لكثرتها، وكأنّ اتّفاق التّطبيع، وليس السّلام، الذي وُقِّع بين الجانبين، أطلق الشّركات الإماراتيّة من قفصٍ حديديٍّ ضخمٍ كانت “تُحتَجز” خلف قضبانه، في واحدةٍ من أخطر مُمارسات “النّكاية” في تاريخ المِنطقة، أيّ النّكاية بالعرب الذين ما زالوا يتمسّكون بالثّوابت العربيّة والإسلاميّة، أو ما تبقّى منها.
اليوم الخميس وصلت أوّل رحلة طيران لشركة “فلاي دبي” إلى مطار بن غوريون بتل أبيب، وكان على رأس مُستقبليها بنيامين نِتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووصل قبلها العديد من رؤساء الشّركات الإماراتيّة لتوقيع اتّفاقات تجاريّة مع نُظرائهم الإسرائيليين في مجالات التّكنولوجيا والمِياه، والزّراعة، واستِيراد الفواكة والخضراوات “الإسرائيليّة” إلى الأسواق الإماراتيّة.
من الطّبيعي أن يصف نِتنياهو هُبوط الطّائرة الإماراتيّة بأنّه لحظة تاريخيّة، ويُجسّد “تحقيق حُلم راود الإسرائيليين ويَعكِس الإتيان بالمُستقبل إلى الحاضِر”، فهذا التّطبيع المُتسارع الذي يقطع أنفاسنا من شدّة سُرعته، نحن الذين نُتابعه وحلقاته، لا يُمكن أن يُصدقّه عَقل أو عاقِل معًا.
نشعر بالألم، وخيبة الأمل، نحن الذين آمنّا بالوحدة العربيّة، والمصير العربيّ الواحد، ونحن نرى احتِفالًا رسميًّا بافتِتاح جناحًا للبضائع “الإسرائيليّة” بحُضور مسؤولين من الإمارات ودولة الاحتِلال في معرضٍ للمنتوجات الزراعيّة الإسرائيليّة في قلب مدينة دبيّ، نرى برتقال يافا، وتمر الغور، وليمون أسدود، وخوخ وعنب هضبة الجولان، وكلّها منتوجات فِلسطينيّة عربيّة إسلاميّة مسروقة تتصدّر هذا المعرض تحت العلم الإسرائيلي جنبًا إلى جنبٍ مع العلم الإماراتيّ الذي يُمثّل دولةً شقيقةً.
حقيقةً لم نُصدّق أعيننا، أمام هذا المشهد الذي لم يَخطُر على بالنا مُطلقًا، فلماذا تُستَورد هذه المُنتجات المسروقة، والقادم بعضها، وربّما مُعظمها، من المُستوطنات أو المُغتَصبات، وتحل محلّ نظيراتها السوريّة والأردنيّة واللبنانيّة والمِصريّة والعِراقيّة والقائمة تطول.
مِصر وقّعت مُعاهدة كامب ديفيد، والأردن وادي عربة، ولكنّنا لم نرَ مثل هذا “الفُجور” في التّطبيع في أيٍّ من البلدين، وظلّ من أقدموا عليه منبوذين شعبيًّا، ومن النّادر أن تَجِد تُفّاحةً جُولانيّةً (من الجولان)، أو بُرتقالةً يافاويّةً في المحلّات التجاريّة في البَلدين، وقرأنا أكثر من مرّةٍ أنّ السّلطات المِصريّة تعتقل أيّ مِصري يقترب من السّفارة الإسرائيليّة في القاهرة، وشاهَدنا وتابَعنا ما جرى من تَحقيرٍ ونَبذٍ للمُطرب المِصري محمد رمضان لأنّه عانق مُطربًا إسرائيليًّا وأينْ، في دبي!
لا تقولوا لنا، أو تُعاييرونا بالسّلطة الفِلسطينيّة وتطبيعها، وتوقيع مُعاهدات أوسلو مع دولة الاحتِلال، فهذه السّلطة عميلةٌ ولا تُمثّل الشّعب الفِلسطيني، ومَكروهةٌ من أغلبيّته السّاحقة.
نحنُ في هذه الصّحيفة “رأي اليوم” ضدّ كُل أشكال التُطبيع مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي، القديم منها والجديد، والمُستَجد، وسنظل نُعارضها بكُل ما نملك من وسائل التّعبير، الميدان الوحيد الذي نَعرِفه، وعزاؤنا أمران: الأوّل: أنّنا لسنا وحدنا ونَقِف في خندق الأغلبيّة السّاحقة من شُعوب أمّتنا العربيّة، بِما فيهم الشّعوب الخليجيّة الشّقيقة، والثّاني: أنّ هذه مرحلة عابرة، ولن تطول، وستنهض أمّتنا حتمًا من كَبوَتِها وتستعيد أسباب قوّتها، والضّعيف لن يظل ضعيفًا إلى الأبد، ولَنا في اليمن وجنوب لبنان والضفّة والقِطاع أبرز الأمثلة وأنصَعَها.. صبْرًا آل ياسِر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى