أحدث الأخبارلبنانمحور المقاومة

وطن “فرانكنشتاين مونستر”

مجلة تحليلات العصر الدولية - خليل إسماعيل رَّمال

دَأبَ كاتب هذه السطور على استعارة تعبير “مِسخ الوطن” لتوصيف شُبهة الكيان، لبنان، الذي تأسس على يد مجرم الحرب الفرنسي المُستَعْمِر غورو قبل مئة عام ونيف، لأن هذا المخلوق المُشَوَّه لم يكن وطناً حقيقياً ليوم واحد في عمره ما خلا يوم انتصاره المجيد في يوم التحرير على يد إحدى أنبل المقاومات في التاريخ.
حتى ولادة هذا الكيان كانت مناسبة مثيرة للجدل. بعض عُتاة الطائفة المالِكة من مزوري التاريخ والمتحالفين مع أُمِّهم الحنون (واليوم الماكر..وان) اعتبروا أنَّ أُمَّةً لبنانيةً بحالها قد وُلِدَت من رحم فينيقيا التي علَّمَتْ العالم الأبجدية والحضارة. لكن البعض من مؤرخي الواقع أثبتوا أن لبنان بيت بمنازل كثيرة وأن هذا الوطن نزل عقاري ونذل سياسي، أي خليط جغرافي عجيب ليس له لا هوية ولا قرار ولا استقرار حتى انسحب هذا على نزلائه الضائعين الذين هم متعددو الهويات وحَمَلَة الجنسيات والمتحورات الڤيروسية الثقافية، لدرجة أنهم في جملة واحدة يستعملون ٣ لغات (هاي، كيفك، ساڤا؟) مما يذكرني بأبي فؤاد، الله يرحمه، صاحب شِعار ثلاثة بواحد!
وإذا كانت الهوية ضائعة واليوم العمالة فيه وجهة نظر، فلا يعني هذا أن وطن الصفة المشبهة لم تكن له وظيفة سياسية واقتصادية خطيرة تخدم سياسة الخارج ووحوش السياسة الداخلية وأذيالهم من المتلونين الحربائيين.
لكن وصف مسخ الوطن لم يستوعبه الجميع ولم يعد كافٍ ومُجدِ خصوصاً بعد التطورات الأخيرة خلال السنوات الثلاث بل منذ ٢٠٠٥ حتى اليوم. هذا وطن “فرانكنشتاين مونستر” فعلاً، مثل ذاك المخلوق الذميم الذي خلقه صاحبه واستعار رأسه وأطرافه من كل حدب وصوب وركَّبَه على هيئة مونستر (وحش) مخيف.
إنه فرانكنشتاين بتركيبته الجغرافية ودوره القوَّادي pimp كسمسار بين الشرق والغرب والذي صنعه شيحا وزبانيته، وهذه كذبة لأن هذا النظام لم يقف إلَّا مع الغرب والإستعمار، ونصَّب حُكم المصرف فيه والمجتمع الاستهلاكي الكومبرادوري اللا مُنتِج، فتعاقَبَ وحوش السياسة وسلالاتهم المذهبية (ونسبتهم ٤ بالمئة) منذ البدء على إدارة نظام طائفي فاسد وكيان جهيض (طُرح) وُضع في غرفة العناية (الفاقعة)، كما يقول الفصيح نديم الجميِّل، ووضعوا له الأمصال والأنابيب طبية والمنشطات ليبقى حياً.
وإلا ماذا نسمي هذا المونستر الفاقد للكرامة الوطنية والسيادة والشرف والذي يتمثل برئيس حكومة فاسد ووزير داخليته النجيب ثم قبل ذلك بثورة تشرينية عُلِّقَتْ عليها الآمال فأصابها التحُّور أكثر وأسرع من متحورات كورونا وسرقها كلاب السفارات وقطاع الطرق ومرتزقة المجتمع المدني “أن جي أو” الأسوأ من منظومة الفساد؟!
اليس هذا وطن فرانكنشتاين مونستر عندما يشن ملك الزهايمر حرباً بربرية شنعاء على أجمل وأطهر شعب صابر ومؤمن وطيب هو الشعب اليمني ويتسبب بأضخم كارثة إنسانية في يومنا هذا حسب التوصيفات الأممية المحايدة حتى الغرب المُمَوِّل لهذا السلاح المجرم، ويصف مكوِّناً أساسياً في البلد شرَّفه هو وأسياده بحريته وعزته وعروبته وإيمانه، يصفه بالأرهاب فقط لأنه دافع عن أبطال اليمن وهدم مشروع الشر ويقف في وجه اتفاقات الذُل والعار ويناصر قضية العرب والمسلمين والمسيحيين المقدسة فيهب كلاب البيرول payroll لملاقاته بل والمزايدة عليه كما فعلوا عندما انتهك ولي نعمتهم سيادة بلدهم بحجز وركل وضرب وشتم رئيس حكومتهم بعد ربطه بكرسي كالمجرم وإجباره على الاستقالة بقصد إشعال حرب وفتنة داخلية (ولو أن مهدور الكرامة هذا مازال اليوم يحاول استرضاء ولي أمره بلا طائل)؟! وماذا عن ابتزاز ودفع وزير خارجيتهم وإعلامهم للإستقالة مقابل إتِّصال هاتفي هزيل ضحكوا فيه على الميقاتي؟ وعندما دافعت المقاومة بلسان سيدها عن نفسها استنفر هذا الميقاتي (صاحب شعار النعي بالنفس مع السيء الذِكر أبو خشب) وأدى قسطه للعلى تجاه قُبلته السياسية والمالية ضارباً عرض الحائط بمفاهيم السيادة والإستقلال والحرية وسائر المفردات التي لم يعرفها فرانكشتاين مونستر إلَّا يوم التحرير، في حين قام وزير الملابس الداخلية بالطلب من قوى الأمن إزالة الصور المسيئة لمليكه بعد تجنِّيه على أكبر نسيج وطني في البلد، وكان من قبل قد قدم أوراق اعتماده عند سيده بمطاردة بحرانيين أحرار في بلد الحرية المزعوم. يا قوم يا قوم إنَّه الإحتلال الإيراني البغيض ولو أن المقاومة لا تقدر أن تقبع قاضٍ مُرتَزَق مشبوه أو فرار عميل جزَّار!
فرانكشتاين هو بالضبط ما ينطبق على هذا الوطن الذي كل شيء فيه مُرَكَّب ومسروق حتى نشيده الوطني وتاريخه المزور وسياساته المخطوفة والمُرتَهَنَة للخارج والذي يدفع الضريبة هو الشعب الصابر المواظب المُحتضِن لمقاومته التي يتهمونها اليوم بالتسبب الحصار والجوع ونقص في الثمرات ويُخيِّرونه بين السِلَّة والذِلَّة وهيهات منه الذِلَّة. بالنهاية لا يصح إلَّا الصحيح وهذه حركة التاريخ الحقيقي لا “الفينيئي”! أوليس الصبح بقريب؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى