أحدث الأخبارفلسطينمحور المقاومة

وفاة الأونروا … وميلاد حق العودة

مجلة تحليلات العصر الدولية - عماد عفانة

لا شك أن مسؤولية وكالة “الأونروا” تجاه اللاجئين الفلسطينيين هي ليست مسؤولية إنسانية وأخلاقية فقط بل مسؤولية سياسية أيضا
فعندما تم انشاء الأونروا في 8 ديسمبر 1949، لم يخطط لها أن تستمر اكثر من 70 عاما، بل كان المخطط أن يستمر عمل الأونروا عاما واحدا، ينصب فيه عملها على دمج اللاجئين في أربع من المجتمعات والدول الرئيسة التي هاجروا اليها، وهي مصر ولبنان وسوريا والأردن، أي بمعنى آخر العمل على توطين اللاجئين الفلسطينيين وشطب حق العودة.
وما الخدمات الإنسانية التي تقدمها الأونروا وفق قرار التأسيس رقم 302 إلا لتساهم في تعزيز برامج التنمية بهدف تسهيل عملية الاستيعاب والدمج.
لكن وبعد مرور أكثر من 70 سنة من اللجوء، نجح اللاجئون في تحويل “الأونروا” من مؤسسة أممية لتوطين اللاجئين بعد سنة من تأسيسها، إلى أكبر شاهد دولي على جريمة نكبة فلسطين لا ينتهي دورها الا بتحقيق العودة للاجئين.
ويعتبر تمسك الفلسطينيين بالأونروا تعبير عن حالة الضعف واليأس من الموقف العربي من جهة، ورغبة في إثبات الحقوق والمطالبة بها عبر بوابة دولية، وهو من ناحية أخرى شكل من أشكال التعايش مع الوجع التي خلفتها نكبة اللجوء.
ورغم معرفة مجتمع اللاجئين ان الأونروا أداة سياسية فرضتها القوى العالمية المسيطرة، فقد نشأت بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا يمكن للأونروا بأي حال من الأحوال أن تعمل عكس مصالح الأطراف التي كانت سبباً في وجودها.
وما التراجع في حجم ونوعية الخدمات التي تقدمها الأونروا للاجئين، إلا نتيجة تقدير الأطراف المشغلة للأونروا لواقع التمسك المتنامي بحق عودة اللاجئين، ورغبة منهم في اضعاف التمسك بهذا الحق، واشغالهم عوضا عن ذلك بمزيد من المعاناة في تأمين متطلبات حياتهم الاساسية.
وبما أن وكالة “الأونروا” أضحت إلتزاماً دولياً من قبل الأمم المتحدة على المستويين السياسي والإنساني، فقد أضحت الأعذار التي تقدمها “الأونروا” لتبرير عجزها عن تلبية احتياجات اللاجئين الإنسانية بحجة عدم وجود الموازنات المالية الكافية، نظرا لتغير أولويات الدول المانحة نتيجة الأوضاع غير المستقرة في العالم، أضحت أسباب غير منطقية على الإطلاق.
فالأمم المتحدة يجب أن تتحمل المسؤولية كاملة، فمشكلة اللاجئين أوجدتها الأمم المتحدة باعترافها بإقامة “اسرائيل” على أراضيهم، وعليها تحمل المسؤولية وتقديم الخدمات للاجئين كاملة دون نقصان، سواءً الصحية أو التربوية أو أعمال الإغاثة الأخرى، وتوفير البنى التحتية المناسبة في المخيمات، فهذا حق للاجئين وواجب على المجتمع الدولي.
وللتدليل على ما ذهبنا إليه أعلاه، فبحسب الفقرة (5)، من القرار (302) مهمة الأونروا هي اتخاذ إجراءات فعّالة في أقرب وقت بغية إنهاء المساعدة الدولية للإغاثة، وكأن قضية تقليص خدمات الأونروا قد وضعت في القرار منذ تأسيس الأونروا، كمن يكتب شهادة الوفاة في شهادة الولادة
الأمر الذي يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الغرض من إنشاء الأونروا، يتمثل في تكريس وادامة الوضع الذي انتهت إليه الأحداث في فلسطين بعد نكبة عام 1948م، بإقامة الكيان الصهيوني على اراضيهم، والطرد القسري للاجئين الفلسطينيين من مدنهم وقراهم.
كما ينص القرار رقم (393) بتاريخ 2/12/1950 على اضافة مهمة جديدة إلى (أونروا) وهي “إعادة دمج اللاجئين في مناطق اللجوء، من خلال مشروعات اقتصادية، حيث نصت الفقرة الـ(4) منه على: إعادة دمج اللاجئين في حياة الشرق الأدنى الاقتصادية ؛ تمهيداً للوقت الذي تكون فيه المساعدة الدولية غير متوافرة، ولتحقيق أحوال السلام والاستقرار في المنطقة.
للتأكيد على أن هدف الدمج لدى الاونروا كان أهم من هدف الإغاثة، يمكن الإشارة إلى الفقرة الـ(6) التي نصت على: “تخفيض نفقات الإغاثة بنسبة ملائمة لنفقات إعادة الدمج””
ولا ننسى أنه بعد أوسلو 1993م، حاول العدو نقل مهمة الأونروا للسلطة الفلسطينية، وذلك عبر تحويل أموال الدعم الدولي للسلطة.
حيث مهد توقيع دول عربية على اتفاقيات سلام مع العدو مثل كامب ديفيد، وأوسلو، ووادي عربة، وما تلاها من اتفاقيات تطبيع، مهد الطريق لتقبل التفاوض على مبدأ حق العودة الأمر الذي يمهد حتما لا نهاء عمل الاونروا.
أيها اللاجئون: الجميع يتآمر على حق عودتكم إلى أراضيكم وبيوتكم التي هجرتم منها، فاجعلوا شهادة وفاة الأونروا التي يعدون لها، بمثابة شهادة ميلاد لتنفيذ حق عودتكم إلى فلسطين.
فلا الأونروا، ولا دول ما يسمى بالمجتمع الدولي، ولا حتى الدول العربية المرتهنة لإرادتهم ستمكنكم من تطبيق حق العودة.
فقد قالها أعلنها رئيس منظمة التحرير ورئيس حركة فتح محمود عباس منذ زمن، أنه لا ينوي إغراق ما يسمى “بإسرائيل” باللاجئين، حتى أنه تنازل عن حق عودته الى مدينته صفد.
أيها اللاجئون: ما لم تأخذوا زمام المبادرة، وتنظموا أنفسكم لتطبيق حق العودة بأيديكم، فستسمر محنة لجوئكم مزيدا من العقود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى