أحدث الأخبارشؤون امريكية

ولادة امبراطورية الغطرسة، الولايات المتحدة الاميركية .. الظروف والحيثيات ..

مجلة تحليلات العصر- علي ع. رباح

عام 1776 عُقد مؤتمر فيلادلفيا عشية استقلال المستعمرات الاميركية الثلاثة عشر عن بريطانيا، وكان من ابرز حضوره الاباء المؤسسين للكيان الاميركي، وهم جورج واشنطن، جون ادامز، الكسندر هاملتون وجيمس ماديسون. اجتمعوا حقيقةً ليلملموا هذه المستعمرات، الخليط غير المتجانس والهجين من الاعراق واللغات والثقافات، يزيد عليه تعقيداً بعد المسافات الجغرافية الفاصلة بينهم. وكان القرار، إنشاء دولة اتحادية ومنع استقلال المستعمرات مهما كان الثمن.
يعتقد الكثيرون أن الولايات المتحدة اجتمعت تحت قضية سامية وعالية، وأننا نتأسف لما يذهب اليه مثقفون يعانون من الاستلاب الثقافي، عندما يصورون ولادة هذا الاتحاد وكأنه فتح الفتوح، وانه انطلق من نظريات الفكر السياسي وفلسفات الحرية والدمقرطة التي اطلقها فلاسفة عصر “التنوير” في القرن الثامن عشر وقبله (مع اشارات كثيرة من الاستفهام والتعجب على مصطلح تنوير).
نقول لهؤلاء ان الامر مختلف جداً عن قناعاتكم التي استقيتموها من بروباغندا الاعلام الاميركي، الذي وللصراحة استطاع تشكيل صورة ملونة ومزركشة لعملية تأسيس كيانه ولسلوكه الاسود، فانطلت الحيلة على البسطاء.
فمن يتعمق في التاريخ، ويدرسه بتأنٍ يصل الى استنتاج محوره ان الكيان الاميركي أُسِّس على عجلٍ لأسبابٍ مرتبطة بمصالح طبقة رأسمالية متوحشة بالمعنى الواضح والصريح.
يقول الباحث الاقتصادي الاميركي، شارل بيرد، في كتابه “تفسير اقتصادي لدستور الولايات المتحدة” عام 1913، ما مضمونه، أن الدستور الاميركي لم يضعه انصاف آلهة بل أشخاص كانت لهم مصالحهم الاقتصادية، فبعد استقلال المستعمرات عن بريطانيا، ظهرت مشكلة كبيرة لكبار المتمولين والميسورين، وهي كيفية الحفاظ على ضمانات لحق الملكية وللديون المترتبة على متوسطي الدخل، وتم التصويت للاتحاد وإقرار الدستور حيث كانت أكثرية المستفتين على الدستور من المتمولين.
وهكذا يتحول الاباء المؤسسين، بالنسبة لبيرد، من ابطال قوميين الى مدافعين عن مصالح الفئة الغنية التي كانت تجد في الاتحاد واستمراريته وتوسيع صلاحيات السلطات المركزية الضمانة الاساسية لتأمين مصالحها.

توضيحاً لما سبق:
هاجر الملايين من الاسر من اوروبا الى اميركا بعد ان تم تصفية الشعوب الاصلية في مجزرة تاريخية عميقة في التوحش، وقاموا بالاستدانة لإقامة مشاريعهم الخاصة على الاراضي المستولى عليها من قبل الاغنياء الذين استوطنوا هذه الاراضي منذ ايام كولومبس وبعده، عام 1492م. ولما انطلقت عجلة الاستقلال عن بريطانيا، خاف الاغنياء أن تستقل الدول وتقوم برلماناتها بإلغاء الديون المفترضة للمتمولين، اموال عينية واراضٍ وغيرهما، فهبوا لإبقاء الكيان تحت قيادة موحدة حفظاً وضمانةً وسيطرة على ممتلكاتهم التي سرقوها واغتصبوها من قبل..
دمتم سالمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى