أحدث الأخبارالخليج الفارسيةالسعودية

ولي العهد والخيارات الصفرية.. عندما يصبح البغل (إلهاً) يقود قطيعاً الى نهاية مؤلمة!

مجلة تحليلات العصر الدولية - د. حمزة الحسن

منذ تولي ابن سلمان ولاية عهد العرش السعودي وهو يغرق في مستنقع من الفشل, فكل الخيارات الصفرية التي اتخذها منذ توليه زمام الأمور تُدخل البلاد في أزمات متلاحقة بسبب سياساته الراديكالية التي لا تمت لعالم السياسة والحكم بصلة فهي أمور لا يفقهها ويوصف عهده بحكم الصبيان.
*حمزة الحسن
الخيارات الصفرية لا يقوم بها الا حاكم غبي: إما أنا أو انتم! فلا مجال للتراجع والمناورة وليس أمامه إلا إدامة الأزمة او القبول بالهزيمة مع تخريجات تويترية. أمثلة: لا بد من دخول صنعاء وتعليق فلان وفلان على المشانق! لا بدّ من اسقاط نظام الحمدين! سقوط حكم الملالي هو الحل ولا تفاوض.
الخيارات الصفرية تودي بالبغل الى خيارات عكسية شديدة الخطورة: التطبيع مع الصهاينة لإنجاح الاستئصال للخصوم بمن فيهم حماس؛ وتأييد الصهاينة في حروبهم على لبنان وسوريا وايران والمشاركة في ذلك، والقبول بأن يكونوا جزء من الحرب العسكرية القادمة ضمن القيادة الامريكية وشراء اسلحة صهيونية.
الخيارات الصفرية خاطئة حتى بالنسبة لدولة مثل امريكا، فكيف بدولة مثل دولة البغل الذي كل خياراته صفرية ولم ينجح في شيء تقريباً. ـ على فلان ان يرحل من الحكم! ـ علاّن سيموت جوعاً إن قاطعناه! ـ باكستان إما ان تطبق ما نريد او لنقاطعها الى الأبد. يكتشف البغل ان لا أدوات تسمح له بالنجاح!
والبغل يستخدم خيارات صفرية في الداخل ايضاً: أنا وحاشيتي في جهة، والباقي في جهة أخرى! القبول والخضوع والطاعة المطلقة او الإزاحة والطرد والاعتقال! هذا أدّى الى أن يُصاب المؤيدون للبغل ببعض غباءه، فما ان يخالف احدهم ولو بدون قصد سياسته، إلا وتراه في اليوم التالي ع الهامش!
الخيارات الصفرية تقود الى وسائل صفرية لإنجاحها. لا يمكن ان تكون الخيارات صفرية، وفي نفس الوقت يكون هناك مجال للدبلوماسية او حلول دبلوماسية ووسطية وبراغماتية. لا يوجد الا العنف، وإلا السيف، وإلا القمع، وإلا الحرب، وإلا تساؤلات غبية (هذا كيف اتفاهم معه) وذاك كيف أثق به.. الخ!.. وعليه تضيق الخيارات الصفرية مجال المناورة، وتطيل الأزمة في وقت لا يستطيع البغل ان يحلّها بأدواته العنفية والراديكالية. وهذا يلفتنا الى أسباب خسارة ابن سلمان لمعاركه في اليمن عسكريا، وفي قطر سياسيا، ومع ايران وتركيا استراتيجياً. وحتى نجاحه الداخلي بالقمع: مؤقّت، فالعنف يرتد عليه.
الخيارات الصفرية تُعطى صفات واسماء لا تنطبق عليها. مثل: الحزم والعزم والشجاعة والإرادة (عاصفة الحزم)؛ وتعطي الأتباع انتشاءً بهذا البغل القوي الذي يواجه كل الدنيا، بحيث ان جمهوره يتصورون انه سوبرمان، وأنه في الغد سيأتي برأس (غليص)! ينتشي جمهور البغل بخطاب وسياسات ومنهجيات حادّة!
يظن جمهوره الذبابي، أن البغل متمكن، وقوي، وأنه لن يُهزم، وان سياسات من قبله غبيّة، وأن لمهلكة البغل خيارات أفضل وهي المواجهة في الفضاء وعلى الأرض، وأن الخصوم فعلا هم عملاء، وأنه الحاكم الذكي المجدد المهلم الإمام. والجمهور تغريه وتخدعه احيانا سياسات الاستعراض والانتصارات المتوهمة!
والخيارات الصفرية بحاجة الى ثقافة صفرية أيضاً تزيد الوضع سوء: (حشف وسوء كيلة). لذا ظهرت لدينا ثقافة عنصرية غير عادية: السعوديون أولاً ـ المجنسون ـ اطردوا فلان ـ الاجانب هم خراب البلد. تمزيق اجتماعي غير معهود من قبل، يسمونه (الوطنية السعودية)! واختزل معنى الوطنية= بالولاء للبغل!
وظهرت ثقافة توجّس من الآخر، فكل العالم ضدنا! كلهم عاشوا من لحم اكتافنا ويشتموننا! كلهم ناكرو جميل! علينا بأنفسنا وامريكا واسرائيل! العرب مافيهم خير! فلسطين لا تهمني وكذلك قضايا المسلمين! الباكستان ايضا تشتمنا! ماليزيا اخوانية! لبنان: زبالة الى الجحيم! حتى عمان والكويت ما فيهم خير.
غرض هذا التوجس المفتعل تبرير العلاقة مع الصهاينة والارتماء اكثر بأحضان امريكا! والأهم: الالتحام مع البغل وتأييده والخضوع اليه والقبول بسياساته، ولو من باب الدفاع عن النفس، فبدونه تضيع البلاد، ويفقر العباد، ويأكلنا الأوغاد، وهكذا يصبح البغل (إلهاً) يقود قطيعاً الى نهاية مؤلمة!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى