أحدث الأخبارفلسطينمحور المقاومة

ويسألونك عن الضم ..!!

مجلة تحليلات العصر - عماد عفانة

واهم من يعتقد أن تطبيع علاقات العدو مع الإمارات المتحدة أو مع غيرها من دول الأعراب، جعل العدو يتراجع حاليّا عن ضمّ الضفة الغربيّة، لكن العدو تخلى في الحقيقة عن الضجيج التي تحدثه عملية الضم، وفضل تنفيذ جريمة الضمّ الفعليّ ولكن بصمت دامي.
فما زال الشعب الفلسطيني يرزح تحت حراب الاحتلال، فيما يواصل العدو فرض الحقائق على الأرض دون رادع.
فالعدو ينفذ ومن جانب واحد ومنذ سنوات طويلة خطة هادئة لكنها دامية لتثبيت سيطرته على الضفة، ما يجعل عملية الضمّ واقع فعليّ، من خلال تغيير ملامح خريطة الضفة الغربيّة على نحوٍ يخدم مصالحها، فأنشأت تواصلاً جغرافيّا بين المغتصبات، في المقابل فصلت بين المدن والتجمعات الفلسطينية وحولت مدنهم وقراهم الى معازل مكتظّة.
فقد قالت منظمة بتسيلم العبرية في تقرير لها، أنه يقيم اليوم في الضفة الغربيّة ما يقارب 400 الف مغتصب صهيوني، في نحو 250 مغتصبة، دون أن يشمل تلك التي أقيمت في شرقيّ القدس أي في الجزء الوحيد من الضفة الغربيّة الذي ضمّه العدو رسميّاً.
ولا يخضع المغتصبون في مغتصبات الضفة والقدس الا للتشريعات الصهيونية عبر قوانين سنّتها الكنيست، أو أوامر عسكريّة منشئة بذلك “جزراً” صهيونية معزولة عن محيطها الفلسطينيّ.
كما يتمتّع المغتصبون بكلّ أنواع الحماية والحقوق والميزانيّات التي يتمتّع بها المغتصبون المقيمون داخل حدود الكيان.
كما نفذ العدو على مرّ السنين شتّى مشاريع البُنى التحتيّة لخدمة هذه المغتصبات بما في ذلك شقّ الشوارع؛ والطرق السّريعة، وشوارع الأنفاق والشوارع الالتفافية، كما في العروب في محور 60؛ شارع المحبس شرقيّ مدينة القدس؛ شارع التفافي حوّارة وهو أيضاً على محور 60؛ توسيع شارع 55 وغير ذلك.
منظمة “سلام الآن” العبرية نشرت مؤخّراً ما مفاده أنّه بإعلان الكيا – بعد أن أزيلت مسألة الضمّ من جدول الأعمال- عن سعيها في بناء نحو 5,000 وحدة سكنية في مغتصبات الضفة ستشهد سنة 2020 ذروة قصوى في البناء الاغتصابي.
الى ذلك عمل العدو على تقليص الحيّز الفلسطينيّ وألجأ الفلسطينيّين إلى معازل مكتظّة، ومنع بالقوة البناء خارج هذه المعازل، أي في معظم مساحة الضفة الغربيّة وفي الأجزاء التي تعتبَر احتياطيّاً لتطوير الضفة الغربيّة.
ووفقاً للمعطيات المتوفّرة لدى بتسيلم هدم العدو منذ العام 2006 وحتى 30 سبتمبر الماضي ما لا يقلّ عن 1,623 منزلاً فلسطينيّاً في الضفة الغربيّة (لا يشمل شرقيّ القدس) ونجم عن حملات الهدم هذه تشريد 7,068 شخصاً على الأقلّ وبضمنهم ما لا يقلّ عن 3,543 قاصراً.
إضافة إلى ذلك منذ بداية العام 2012 وحتى نهابة سبتمبر الماضي هدم العدو في الضفة الغربيّة (لا يشمل شرقيّ القدس)1,804 مبانٍ غير سكنيّة (أسوار وأسيجة وآبار مياه ومخازن ومبانٍ زراعيّة ومحالّ تجاريّة ومبانٍ عامّة وغير ذلك).
وصادر العدو خلال العام 2020 وحده 242 “كرفان” – مقابل ستّة خلال العام 2015.
وفي العام 2019 صادر العدو نحو 700 تراكتور وحفّار واقتلعت نحو 7,500 شجرة كانت مغروسة في المنطقة C.
إضافة إلى ذلك عرقل العدو تنفيذ مشاريع دوليّة لغوث الفلسطينيّين سكّان مناطق C – بضمنها نصب كرفانات وتمديد شبكات تحتيّة – بحيث تسبّبت في خفضها إلى 12 فقط خلال العام 2019 (مقارنة مع 75 مشروعاً كهذا تمّ تنفيذها خلال العام 2015).
وقتل العدو آلاف الفلسطينيّين دون مبرّر وفي ملابسات لم تشكّل خطراً على حياة جنود العدو، فخلال العقد الأخير وحده قتل العدو 427 فلسطينيّاً في الضفة الغربيّة.
صحيح أن سيناريو الضمّ الرسميّ نجح في استنهاض المجتمع الدوليّ حتى أنّه هدّد على غير عادته باللّجوء إلى خطوات عينيّة ضدّ كيان العدو.
ولكن الان عادت المياه إلى مجاريها بعد أن خدع العدو الجميع، عبر وضع الضمّ الرسميّ جانباً حاليّاً لصالح الضم الخفي وفرض الوقائع دون ضجيج، فرفع العالم المخدوع جميع الضغوط وعاد العدو إلى حضن المجتمع الدوليّ الدافئ، وأفلت العدو عمليا من المحاسبة أو المساءلة.
فهل سيعتبر شعبنا وقيادته في رام الله، الغارقة في أحلام العودة الى ملهاة المفاوضات وحل الدولتين، الذي لم يعد ممكنا عمليا، فقد تجاوزه العدو عمليا بإجراءات الضم على الأرض، لجهة استخلاص العبر أن التغيير لا يتأتى بالمناشدات المهذّبة أو بالركون إلى المجتمع الدولي الذي لا يرى إلا بعيد واحدة.
لذا بات على قيادة المقاطعة في رام الله اعطاء الأولوية لتعزيز روافع الضغط الحقيقيّة، فشعبنا هو الذي يكتوي بنار الضم وليس المجتمع الدولي الذي فقد احساسه بنا منذ النكبة 1948.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى