أحدث الأخبارالخليج الفارسيةالسعوديةاليمنمحور المقاومة

يمن ما بعد الحرب … انقراض أسرة آل سعود وصعود أمة

مجلة تحليلات العصر الدولية - محمد صادق الحسيني / خاص مجلة يمن ثبات

في لقاء لي مع الصديق الكبير الكاتب والصحفي المصري «محمد حسنين هيكل» قبل أشهر من رحيله … يومها كان في زيارة تاريخية للبنان، التقى خلالها «سماحة السيد حسن نصر الله»، وكنا نعد لزيارة له لإيران لم تتم… قلت له: إنني ومع مرور الأيام أزداد اقتناعاً بأن قبيلة آل سعود آيلة للانقراض، وأنا أستعمل هذا التعبير في مقابلاتي التلفزيونية، لكنني الآن أريد استثمار الفرصة لأسمع منك رأياً بهذا الخصوص وأنت الخبير بتلك القبائل من باب (ليطمئن قلبي…)، فرد علي يومها بلغة الواثق والمطمئن: إنني قادم لتوي من جولة هناك، وأعتقد فعلاً بأن هذه القبيلة وقبائل أخرى- وُكّلت لتحكم هذه المنطقة كلها- آيلة للانقراض حقاً، بعد أن انتهى دورها الوظيفي، ولم تعد تملك من القوة والنشاط إلا من صانعيها الذين سيحزمون أمرهم قريباً ليرحلوا ويتركوها في مهب الرياح……!

ها هي الأيام الآن تقترب من هذه الحتمية التاريخية وطبيعة السنن الكونية…
فأنصار الله اليوم يقتربون شيئاً فشيئاً من حسم معركة تاريخية حول مصير اليمن والسعودية معاً…
إنهم يقتربون من استعادة مركز «مدينة مأرب» ووسطها، المدينة التاريخية التي تعدّ بوابة الدخول إلى كل مفارق السيطرة على جغرافيا وتاريخ اليمن.

فهي مفترق الوصول إلى الجنوب اليمني المحتل، وإلى مركز الطاقة حيث حوض النفط والغاز اليمني المسيطر عليه من قبل قوات الاحتلال السعودية أيضاً، وهي مركز عمليات ما يسمى بالتحالف العربي، أي: تحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي الإسرائيلي ..

وهي المدينة التي باتت تضم أيضا تجمع بقايا نفايات القاعدة وداعش، وأيضاً «حزب الإصلاح» اليميني الميليشياوي المتحالف مع المخلوع هادي رئيس حكومة الفنادق في الرياض.

وهي أيضاً وأيضاً الممر الحيوي لحكم الرياض الذي لطالما أرادها أن تكون بوابته إلى الجنوب، ومن ثم إلى بحر العرب والمحيط الهندي؛ للابتعاد بخطوط الطاقة التابعة لها عن «مضيق هرمز» الذي يتقاسم ضفتيه الإيرانيون والعمانيون الذين لم يكونوا يوما على وئام مع الوهابيين عبر التاريخ.

وهذا سيعني فيما يعني أن «أنصار الله» سيسيرون طي الأرض -كما يقولون- نحو قرنين من الزمان؛ لينهوا حقبة «الوهبنة» التي كانوا قد فرضوها على اليمن بما هي وصاية كاملة كانت سائدة وحاكمة للأسف الشديد منذ الدولة السعودية الأولى، وكانت مأرب إحدى محطاتها وبيئتها الحاضنة…!

ولأن اليمانيين أمام مفصل تاريخي مهم وأساسي، من شأنه أن يفتح صفحة جديدة ليمن قال عنه مؤسس المملكة الوهابية الأولى في حينها، أي: عبد العزيز مخاطباً عائلته الحاكمة يومها: إن عزكم- أي: أنتم السعوديون- في فقر اليمن، وفقركم أو ذلك في عز اليمن..!

ولأن هذه القبيلة ومنذ تأسيسها أوكل إليها دور الشرطي في حماية خرائط المستعمر الإنجليزي القائمة على تدمير كل ما هو حضاري من قلب الجزيرة العربية وهضابها وأم حضاراتها أي: اليمن المنصورة بالله؛ وصولاً إلى قلب الوطن العربي حيث فلسطين مروراً ببادية الشام، وها هي أم الحضارات العربية تنهض على يد أهلها من جديد، وتنفض غبار «الوهبنة» عن نفسها؛ لذلك ولغيره الكثير من المستجدات الإقليمية والدولية تبدو معركة استقلال اليمن وتحرره أم المعارك العربية، ما يجعل كل قوى الشر الاستعماري تتدافع من واشنطن إلى عواصم أوروبا إلى قاعدة الشر الصهيونية الرابضة على أرض فلسطين؛ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه القبائل التي تواجه مصيرها الأسود المحتوم، والتي ستعود لا محالة إلى أصلها تجمعات مدن للملح كما وصفها الكاتب والروائي الجزائري المشهور «عبد الرحمن المنيف»..!

عزيز أنت يا يمن اليوم، وأنت تجتاز هذه المرحلة التاريخية الحساسة والمصيرية في تاريخك الحديث..!

ولأن الغرب المتخبط في سياساته العامة بعد هزائم متلاحقة في أكثر من ساحة دولية، ويكاد يقترب من الإفلاس داخليًّا في أكثر من عاصمة، وعلى الخصوص عاصمة الشر الدولية، فإنك تراه يسعى جاهداً، وهو يكتوي بنار حرائقه أن ينقل كرات اللهب إلى بلادنا ساحة بعد ساحة؛ لنغرق في حروب استنزاف نخسر فيها مواردنا البشرية والحيوية، ومن هنا كانت استراتيجيته الجديدة بخصوص الحرب المفتوحة على اليمن، هي خلخلة موازين القوى الجديدة المكتسبة خلال سنوات العدوان الظالم لغير صالح أهل البلاد، وفي مقدمتهم بالطبع أنصار الله تحت عناوين متعددة منها العودة إلى الصراع اليمني – اليمني بعنوان جذاب ولكنه خطر، ألا وهو أن هذه الحرب لم يعد فيها الحسم العسكري ممكناً ولا متاحاً، وأن الحل السياسي هو المخرج الوحيد…!

كل ذلك لإنقاذ المعتدي ووقف انقراض قبيلته، من خلال إخراجه وكأنه المنقذ والمخلص لما يسمونه بأزمة اليمن، في الوقت الذي لا وجود لأزمة في اليمن أكبر من عدوان هذه القبيلة المتوحشة الأجيرة أصلاً لدى أرباب الشر المعروفين على امتداد الساحات الدولية..!

هي لحظة تاريخية مفصلية لابد من التوقف عندها مليًّا، واستحضار كل السنن الكونية التي جعلها الله حاكمة على سلوكنا نحن البشر..» من ينصر الله ينصره»، و(إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ..) [آل عمران: 160].

لذلك نعتقد جازمين أنه لا خوف ولا قلق على اليمن الجديد، ما دام هذا اليمن في حضرة أنصار الله، كما نعتقد جازمين أيضا أن القيادة الحكيمة ليمن الصمود والتصدي واعية تماما لخطورة وحساسية اللحظة التاريخية، ولن تسمح بدخول المساومات الدولية أو الإقليمية على خط التحرير والتحرر، فمأرب ستعود إلى حضن الوطن بالتأكيد، أيًّا تكن التحولات السياسية المحيطة، والمعركة هي أصلاً في أيامها الأخيرة.

وسائر تراب الوطن اليمني سيتحرر أيضاً شبراً شبراً بعد أن ضمرت قوى العدوان، وترهلت، وأثخنت بالجراح، فيما قويت سواعد المنصورين بالله.

العالم ينتظر المفاجآت على كل المستويات، والقادم من الأيام سيقلب الكثير من المعادلات التقليدية المعروفة في نهايات الحروب.

ثمة موازنات جديدة ستظهر عنوانها:

أنصار الحق يغيرون القدر، فيرسمون جغرافيا آخر الزمان، ويعيدون كتابة التاريخ لا تبعية فيها إلا للواحد القهار..!

انتظروا يمن ما بعد انقراض القبائل ومدن الملح.

ستظهر أمة قوية عزيزة تكون لها اليد العليا في كل الجزيرة العربية…

والله يحب الصابرين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى