أحدث الأخبارلبنان

“يوم الحساب” إستغلال لدماء الشهداء وسوء تقدير الجيش لخطر التجمعات

مجلة تحليلات العصر الدولية

عدنان علامه

لقد إستغلت قناة الجديد ذروة غضب الناس وسخطهم بعد إنفجار مرفأ بيروت الكارثي وسخطهم ودعت إلى التجمع والتظاهر تحت مسمى “يوم الحساب”. وقد لبت الجماهير الدعوة ظناً منها بأن الحساب سيطال المسؤوليين عن المقصرين والمتسببين بإنفجار العنبر رقم 12 قي مرفأ بيروت. ولكن السيناريو على أرض الواقع كان مختلفاً جداً. وبدأ تنفيذ الإنقلاب على السلطة وإحتلال الوزارات والتخريب إلى أن وصل الأمر إلى قتل رجلي أمن بدم بارد. وكانت المخطط إستجرار الدم الطائفي في بيروت مقدمة لحرب أهلية تخدم المشروع الأمريكي بنشر الفوضى مستغلين الجموع الساخطة والناقمة والغاضبة على فقد أحبائها نتيجة إنفجار مرفأ بيروت. فتم إحضار مجسمات الفتنة الأهلية المعدة مسبقاً للرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله وعلقوهما على المشانق. وكان الإصرار الشديد من المتآمرين على نقل هذا المشهد عبر وسائل التواصل الإجتماعي لإستثارة مناصري أمل وحزب الله لإستحضار ردات فعل غاصبة جداً. وقد انتشرت الصور إنتشار النار قي الهشيم ولكن بفضل بصيرة القيادة في أمل وحزب الله تم إفشال المخطط، وتم كبح جماح الَمناصرين بصعوبة بالغة.

لقد أعلن مجلس الوزراء مطلع الإسبوع حالة الطوارئ لمدة إسبوع وتم تكليف الجيش بإدارة البلاد. ومع الإحترام الشديد للجيش اللبناني الذي أكن له كل تقدير ومحبة إلا أنه لم يتم تقدير خطورة الموقف مساء يوم الجمعة على حملات التجييش والدعوات للحشد ومحاسبة السلطة التي رعتها قناة الجديد بالكامل تحت مسمى “يوم الحساب” وواكبتها لاحقاً قناتي ال أل بي سي، وال أم تي في. فالبلد في حالة طوارئ، وقرار إلغاء التجمعات والتظاهر لا يحتاج إلى أدنى تبرير للحفاظ على السلم الأهلي. فخلال تنفيذ مخطط الإنقلاب على السلطة المعد بدقة متناهية؛ أخطأ الجيش مرة أخرى في تقدير خطورة الموقف وتهديد السلم الأهلي من خلال ممارسات مجموعات التخريب التي كانت مهمتها مواجهة القوى الأمنية والإشتباك معها بكل الوسائل وخاصة بالحجارة بشكل مكثف .وجاء تدخل الجيش متأخراً جداً بعد إحتلال وزارات الخارجية والطاقة والبيئة وجمعية المصارف وسرقة ملفاتها وتخريب محتوياتها .

وانتقل إلى تحليل ممارسة الجماعات التخريبية التي استغلت تجمع الأهالي العفوي والساخط على فقد أحبتهم وجنى العمر. فقاموا بتدمير ما سلم في العاصمة من عصف إنفجار المرفأ. واللافت أن التحرك جاء متزامناً مع إستقالة بعض النواب المرتبطين بالسياسة الأمريكية. وللتعبير عن شدة ولاء النائبة السابقة بولا يعقوبيان للتوجيهات الأمريكية والإلتزام بها أصرت على إعلان إستقالتها من مكاتب قناة ال CNN. وبما إن اللبيب من الإشارة يفهم؛ فتوقيت دعوة قناة الجديد للتجمع والتظاهر ليس بريئاً.وقد أعلنت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد إستقالتها مع كتابة هذه الكلمات.

فقناة الجديد هي التي رعت وغطت وواكبت مراحل أعمال الشغب و”الصدفة” سمحت لها أن تتواجد في موقع وزارة الخارجية والوزارات الخارجية لحظة إحتلالها. والأخطر فإنها كانت تجري المقابلات مع اشخاص محددين سلفاً من سارقي الحراك في 17 تشرين الماضي وتحديداً نعمت بدر الدين التي أسهبت في تبرير “شرعية” إحتلال الوزارات وسرقة المستندات الرسمية بل وسمحت لها أحلام يقظتها وغطرستها أن تعين نفسها قاضياً لمحاسبة المسؤولين الرسميين.

فما حصل أمس هو مشروع إنقلابي لإحتلال كافة الوزارات والمؤسسات العامة وكانت المهام موزعة بدقة متناهية وأخطرها كان تكليف الضباط المتقاعدين بإحتلال وزارة الخارجية وإعلانها مركز قيادة لسارقي الحراك الذي إنكشف إرتباطهم بأجندات خارجية من خلال رفع يافطة كبيرة َمكتوب عليها “نريد بيروت منزوعة السلاح”. وكان الإجدى ان يرفعوا يافطات يطالبوا فيها بمحاسبة كل مسؤول أمر بحجز وتخزين كميات كبيرة جداً من المواد المتفجرة في مكان حيوي واستراتيجي مع العلم بخطورتها.
وقد توزعت المجموعات والمهام كالتالي:-
1- مجموعات للإعتداء على القوى الأمنية بالحجارة بشكل مكثف. 2- مجموعات لإقتحام مجلس النواب.
3- مجموعات خاصة للتخريب وإضرام النيران في الممتلكات العامة والخاصةونهب محتوياتها.
4- تكليف الضباط المتقاعدين من الجيش اللبناني تحديداً في إحتلال وزارة الخارجية ليشتبك الجيش اللبناني معهم.
5- تكليف مجموعة خاصة بقتل عناصر من القوى الأمنية حين يتم الإتفراد بهم في أماكن بعيدة عن التجمعات.
6-المهمة الأساس كانت على عاتق القنوات الإعلامية وتحديداً الجديد وال LBC وال MTV بحيث تركز على “وحشية” و”قمع” القوى الأمنية “للمتظاهرين الأبرياء” وعدم تصوير أعمال الشغب والإعتداء على القوى الأمنية. وتكثيف إستصراح سارقي الحراك لإسقاط الحكومة وتكثيف المقابلات التي تنال من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب بكيل من السباب والشتائم ولم يتم تكثيف المقابلات التي تتحدث عن محاسبة المسؤولين عن تخزين المواد المتفجرة لمدة تزيد عن 6 سنوات والتي كانت السبب المباشر في تفجير مرفأ بيروت. وقد كثفت وسائل الإعلام المذكورة نقل ” الإنجاز” في إحتلال وزارة الخارجية والوزارات الأخرى. وبررت هذه الوسائل أعمال التخريب وسرقة وإتلاف المستندات الرسمية.
وفي المحصلة لم يكن الجيش موفقاً في تأخير إصدار قرار حسم الأمور وتطهير الوزارات من محتليها لأن الأمر كله بيده بسبب إعلان حالة الطوارئ ولا يحتاج إلى أمر سياسي يغطي قراراته وتحركاته فالأمر برمته له. وكادت الأمور أن تفلت من عقالها لولا العناية الآلهية وحكمة وبصيرة وصبر حركة أمل وحزب الله. وأما الحكم على سارقي الحراك ووسائل الإعلام الذين استغلوا دماء الشهداء والجرحى وروجوا للفتنة لتنفيذ الفوضى وتهديد السلم الأهلي خدمة للأجندات الخارجية فأتركه لكم وللنيابات العامة للتحرك بحق المخربين والقتلة وقنوات الفتنة. لأن ما حدث أمس كان محاولة إنقلاب كادت أن تطيح بالبلاد والعباد بكل ما للكلمة من معنى ولا يمت بأي صلة بالتعبير الحضاري عن الرأي.

الرحمة للشهداء والشفاء لجرحى إنفجار مرفأ بيروت.

وإن غداً لناظره قريب

09/08/2020

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى