أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

٨ شباط المشؤوم

مجلة تحليلات العصر الدولية - محمد عبد الجبار الشبوط

اليوم هو ٨ شباط . ولمن وُلدوا بعد عام ١٩٦٣، أقول أنه في ذلك العام إستطاعت مجموعة من الشباب البعثيين غير الناضجين الإستيلاء على السلطة، وقتل عبد الكريم قاسم، أول رئيس وزراء في الجمهورية العراقية التي كانت قد أعلنت في ١٤ تموز من عام ١٩٥٨.
وللمعلومات فإن البعثيين قتلوا عبد الكريم قاسم ورفاقه بطريقة وحشية بحيث ترفض إدارة الفيسبوك نشر صورهم بعد مقتلهم لأنها تعتبر تلك الصور منافية لقواعد النشر .

حزب البعث، وهو حزب سوري في الأصل ، شوفيني دموي قومي عربي مغلق (عضويته مقتصرة على العرب) أسسه في عام ١٩٤٧ ميشيل عفلق وصلاح البيطار وزكي الارسوزي.
وقبل هذا التأريخ بسنوات قام هؤلاء الثلاثة بنشر المقالات للترويج لفكرته التي تعتبر غير العرب (الأكراد والسود والبربر) أجانب في البلاد العربية.

وتم تأسيس الحزب على صدى حزب الكتائب الإسبانية ، هو حزب فاشي تأسس في عام ١٩٣٤ على يد الجنرال فرانكو والذي أصبح الحاكم المطلق لإسبانيا حتى عام وفاته (١٩٣٩-١٩٧٥).

وعلى غرار حزب الكتائب اللبنانية، الذي تأسس كحركة قومية شبابية سنة ١٩٣٦ على يد بيار الجميل الذي إستوحى الأحزاب الفاشية الأوروبية، أهمها الحزب النازي الألماني وحزب الكتائب الإسبانية، وذلك بعد زيارة مؤسسه لألمانيا خلال الحقبة النازية ليشارك بالألعاب الأولمبية. تحول إلى حزب سياسي سنة ١٩٥٢.

بقيّ حزب البعث في السلطة تسعة أشهر الى أن أطاح به عبد السلام عارف (١٩٢١-١٩٦٦) في ١٨ تشرين الثاني ١٩٦٣.

كانت الأشهر القليلة التي تولى فيها حزب البعث الحكم لأول مرة من أكثر الفترات التي شهدها العراق قساوة. فقد شكل البعثيون ميلشيا “الحرس القومي” التي أصبحت الأداة الضاربة للحزب في القضاء على خصومه وخاصة من الشيوعيين والقوميين الناصريين إضافة الى الأكراد . وشن حملات إعتقالات عشوائية وإعدامات وحشية طالت الآلاف من الشباب والشابات الأبرياء ، منهم عمي منعم الشبوط، ومدرس الجغرافيا في متوسطة العرفان التي كنت أدرس فيها في ذلك الوقت.
كان خالي أحمد الشبوط بعثياً، لكنهُ ترك الحزب بعد فترة وجيزة. وحينما سألته عن السبب قال لي:”لقد إكتشفت لاحقاً إننا جئنا الى الحكم بقطار أميركي”. كان خالي رغم بعثيته الأولى ، رحمه الله، رجلاً وطنياً يحب إستقلال العراق.

كانت أدبيات الحزب قبل إستيلائه على السلطة تشتم عبد الكريم قاسم وتتهمه بأنه “دكتاتور”، لكنه أقام أقسى نظام دكتاتوري حين وصل الى الحكم، وبذلك ناقض المفردة الثانية في شعاره السياسي، أي الحرية. فقد إنتقل البعثيون بسرعة من الحرية الى الحزب القائد، ثم الحزب الواحد، ثم القائد الضرورة، ثم عبادة الشخصية، إسوة بهتلر (المانيا) وستالين (الإتحاد السوفييتي) و ماو تسي تونغ (الصين) وكيم إيل سونغ (كوريا الشمالية).

أما مفردتا الوحدة والإشتراكية، فقد سحقهما البعثيون بأقدامهم حتى الموت.

فعلى صعيد الوحدة تميزت علاقات العراق بمعظم الدول العربية بالتوتر، خاصة مع سوريا ومصر وأحياناً الأردن فضلاً عن دول الخليج. وبلغت ذروة التوتر بالحرب التي شنها صدام ضد الكويت. والأمر نفسه بالنسبة لعلاقات العراق مع الدول الأخرى ، وخاصة إيران التي شن ضدها حرب الثمان سنوات. كان البعثيون يعانون من عقدة فوبيا الآخر ، وتوهم أنهم ضحية مؤامرات خارجية تستهدف القائد والحزب والثورة.

ومع إن حزب البعث لا يملك فلسفة سياسية- إقتصادية متكاملة، إلا أنه جسّد نهجاً في الممارسة والحكم يتسم بالعسكرة والعدوانية والقمع والإضطهاد والتمييز العنصري والطائفي. وقد أصبح العراق في عهده الذي إمتد الى عام ٢٠٠٣ دولة منبوذة وعامل توتر في المنطقة والعالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى