أحدث الأخبارشؤون اوروبيية

‏المقال الاخير للكاتب السوري الأصل الألماني نائل بلعاوي قبل وفاته خلال هذا الأسبوع في النمسا

مجلة تحليلات العصر الدولية - عدنان مكّاوي

يقول الكاتب في مقاله:
لم أسمع حتى اللحظة من يقول: شكراً للحكومة على هذا الأداء البارع،
لا في النمسا ولا في جارتها الكبيرة، ألمانيا.
على اعتبار أن الجارتين قد حققتا إنجازا لافتاً خلال الأيام الماضية في الحرب المفتوحة ضد الوباء… وباء كورونا ..
لا أحد يقول شكراً لميركل مستشارة ألمانيا أو سيباستيان كورتز رئيس الحكومة النمساوية،
ولا أحد يمدح القيادة الحكيمة والحكومة الرشيدة …للمرحلة الحرجة، وأقصى ما يمكن أن يقوله النمساوي أو الألماني تعليقاً على النتائج الجميلة التي تحققت في البلدين: ’’لقد قامت الحكومة بما عليها أن تقوم به’’. أو : ’’يبدو أن الإجراءات التي اتخذوها كانت صحيحة’’.
فإلى الأمام…!
اليوم، قلت لصديق نمساوي هاتفياً: أعجبتني الحرفية العالية لحكومة كورتز خلال الأزمة… أزمة كورونا..
فأجاب: هذا دورها المنتظر وإن لم تحققه فعليها أن ترحل..!
فقلت له: ولكنها حققته، ألا تستحق الشكر على ذلك؟!

ــ لا، ولماذا نشكرها..
كورتز وأعضاء حكومته يتقاضون أجوراً شهرية عالية للقيام بمثل هذه الأدوار، وفي مثل هذه الأزمات تحديداً..
لقد وجدوا في مناصبهم لأجل هذا بالضبط، من أجل خدمتنا..
وهم يعملون على خدمتنا يا صديقي،
هذا شغلهم.. ولا شكر على واجب..

ــ أعرف، ولكن شكراً صغيرة … قد تعني الشيء الكثير..
– لا… شكراً ؛ تعني أن الحكومة قد قدّمت هدية من عندها لنا، وهذا غير صحيح.
لو شكرناها اليوم ؛ فعلينا أن ننحني أمامها غداً ونردد مثل القطيع:
شكراً لكم على كل شيء تقومون به أو لا تقومون به…!!
ونحن لسنا رعية .. وحاكمنا ليس راعيا..…!
عند نهاية المكالمة ، أخبرته بأنني سأكتب نصاً عن الكيفية التي تتم عبرها صناعة ثقافة العبودية … وتحويل {القادة} إلى آلهة، في الدول النايمة …!
وأن شكراً الصغيرة هذه قد تكون فاتحة جيدة لقراءة كتاب الاستبداد الكبير والكريه…في معظم بلادنا …
ومؤسساتنا … العربيات…!

العربي المسكين
مسكين العربي … لازم، ملزم ، واجب عليه أن يشكر مسؤوله … قبل الكلام وأثنائه وبعده.. ليل نهار..في حلّه وترحاله… وإلا يعدًُ مقصّرا جاحدا ناكرا للجميل…!
فما بالك لو تجرّأ العربي ونقد أداء مسؤوله…!؟
سيعدّ متمرّدا مشاغبا .. من الخوارج أو المعتزلة.. !
العربي … مثل ذلك المسكين الفقير الغلبان التعبان الأزرقي … إللي سرقوا حماره … صباحا… ثم أعادوه له مساء… بعدما اشتغلوا وكدّوا عليه… فشكرهم وقال لهم باكيا: جزاكم الله عنا كل خير…!

حاشية:
قبل أيام قرر البرلمان الاسترالي… زيادة راتب رئيس وزراء استراليا… باعتباره موظفا عاما مثابرا ومجدًا في البلاد… ب 25 ألف دولار سنويا..!
والشاهد:
في استراليا … الحاكم موظف عند الناس.. وليس الناس موظفين عنده…!

والبقية عندي…!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى