أحدث الأخبارفلسطينمحور المقاومة

34 عاماً على الولادة المتعسرة

مجلة تحليلات العصر الدولية - حمادة فراعنة

يحق لحركة ح .م .ا .س ومرجعيتها ومن يقف معها ودعمها، المباهاة بما أنجزت:
أولاً: ولادة فصيل سياسي فلسطيني ينتمي للتيار الإسلامي، وإن كان قد تأخر أكثر من عشرين عاماً عن شراكتها للفصائل الفلسطينية: الوطنية والقومية واليسارية، نحو ممارسة النضال ضد المستعمرة، حيث تشكلت من رحم الانتفاضة الأولى عام 1987،  بينما فتح عام 1965، الجبهة الشعبية 1967، الجبهة الديمقراطية 1969 .
ثانياً: تقديمها التضحيات من خيرة قيادات الصف الأول، عبر مسيرة العمل الكفاحي، وتوجيه ضربات موجعة لجيش المستعمرة وأدواتها.
ثالثاً: نجاحها بتفوق في الانتخابات التشريعية عام 2006، وحصولها على مكانة الفصيل السياسي الأول، حيث أهلها ذلك تولي رئاسة المجلس التشريعي-عبد العزيز الدويك، ورئاسة الحكومة- اسماعيل هنية، للسلطة الفلسطينية.
سنوات يمكن وصفها بالعمل الكفاحي المميز، والحضور السياسي القوي، والانجاز الوطني لصالح شعبها الفلسطيني وحركته الوطنية، ساهمت من خلالها إجبار شارون على فكفكة المستوطنات، وإزالة قواعد جيش الاحتلال ورحيلهم عن قطاع غزة عام 2005.
ولكن بنفس القيمة والقوة والمباهاة، عليها أن تخجل من تداعيات ما فعلته سلبياً على المشهد الفلسطيني سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وعلى قطاع غزة وأهله بشكل خاص من خلال الأفعال التالية:
أولاً: الانقلاب العسكري الدموي الذي بادرت له عبر قرار حسمها العسكري، وسيطرتها الاحادية على قطاع غزة منذ حزيران 2007، وتفردها في إدارته لأكثر من 14 سنة من عمرها 34 سنة.
ثانياً: بدلاً من أن تقدم قطاع غزة نموذجاً من الحرية والكرامة، بعد انحسار جيش المستعمرة، وفرض الحصار التجويعي الظالم، يسود القطاع التفرد والأحادية، ويعاني شعبه الفقر والجوع، وسيطرة اللون السياسي الواحد وأدواته ومظاهره، لتدلل بالملموس أن التيار السياسي الإسلامي، لا يؤمن بشرعية صناديق الاقتراع ونتائجها، ولا يحترم التعددية ولا يقبل بها، وها هي منذ سيطرتها المنفردة على قطاع غزة، لا يتوفر أي مظهر من مظاهر الانتخابات البلدية والنقابية والطلابية، وتستعمل كل الحجج التي تختفي خلفها، والذرائع التي تتسلح بها لاستبعاد خيار الانتخابات.
ثالثاً: تقبل على نفسها تلقي الدعم المالي عبر موافقة أجهزة المستعمرة، ورضاهم، ومراقبتهم، على قاعدة التهدئة الأمنية، مثلها مثل سلطة رام الله، التي تمارس التنسيق الأمني مقابل تلقي الرواتب والتغطية المالية.
قطاع غزة، قدم التضحيات التي أعادت للفلسطينيين كرامتهم، والحفاظ على هويتهم، وعدم إذعانهم، وأربع حروب عدوانية همجية من قبل المستعمرة 2008، 2012، 2014، 2021، بهدف تقويض سلطة ح .م .ا .س واضعافها، عبر تقليم أظافرها، وخلع أنيابها، ولم يكن في حسابات المستعمرة إسقاط حكمها، لهدف أمني استراتيجي بقاء الانقسام بين طرفي المعادلة الفلسطينية، وحصيلته تحول القطاع ليكون عنواناً للفقر والحاجة والدونية، وبات أهله في الدرك الأدنى من الحياة، يدفع الشباب نحو الهروب إلى المنفى ولقمة العيش، يدفعون حياتهم ثمن الأبحار والرحيل والتشرد.
الأفعال الجادة التي وفرتها كتائب ال .ق .س .ا .م من حيث التدريب والتسليح، والاستعداد الكفاحي، لم تجعل سلطة غزة، أرقى من سلطة رام الله، فكلتاهما عنوان للوظيفة والامتيازات، فالمعيار للنجاح والتقدم لا يقتصر على العدد والعدة وحسب، بل معيار القوة هو التماسك الاجتماعي، والشراكة الوطنية، وعلو شأن الإنسان ورفعته، وهذا أحد أسباب استمرارية المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وخياره الدائم: تداول السلطة وفق نتائج صناديق الاقتراع، وهو ما تفتقده فلسطين وسلطتاها الاستئثاريتان في غزة ورام الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى