تزامن وصول بعثة إسرائيلية – أميركية يترأسها مستشار الرئيس الأميركي وصهره، جاريد كوشنر، إلى الإمارات، لوضع اتفاق تطبيع العلاقات بينها وبين إسرائيل موضع التنفيذ، مع وقوع انفجارَين منفصلَين، أحدهما في العاصمة أبو ظبي والآخر في دبي، تسبّبا بمقتل ثلاثة أشخاص. انفجاران جاءا، وفق الرواية الرسمية، نتيجة مشكلات في تمديدات الغاز؛ إذ ذكر المكتب الإعلامي لحكومة أبو ظبي أن شخصين قُتلا في الانفجار الذي وقع في العاصمة، واستهدف مطعمَي “كيه إف سي” و”هارديز” في شارع راشد بن سعيد، المعروف بكونه طريقاً رئيساً إلى المطار، حيث كان يُنتظر وصول الطائرة التي تقلّ الوفد. وأظهرت التحقيقات الميدانية أن “الحادث” نتج من “خطأ في تأمين تمديدات الغاز”، وفقاً للمكتب الإعلامي الذي دعا إلى “تجنّب نشر الشائعات” بعد انتشار صور على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر دماراً كبيراً في المبنى حيث يقع المطعمان. انسحبت هذه الرواية أيضاً على الانفجار الذي استهدف مطعماً في دبي، ليتبيّن أن الحريق “ناجم عن انفجار نتيجة تسرّب غاز”، وفق الدفاع المدني الذي تحدّث عن وجود “حالة وفاة واحدة بسبب تداعيات الانفجار”.
على مدى اليومين الماضيين، التزمت الإمارات – ومعها وسائل الإعلام العالمية – رواية “الغاز”، من دون أيّ تعديل من شأنه أن يُحدث جلبةً تعكّر صفو احتفالات “السلام” في أبو ظبي، حيث كانت البعثة الأميركية – الإسرائيلية توقّع اتفاقات تمهيدية لتوقيع اتفاق تطبيع العلاقات النهائي في البيت الأبيض خلال الأسابيع المقبلة. لكن انشغال الإمارات بضيوفها لا يلغي دأب هذه الأخيرة، لدى وقوع هجوم أو حادثة، على تضخيم سجلّ الكذب الخاص بها. ولعلّ حرب اليمن تشكّل أبرز أمثلة في هذا السياق. فأبو ظبي لم تعترف يوماً، أو أنها اعترفت متأخّرة، بالهجمات التي استهدفتها، والأمثلة كثيرة: منها الهجوم الذي شنّته “أنصار الله” بطائرات مسيّرة على مطار أبو ظبي الدولي في منتصف آب/ أغسطس عام 2018، والذي نفته السلطات في حينه، متحدّثةً عن أن المطار توقّف لفترة وجيزة بسبب تعطّل مركبة لنقل الإمدادات في ساحة المطار التابعة لمبنى المسافرين الرقم 1، لكن الحركة نشرت تسجيلات مصورّة تُظهر بوضوح عملية استهداف المطار. وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2016، أعلنت “أنصار الله”، أيضاً، تدمير بارجة حربية إماراتية تابعة لـ”التحالف” من طراز “سويفت” بصاروخ موجّه قبالة سواحل المخا في البحر الأحمر غربي تعز، فيما أصرّت قيادة العدوان على أن السفينة المستهدَفة إغاثية، وكانت في طريقها إلى عدن لنقل مساعدات إنسانية.
كذلك، بدا الارتباك واضحاً في تعاطي السلطات الإماراتية مع هجوم ناقلات الفجيرة في 12 أيار/ مايو 2019، إذ لجأت، بدايةً، إلى نفي الخبر الذي أوردته وسائل إعلام إيرانية أكدت وقوع انفجارات، قبل أن تعترف بوقوع الهجوم عبر إصدار بيان رسمي يؤكّد تعرّض أربع سفن شحن تجارية متعدّدة الجنسيات لما سمّته “عمليات تخريبية” في مياهها الاقتصادية في اتجاه ميناء الفجيرة على بعد 115 كيلومتراً من حدود إيران. وبعد ثلاثة أيام من وقوع الهجوم، رأى وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، “بصمات إيران واضحة على اعتداء ناقلات النفط الأربع، في الفجيرة”.