أصبع على الجرح .. السيادة بلا لون ولا طعم ولا رائحة ..
مجلة تحليلات العصر - منهل عبد الأمير المرشدي
مع إستمرار حالة الوهن والتشرذم التي تؤطر مجمل العملية السياسية في العراق وبما انتجت من غياب شبه تام لمفهوم السيادة الوطنية حيث يبدو العراق اليوم في مفترق الطرق بين الدولة واللادولة وبين الوجود واللاوجود فإن القائمون على الأمر رئاسات وحكومة وبرلمان وقضاء بين أمرين لا ثالث لهما , أما إثبات معالم السيادة الوطنية للدولة العراقية ومصاديقها الفعلية والميدانية والجيوسياسية والإعتبارية أو الإعتراف بإننا دولة بلا سيادة . إن المفهوم قانوني للسيادة يتناسب طرديا مع وجود الدولة وممارسة دورها وصلاحياتها وعلاقاتها بمواطنيها وبغيرها من الدول، فهي أحد أهم الخصائص الرئيسية للدولة وهي الشرط الأساسي لاعتبار الكيان السياسي دولة فلا دولة بدون سيادة ولا سيادة بدون إستقلال (تام) يمنحها الحق بالتشريع وإصدار القوانين والمراسيم وتنفيذها على مساحة خارطة الدولة وهي التي تضمن المساواة مع غيرها من الدول وتمنع هذه الدول من التدخل في شؤونها الداخلية والخارجية. ما يمر به العراق اليوم في الشأن السيادي يرتقي لمستوى الكارثة حيث تهاوت الأوضاع لما هو قريب من انهيار تام لكل ما يدل على إننا دولة ورئيس ودستور وعلم . من الواضح جدا لكل ذي عقل وبصيرة ان مفردات البرنامج الحكومي لدينا ومجمل خطواتها وقراراتها فاقدة لمستلزمات القرار مع غياب الإستراتيجية النابعة من رؤية مستقلة لإصلاح الوضع المزري الذي ينبئ بكل ما لا يحمد عقباه . نعم فإن أبرز خصائص السيادة أنها وحدة واحدة لا تتجزأ، وأنها غير منقوصة ولا يمكن التنازل عنها وإن تعدد السلطات لا يعني أبداً تقاسماً للسيادة وإنما هو تقاسم للإختصاص والوظيفة . على سبيل المثال لا الحصر وفي الشأن الخارجي فإن ما تمثله السفارة الأمريكية من حيث العدة والعدد بقلب المنطقة الخضراء في بغداد ناهيك عن تجاهل الأمريكان لسيادة الدولة العراقية في سيطرتها على الأجواء وانتشار ٌقواتها في القواعد العسكرية في الغرب والجنوب والشمال ناهيك عن إملائاتها على مصطفى الكاظمي بعدم تنفيذ الإتفاقية مع الصين والإنقياد الأعمى بتسليم نفط العراق عبر الإتفاق مع الأردن ومصر مع احتلال تركيا للأراضي العراقية في الشمال . أما في الشأن الداخلي فإن ما يجري في إقليم كردستان من سطوة الحزبين البارتي والإتحاد وفساد عائلة البره زاني وسيطرتها على مقدرات الدولة وسرقة اموال العراق مع ما نشهده من تفشي سرطان المحاصصة وتعدد الدويلات العميقة التي تعيث في الأرض فسادا. انما هي مفردات صارخة بوجه من يدعي إن السيادة خط أحمر بإن ما بيننا وبين السيادة مسافات شاسعة مع اتساع مساحة التخلف في تكنولوجيا المعلومات والإتصالات وبقية السمات والخصائص الأساسية للدولة جعلت من سيادة العراق بلا لون ولا طعم ولا رائحة ونكون قد وصلنا الى مرحلة الدولة الفاشلة .