أحدث الأخبارشؤون آسيوية

أفغانستان… ومعركة الحرية والديمقراطية

مجلة تحليلات العصر الدولية - د. محسن القزويني / صحيفة الاحداث

يُشكل الهزارة 10% من سكان أفغانستان، وإذا أضفنا إليهم الشيعة من البشتون والتاجيك لارتفعت نسبة الشيعة إلى 22% وهي تُعادل 9 ملايين من مجموع 40 مليون هم عدد الأفغان، وكان من المتوقع أن تضُم التشكيلة الوزارية لحكومة طالبان على الأقل 9 وزراء من الهزارة حسب التمثيل السكاني، لكن تفاجأ المراقبون بأن الوزارة المشكلة لم تضم ولا وزيراً واحداً من هذه الطائفة، بل أكثر من ذلك لوحظ أنها ضمت عدداً من الوزراء المتشددين خلافاً لما أعلنته طالبان بأنها ستشكل حكومة شاملة تحترم حقوق الانسان وتنشد السلام والاستقرار، يأتي ذلك بالرغم من الموقف السلمي الذي وقفته الهزارة من طالبان فهي لم ترفع السلاح بوجه الاجتياح العسكري مثلما جرى في بنجشير حيث امتنع أحمد مسعود عن تسليم ولايته لطالبان وهو من التاجيك، وقيل ان بعض القبائل من الهزارة اشتركوا في القتال إلى جانب طالبان مما يخفف العداء التاريخي والمستحكم بينهم وبين طالبان، أضف إلى ذلك هناك قبائل شيعية من البشتون وهي القومية التي ينتمي إليها طالبان.
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار تصريحات طالبان خلال اجتياحهم لأفغانستان والتي اتسمت بالانفتاح على القوميات والمذاهب والتي كانت السبب في ترحيب القبائل الأفغانية بهم ‘وتسليم المحافظات اليهم بدون قتال.
على رغم الماضي الدموي الذي اتصف به تاريخ طالبان، لكن مع تشكيل أول حكومة خابت الآمال وتبددت أحلام الأقليات بأن شيئاً لم يتغير في حركة طالبان التي احتكرت السلطة بكاملها لأفرادها بل أسندت أهم وزارتين في الحكومة هي وزارة الدفاع لأحد أبناء حقاني ووزارة الداخلية لأحد أبناء ملا عمر اللذان عُرفا بتشدّدهما ‘وهذا ما رجح الرأي القائل بأن طالبان لم تتغير ولن تتغير حتى لو لبست لبوس الحرية وحقوق الانسان فإنها ما تلبث لتخلع عن نفسها هذا القناع لتعود إلى ما كانت عليه قبل عشرين عاماً من انتهاكٍ للحريات وازهاقٍ لأرواح الناس على أبسط المخالفات السياسية ‘ وتحجيم أي دور للأحزاب والتجمعات الأخرى من غير طالبان ومن غير البشتون.
وإلى جانب هذه القراءة هناك من يرى أن طالبان في هذه المرة أكثر وعياً ومسؤولية وأكثر واقعية وانفتاحاً من الآباء الذين تسببوا في انهيار امارتهم قبل عشرين عاماً بسبب تلك الممارسات الشوفينية التي أدانها المجتمع الدولي والتي كانت سبباً لسقوط دولتهم سريعاً، فالدروس التي تلقاها المؤسسون الآباء كانت موجعة والآن وبعد سلسلة طويلة من المفاوضات مع الامريكان ومع اطراف أفغانية من قبائل وأحزاب من مختلف الولايات ‘كان الجيل الجديد من طالبان أكثر حرصاً على الإمساك للسلطة والاحتفاظ بها قبل أن تضيع منهم مرة أخرى بسبب الممارسات الخاطئة، وذلك باشراك كل القوميات والمذاهب في السلطة وترك بعض الحقائب الوزارية فارغة ربما يؤشر إلى رغبة طالبان في اشراك بعض الممثلين عن القوميات الأخرى بعد اجراء المفاوضات معها . ويأتي على رأس القوميات طائفة الهزارة التي تعد رقما صعبا في أفغانستان من حيث التعداد السكاني ومن حيث عدد الافراد الذين يحملون السلاح من هذه الطائفة سواء في داخل أفغانستان أو خارجها، فعدد الهزارة في باكستان يُشكل خُمس سكان البلد، فلا يقل عددهم عن عدد الهزارة في أفغانستان وتالياً فهم يُشكلون قوة ساندة لإخوتهم عند استشعار الخطر، أضف إلى ذلك قيام ذوالفقار اميد أحد قادة الهزارة بالإعلان عن تشكيل قوة حماية للدفاع عن أبناء قومه، وفي الغرب من أفغانستان وعلى الأراضي السورية هناك 14 الف مقاتل ؛هم الفاطميون يُراقبون عن كثب تطور الأوضاع السياسية في بلدهم، وهم على استعداد للدفاع عن أبناء جدتهم متى اقتضى الأمر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى