إتفاقية إسرائيل والإمارات ليست بالإختراق الضخم أو إتفاقية سلام تاريخية
مجلة تحليلات العصر الدولية
عدنان علامه
تغريدات ترامب مثيرة للجدل وتدل على غطرسته وحمقه. فإنه أول رئيس أمريكي يعتمد على التويتر بشكل كلي في إدارة البلاد إلى جانب كثرة التصريحات في المؤتمرات الصحفية المثيرة وللجدل لإرضاء غروره، عجرفته، غطرسته وديكتاتوريه. وأنها في الحقيقة تبين حمقه وجهله التام في أمور عديدة وتظهر في بعض الأحيان الحقائق الصادمة في فلتات لسانه.
فغرد ترامب مضخماً إظهار العلاقات التطبيعية الكاملة السرية بين الكيان الغاصب والإمارات إلى العلن وذلك لتحقيق إنتصارات وهمية له ولنتنياهو لإرضاء غطرستة وغروره وتحسين وضعه الإنتخابي. ويعتبر الإتفاق طوق نجاة لنتنياهو الذي يواجه خطر سقوط حكومته بسب خلافاته مع غانتز؛ الأمر الذي يستلزم انتخابات رابعة جديدة غير مضمونة النتائج لنتنياهو . وهذا يسمح بمحاكمته بتهم الرشوة والفساد. والخاسر الأكبر هو الإمارات التي وقعت في الفخ الصهيوأمريكي بإحضار الدببة إلى كرمها بتحالفها مع الكيان الغاصب ضد إيران. وتعتبر هذه الخطوة بمثابة إعلان حرب عليها. ومن ناحية أخرى تريد الإمارات أن تحقق إنتصاراً وهمياً بتصوير نفسها بأنها المنقذة لحقوق الشعب الفلسطيني؛ فأعلنت بكل وقاحة ” بأن السلام مقابل وقف الضم”. والكل يعرف بأن وقف الضم هو بسبب رفض المجتمع الدولي في الوقت الحاضر لهذه الخطوة، والنتائج السلبية على مستقبل ترامب ونتنياهو في الإنتخابات. لذا تم تجميد الخطوة حتى تسمح الظروف بذلك.والأهم من ذلك بأن ترامب سيبتز الإمارات لتمويل حملته الإنتخابية.
وقد سرب نتنياهو أنه زار سراً الإمارات مرتين كما سرب بأن العلاقات السرية مع الإمارات مستمرة منذ عشرين عاماً.
فالكيان الغاصب يبتز الآخرين لتنفيذ أهدافه الإستراتيجية على المدى البعيد. فكان يخطط منذ الستينات للسيطرة مباشرة أو بالواسطة على باب المندب وجزيرة بريم تحديداً يالإضافة إلى جزيرة سقطرى.
ويعود التواجد الإسرائيلي الخفي في باب المندب إلى ستينيات القرن الماضي، وتحديداً عندما قررت بريطانيا، وعلى وقع ضربات المقاومة وتوسع حجم العمليات الفدائية، الرحيل من عدن ومن المحافظات الجنوبية. قبل ذلك، كانت إسرائيل قد نسجت خيوط العلاقة مع دولة إثيوبيا، واستفادت منها في إيجاد موطئ قدم لها في منطقة جنوب البحر الأحمر، عبر استئجار جزر إثيوبية (قبل استقلال إرتيريا بعقود)، أعقبته محاولات التمدد والتوسع للسيطرة على مضيق باب المندب خشية إسرائيل من رحيل المستعمر. وبينما كانت بريطانيا تستعد لمغادرة جنوب اليمن، بما في ذلك الجزر المحتلة ومنها ميون وسقطرى وكمران، سرعان ما تحركت تل أبيب مطالبةً لندن بالابقاء على احتلالها لجزيرة ميون/ بريم، المشرفة على مضيق باب المندب. وتذكر مصادر تاريخية أن بريطانيا استجابت للطلب الإسرائيلي الذي قدم مطلع العام 1967م، ورأت الإحتفاظ ببعض قواتها في جزيرة بريم، بحجة حماية عدن من أي إحتلال خارجي. وبحسب المصادر، فإن الكيان الصهيوني أبدى خشيته من تعرض الملاحة الإسرائيلية للخطر في حال خروج القوات البريطانية ورحيلها عن جنوب اليمن.
وجاء على لسان وزير الخارجية الإسرائيلي، في 29 يونيو 1966م، القول: إذا سقطت جزيرة بريم (ميون) في أيد غير صديقة، فقد ينجم موقف خطير كما حدث في خليج العقبة وعلى نطاق أخطر، مطالباً بريطانيا بعدم الإنسحاب من الجزيرة والاحتفاظ بها حتى وضعها تحت الإدارة الدولية.
فلجأ الكيان الغاصب إلى السعودية والإمارات مقابل السيطرة على الثروات اليمنية وضمان عدم تدخل المجتمع الدولي والأممي ومجلس الأمن. وبما أن الإمارات تصدر نفطها من خليج عمان وهي منتشرة في أريتريا والصومال فكان من مهمتها إحتلال كافة الموانئ. وكان الكيان في نفس الوقت يخطط للتخلص من إجراءات تفتيش رجال الجمارك وحرس الحدود المصريين في مضيقي تيران وصنافير. ونتيجة للتدخل الأمريكي مع مصر أصبحت جزيرتي تيران وصنافير المصريتين وبقدرة قادر ملكية سعودية واقرّت مصر في مجلس النواب ملكية السعودية لهاتين الجزيرتين بتاريخ 14 حزيران 2017. وبالتالي أصبحت مياه تيران وصنافير مياه دولية ولا احد يستطيع تفتيش اي سفينة تخرج من موانئ فلسطين المحتلة. وهكذا ضمن الكيان الغاصب حرية الملاحة في مضيقي تيران وباب المندب وخليج عمان ذهاباً وإياباً.
وبتاريخ الاثنين، 29 أكتوبر / تشرين الأول 2018 برزت على مواقع التواصل الاجتماعي صور لوزيرة الثقافة الإسرائيلية ميري ريغيف وهي مرتدية الحجاب ودنست برفقة مسوؤلين إماراتيين مسجد الشيخ زايد في أبوظبي.
يذكر أنه كان قد تم عزف النشيد الوطني الإسرائيلي الأحد 28 أكتوبر / تشرين الأول 2018 في أبو ظبي للمرة الأولى بعد أن أحرز أحد الرياضيين الميدالية الذهبية في بطولة عالمية للجودو.
وقد توجّه بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي للاعب الجودو ساغي موكي بالقول: “جلبت لنا فخراً عظيماً حيث تم بفضلك عزف نشيدنا الوطني لأول مرة في أبو ظبي. جميعنا نفتخر بك كثيرا!”
وللتأكيد على العلاقات السرية بين الكيان الغاصب والإمارات فقد كشفت قناة تلفزة للعدو ناطقة بالعربية، عن زيارة وفد عسكري من دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى “إسرائيل” برفقة مسؤول أمريكي رفيع المستوى.
وكشف “مصدر خليجي”، لقناة “i24” الإسرائيلية، عن “زيارة قام بها مؤخراً وفد عسكري إماراتي إلى إسرائيل، من أجل التعرف على مقاتلات إف F-35 الأمريكية”، حيث يوجد في “تل أبيب” عددا منها.
وتوسط نتنياهو مع ترامب لتزويد حليفته الإمارات بطائرات F35 برغم الحظر الأمريكي بعدم بيعها لأي طرف في المنطقة حفاظاً على التفوق النوعي للعدو. وصرح نتنياهو : “بأن الكيان الغاصب قد وفى بوعده وسمح بتزويد الإمارات بطائرات F35 وعلى الإمارات أن تفي بوعدها الآن “. ولم يذكر أية تفاصيل عن ماهية ذلك الوعد .
ولا ننسى هبوط عدة طائرات إماراتية تحمل مساعدات طبية في مطار بن غوريون؛ وأدعت أنها للفلسطينيين وهي لم تنسق معهم من قريب أو بعيد.
وبالتالي فإن إدعاء ترامب بأن الإتفاق هو إختراق ضخم، وإتفاقية سلام تاريخية لا يمت إلى الحقيقة بأية صلة. فالعلاقات بين الكيان الغاصب والإمارات كانت منذ عدة سنين وبرعاية أمريكية مباشرة. وما هذه المسرحية سوى محاولات يائسة من ترامب لتحسين وضعه الإنتخابي ولإنقاذ نتنياهو من سقوط حكومته ومحاكمته.
وإن غداً لناظره قريب
17/08/2020