إسماعيل هنية … حضور دبلوماسي وثقل سياسي وبعد ثوري
كتب: عماد توفيق عفانة
العصر-تتعزز فرص إسماعيل هنية زعيم حركة حماس في تحقيق حضور دبلوماسي لحركة حماس، وتوظيف فعال لثقلها السياسي، مع كل تراجع في دور وحضور لمنظمة التحرير والسلطة، وغياب دورها في الدفاع عن الشعب الفلسطيني الذي يستبيح العدو بيضته، وضعف حضورها الدبلوماسي، في ظل عدوان صهيوني وحشي، كان من شأنه أن يمنح المنظمة والسلطة مزيد من أوراق القوة، لو ارادت تأمين حشد دولي، وتكوين رأي عام أممي، لترجمة الإدانة الواسعة لجرائم العدو، الى قرارات واجراءات.
يمثل وضع الشعب الفلسطيني السياسي والميداني والأمني المتدهور، بيئة مواتية أمام إسماعيل هنية الذي يترأس المكتب السياسي لحركة حماس، لمليء الفراغ القيادي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، في ظل تخلي قيادة المنظمة والسلطة عن القيام بدورها الطبيعي تجاه قضايا شعبنا، لناحية مواصلة اتصالاته السياسية بالزعماء والقادة على مستوى العالم العربي والإسلامي، لجهة حشد الدعم والتأييد للشعب الفلسطيني ومقاومته المتنامية.
هنية الذين يقود نخبة من القادة المخضرمين، الذين صقلت تجاربهم الأيام الصعبة، يواصلون تحركاتهم مدفوعين باستشعارهم حجم المخاطر التي تهدد القضية الفلسطينية، والتي تتمثل بمواصلة العدو تهجير العوائل المقدسية من أحياء القدس وهدم منازلهم، وعلى رأسها حي الشيخ جراح، ومحاولات فرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد الأقصى، والعدوان الاجرامي المتواصل على مدن وقرى القدس والضفة المحتلة.
وقائع تفرض على قيادة حماس، كأكبر حركات المقاومة الفلسطيني، مواصلة حشد الدعم للقضية الفلسطينية ذات البعد العروبي والإسلامي، وفي القلب منها قضية القدس ذات الرمزية الدينية، القادرة على بث روح الثورة والانتفاضة في اوصال جماهير الامة من المحيط الى الخليج.
من هنا يمكن تفسير تحركات هنية على رأس قيادة حماس في كل اتجاه، تحركات حققت بلا شك زخمًا حقيقيًّا سياسياً ودبلوماسياً وإعلامياً، على أمل أن يصب كل ذلك في اسناد صمود الجماهير الفلسطينية عموما والمقدسية على وجه الخصوص، كما على المزاج العام لدى جماهير الأمة المناصرة للحق الفلسطيني.
الأمر الذي برزت مفاعليه في التصريحات الإعلامية الدولية المتواترة حول تجريم الاحتلال وادانته في كافة المحافل، وفي الدعوات لوقف جرائم العدو وانتهاكاته ودعم صمود شبعنا في الضفة والقدس، وفي اشغال القضية الفلسطينية وأحداثها حيز أكبر في أغلب المنصات العربية والإسلامية وحتى الدولية، لجهة توسيع وتكثيف تغطيتها لما يحدث في الضفة والقدس انسجامًا مع التوجهات السياسية، استجابة للجهود والاتصالات التي تجريها قيادة حماس.
غير أن شعبنا الفلسطيني الذي يواجه بطش المحتل ومغتصبيه بصدوره العارية كل يوم، يتوقع أن تستجيب الجماهير العربية والإسلامية لجهود حماس وتحركاتها، سواء في الميادين من خلال؛ المسيرات الحاشدة، والوقفات، والاعتصامات، والتفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي، لجهة بناء رأي عام كفيل بتشكيل ضغط على المستويات السياسية في بلدانها، لناحية تلبية نداء الواجب الوطني والعروبي والإسلامي لتوفير دعم وإسناد عربي حقيقي لحماية شعبنا وإنقاذ القدس من التهويد والتقسيم.
توسع عدوان الاحتلال على الشعب الفلسطيني وفي المقدمة منها مدينة القدس وأهلها، يوسع الخيارات السياسية المتاحة أمام حماس التي تتصدر قوى المقاومة وتتحدث باسمها، ويشجعها على بذل مزيد من الجهود السياسية المكثفة، للتواصل مع زعماء العالم العربي والإسلامي، اتصالات تتجاوز استعراض المستجدات الخطرة التي تتهدد القضية الفلسطينية، نحو تصدير مواقف أكثر جدية وحزم، يوازي حجم العدوان على قضية العرب المسلمين الأولى.
فقد شملت تحركات قيادة حماس الأخيرة كل من الجزائر، المغرب، سوريا، مصر، قطر، تركيا، إيران، والملكة السعودية، ودول أخرى، فضلا عن مواصلة حملات التواصل المباشرة وغير المباشرة مع القادة والزعماء السياسيين والمحليين والعلماء والمؤثرين، في مختلف دول العالم العربي والإسلامي.
الأمر الذي من شأنه:
– تعزيز شرعية المقاومة الفلسطينية لجهة تحقيق تمثيل حقيقي للقضية الفلسطينية.
– وضع زعماء العرب والمسلمين وزعماء العالم أمام مسؤولياتهم، وتعرية وفضح الاحتلال وممارسات الارهابية المتصاعدة.
– تشكيل مظلة وطنية ودولية لتحركات المقاومة وجهودها في الدفاع عن شعبنا سواء في الضفة الغربية والقدس أو في غزة.
– حشد الدعم العربي والإسلامي لقضية القدس، وتعزيز صمود المقدسيين وتوفير الغطاء السياسي والوطني لتضحياتهم وانتفاضتهم ضد الاحتلال.
– تشكيل بيئة مواتية لعزل الاحتلال ونبذه وادانته وتكثيف الضغوط عليه، لوقف إرهابه المنظم وسياساته التوسعية، والحيلولة دون الاستفراد بشعبنا، ووقف قطار التطبيع معه.
تنبؤنا دروس التاريخ ان الواقع يصنع زعماؤه، وفي ظل تنامي الحديث عن ترشيح خلفاء للرئيس عباس الذي نهشه المرض واصابه الهرم، لا يمكن للشعب الفلسطيني أن يقبل بزعماء لا يتصدرون ثورته، ولا يمثلون تطلعاته في الحرية والانعتاق، ولا يتحدثون بصوته المجلجل في مختلف ميادين الشرف والفداء، ولا يملكون حضور دبلوماسي، وثقل سياسي، وقبول شعبي، وبعد ثوري.