الاتّفاقُ الإيراني السعوديّ وتأثيرُه على السلام في اليمن
د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
العصر-أُعلن في الصين مؤخّراً عن اتّفاقِ إعادة العلاقات بين إيران والسعوديّة، واعتبر الكثيرُ من المحللين السياسيين والإعلاميين تلك الخطوةَ مؤشِّرًا على قُرب انتهاء الحرب في اليمن.
والهدفُ من تلك التحليلات هو محاولةُ التأكيدِ على أن لإيران دورًا رئيسيًّا في استمرار الحرب، وتصويرُ أن الغايةَ من هذا الاتّفاق هي إنهاءُ العدوان على اليمن، ولكن موقفَ صنعاءَ -الذي جاء على لسان الأُستاذ محمد عبدالسلام من الاتّفاق- كان واضحًا، وهو الترحيبُ بالاتّفاق؛ بحُكمِ أنه عُقد بين بلدين إسلاميين متجاورَين؛ وأمَّا السلام في اليمن فله شروطٌ أُخرى أعلنت صنعاءُ عنها مراتٍ عديدةً، بحيث تتم معالجة القضايا الإنسانية أولًا، ثم يتم الحديث عن الجانب السياسي، وَإذَا لم يتم التعامل مع شروط صنعاء بجديةٍ فلن يتحقّقَ السلام، سواء عادت العلاقاتُ بين طهران والرياض، أَو لم تعد.
اليمنُ لم تعلنِ العدوانُ على أحد، وإنما تم إعلانُ العدوان من واشنطن، على لسان السفير السعوديّ عادل الجبير، وعقب الإعلان بدأ القصفُ على معظمِ أنحاء اليمن بشكل همجي وغير مسبوق استهدف جميعَ فئات الشعب ومقدراته؛ ولذلك لا يمكنُ أن يتحقّقَ السلامُ إلَّا بعد أن تتم معالجةُ التَّبِعاتِ الإنسانية لذلك العدوان، وخَاصَّة رفعَ الحصار الجائر، وصرفَ مرتبات الموظفين بشكل كامل من ثروات الشعب من النفط والغاز، ولا يمكنُ لحكومة الإنقاذ أن تسمحَ لدول العدوان بأن تمرِّرَ أجندتَها التي تتعارَضُ مع مصالح الشعب اليمني، مقابل سلامٍ ممنوحٍ من الأعداء ومشكوكٍ فيه، من خلال الضغوطات، أَو من خلال الترغيب أَو الترهيب.
لم يصلِ الشعبُ إلى ما وصل إليه من القدرة على فرض شروطه، وإرغام عدوه على التفاوض معه إلَّا من خلال امتلاكِه لأدواتِ القوة التي تمكِّنُهُ من تحقيق أهدافِه، دون الرجوع إلى قرارات المجتمع الدولي، أَو بالاستعانة بأية قوًى حليفةٍ أَو صديقة أَو غيرها؛ ولذلك فلن يؤثِّرَ التقارُبُ الإيراني السعوديّ على تسريعِ أَو تأخيرِ السلام في اليمن، أَو يجبرَ اليمنيين على التنازُلِ عن تطلعاتهم في التحرّر من الهيمنة الأجنبية، وضمان استقلال قرارِهم الداخلي والخارجي، والعمل على تسخير ثرواته لمصلحة التنمية في البلاد، وغيرُ ذلك يُعتبَرُ أضغاثَ أحلامٍ لدول العدوان ومرتزِقتهم.