البث المباشر في حرب غزة…سيف ذو حدّين!!
مجلة تحليلات العصر الدولية - أسعد العزّوني
لا ننكر أن وجود الإعلام المتلفز العربي في غزة خصوصا وفلسطين عموما،قد أفادنا كثيرا كمشاهدين من خلال معرفة الأشياء على حقيقتها لحظة بلحظة ،لأن الصوت والصورة يساعدان على التوثيق وتثبيت الحقائق ورفع المعنويات،إذ أنه لولا هذا الإعلام ومعه وسائل التواصل الإجتماعي ،لتم تضليلنا بما ينشره الأعداء هنا وهناك،ولبتنا نهبا للرواية الصهيونية التي تخفي الحقائق حتى اللحظة .
ومع ذلك نقول أن الإحتلال يستطيع التحكم بهذه الوسائل وإجبارها على طريقة محددة في العمل تجنبه التعرض للفضائح ،ولكن وسائل التواصل الإجتماعي والهواتف الذكية عوّضتنا عن قيام العدو بحجب الكثير من الحقائق عنّا ،ووجدنا مؤخرا أن يهودا معادين للصهيونية ومستدمرة إسرائيل باتوا يصورون أحداثا كثيرة ويبثونها ،كما أصبحوا مصدرا لتزويدنا بالمعلومات التي يخفيها الإحتلال عنّا،كما حدث بالنسبة للبارجة الحربية الإسرائيلية التي قصفتها صواريخ المقاومة،وأعلن إعلام العدو عدم وجود إصابات او أضرار في تلك البارجة ،إلا أننا فوجئنا من قبل الصور المرسلة إلينا من منطقة الحدث أن صواريخ المقاومة قد أصابت تلك البارجة في مقتل،وهذا ديدنهم.
بيد أننا ورغم كل ما تقدم نسجل ملاحظات عديدة حول هذا البث المباشر من قبل بعض الشاشات العربية التي يرابط مندوبوها في فلسطين ،ويقومون بتغطية الأحداث أولا بأول ،ومن ملاحظاتنا أن المعركة باتت مفتوحة ومكشوفة ،وهذا برأينا معيق بعض الشيء للمقاومة ،لأنه يسلط الأضواء على سكناتها وحركاتها ،وهو يحدد المكان بكافة أبعاده ، فعندما يتم البث بالصوت والصورة مكان ومنصات إطلاق الصواريخ ،وبعضهم يزيد بالتفاصيل ويتحدث عن نوعيتها وطبيعة المكان ،فإننا نرى أن ذلك فائدة كبيرة للإحتلال،ولذلك نتمنى على هذه الوسائل أن توعز لمندوبيها أن يركزوا على امكنة سقوط صواريخ المقاومة ومدى الأضرار التي تتسبب بها ،وكذلك بث أماكن سقوط صوارخ الإحتلال وتبيان الأضرار التي تتسبب بها ،من قبيل خدمة المشاهدين ،وبث القوة في معنوياتهم خاصة عندما يتم التركيز على أماكن سقوط صواريخ المقاومة،وما تسبب من ضرر ،ونتمنى أيضا التركيز على الوضع النفسي للمستدمرين الذين وعلى ما يبدو فوجئوا بحقيقة هشاشتهم ،وإكتشفوا وإن متاخرا أن وضعهم مرتبك ومهتز ،رغم أن المقاومة فقط هي التي تشاغلهم ،فما بالك لو إن العرب والمسلمين تدخلوا لصالح المقاومة ،بدلا من قيامهم حاليا بالضغط على رموز المقاومة لقبولهم بالتهدئة ،وهناك من يقول إن بعض العربان والمسلمين يرعون حاليا مباحثات سرية بين الإحتلال وبعض أطراف المقاومة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار ،والإتفاق على المرحلة المقبلة،خاصة وأن شواطيء غزة تعج بالغاز.
هناك أيضا ما يتوجب علينا التحذير منه وهو أن على الفلسطينيين في الداخل ،عدم إستغلال برنامج المكالمات المجانية الممنوحة لهم من قبل شبكة جوّال،وألا يطيلوا الحديث بطابعه المعلوماتي حتى لا يستفيد العدو منهم ،بخصوص وضع المقاومة على الأرض،بمعنى أن على المتصل/ة عدم الإسهاب في الحديث الإخباري عن مجريات الأمور في المنطقة التي يقطنون فيها ،وكشف تحركات البعض ،لأن تلك المعلومات مسجلة ومراقبة من قبل الإحتلال الذي يستطيع تحديد مكان المتصل/ة من خلال ال”GPS”،ويبني الكثير على نص المكالمة.