أحدث الأخبارشؤون امريكيةشمال أفريقيافلسطينمحور المقاومةمغرب
التطبيع الإسرائيلي المغربي
مجلة تحليلات العصر الدولية - نعيم مشتهى
تسير عجلة التطبيع العربي الإسرائيلي بشكل متسارع، فما إن أنجزت دولة الامارات العربية المتحدة اتفاق التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي حتى سقطت البحرين في وحل التطبيع، وما لبثت الدولتان في اقامة العلاقات الدبلوماسية مع الاحتلال برعاية الولايات المتحدة الأمريكية حتى لحقت بهم جمهورية السودان بقيادة عبد الفتاح البرهان الذي عمل على إقامة اتفاق تطبيع مع الاحتلال شريطة إزالة السودان من لائحة الدول الإرهابية، وقد هددت بالانسحاب من اتفاق التطبيع حال رفض الولايات المتحدة الأمريكية استثنائها من لائحة الدول الإرهابية.
تأتي تلك الاتفاقيات ضمن خطة إحلال السلام في الشرق الأوسط الجديدة والتي أطلق عليها “ترمب” اسم “صفقة القرن”، وما زال الأمر كذلك حتى سقطت المملكة المغربية في وحل التطبيع، معلنةً استئناف الاتصالات والعلاقات الدبلوماسية مع الاحتلال الإسرائيلي في أقرب الآجال على لسان العاهل المغربي محمد السادس ضمن صفقة عقدها الأخير مع رئيس الولايات المتحدة الحالي “دونالد ترمب” مقابل اعترافه بإقليم الصحراء الغربية كجزء أساسي من المغرب، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو هل سيُبقي الرئيس الأمريكي “جو بايدن” على ذلك الاعتراف الأمريكي الرسمي بالصحراء الغربية جزءا من المملكة المغربية عند دخوله البيت الأبيض أم لا؟
تُبقي الولايات المتحدة على سياستها الخارجية الخاصة بالاحتلال الإسرائيلي، منذ قيامه على أرض فلسطين عام 1948، حيث تعتبر الأخير المحافظ على مصالحها في الشرق الأوسط، مما يوقع على عاتقها الحفاظ على أمنه ومنحه العوامل، التي تؤدي إلى إبقائه كدولة شرعية في قلب الوطن العربي، لذا لن يعمل “بايدن” على إيقاف عجلة التطبيع، بل سيبقي ذلك مستمراً بشكل يختلف عن سلفه “دونالد ترمب”، فلن ينكث اتفاق بلاده مع المملكة المغربية ولكن ربما يساوم الأخيرة على منح بلاده امتيازات أكبر على أرض المملكة المغربية من التي حصل عليها “ترمب” للاستمرار بها ولن تعارض المغرب ذلك.
بداية التعاون الاستخباري المغربي الاسرائيلي:
من الواجب ذكره أن التعاون الاستخباري والدبلوماسي بين الاحتلال الإسرائيلي والمملكة المغربية لم يكن وليد اللحظة الحالية بل يعود أصله للعام 1963 حين أرسل ملك المغرب الحسن الثاني رسالة لرئيس جهاز الموساد الإسرائيلي “ايسير هاريل” تتضمن مخاوفه من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر من اغتياله، وبدأ التقارب فعلياً حين أرسل الموساد رجاله بجوازات مزورة للمغرب وكان في استقبالهم وزير الداخلية في حكومة الملك وكان يطلق عليه اسم “أوفقير” وقد توصلوا لاتفاق يقضي بإقامة علاقات وثيقة بين الموساد وجهاز المخابرات المغربي وإيجاد مكاتب دائمة في البلدين، كما سيعمل الموساد على تدريب جهاز المخابرات المغربي مقابل أن تمنح المغرب عملاء الموساد غطاء مضموناً في جميع أنحاء العالم، كما سيتم انشاء جهة خاصة لجمع المعلومات الاستخبارية المشتركة، إضافة إلى تجهيز الموساد لوحدة خاصة تعنى بحماية الملك، لتكون المملكة المغربية أول حليف للموساد في العالم العربي.
كما عمل الموساد على تنفيذ عملية اغتيال مشتركة مع جهاز المخابرات المغربي وكان ذلك عام 1965، حيث استطاع الموساد جلب المعارض للملك المغربي آنذاك والمحكوم بالإعدام غيابياً في المغرب “مهدي بن بركة” إلى باريس واغتالته المخابرات المغربية، الأمر الذي أدى لاستفزاز الرئيس الفرنسي “شارل ديغول” والرامساد السابق “إيسير هاريل” معلناً الأخير استقالته من منصبه.
غير أن عمليات تهريب المهاجرين اليهود بأعداد كبيرة لأرض فلسطين المحتلة كان يتم بواسطة الموساد بتسهيل من الحكومة المغربية.
سعي المغرب للسلام مع الاحتلال:
كما كان هناك العديد من العلاقات الدبلوماسية التي سعت المغرب لإرسائها في الشرق الأوسط أواخر السبعينيات، حيث سعت لإرساء اتفاقية سلام بين جمهورية مصر العربية والاحتلال الإسرائيلي دون اهتمام للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
كما كان هناك إقامة للعلاقات الدبلوماسية المغربية الإسرائيلية بداية التسعينات وبالتحديد بعد اتفاقية أوسلو، الأمر الذي قضى بافتتاح بعثات دبلوماسية في الرباط وتل أبيب، كما كانت هناك زيارات عديدة لرؤساء وزراء الاحتلال في السابق فلقد زار “إسحاق رابين” رئيس وزراء الاحتلال مع وزير خارجيته “شيمعون بيرس” آنذاك عام 1993 المملكة المغربية، كضيفين للملك الحسن الثاني، كما تبع ذلك زيارة لرئيس وزراء الاحتلال “شمعون بيرس” نهاية العام 1995.
نهاية العلاقات:
كانت بداية القرن الواحد والعشرين نهاية للعلاقات الدبلوماسية بين المغرب والاحتلال الإسرائيلي حيث أغلق كلاً من البلدين مكاتبهما الدبلوماسية معلنين قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما.
بدء العلاقات من جديد:
وعلى الرغم من هذا، إلا أن “بنيامين نتنياهو” رئيس الوزراء الإسرائيلي التقى بوزير الخارجية المغربي “بوريطة” بعد الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة في نيويورك، وأفضى اللقاء إلى إعلان الرئيس الأمريكي الحالي “دونالد ترمب” في 10 ديسمبر 2020 توصل المملكة المغربية والاحتلال الاسرائيلي إلى اتفاق تطبيع العلاقات، واستئناف الاتصالات بين المملكة المغربية والاحتلال الإسرائيلي ما يقضي بشرعنة الاحتلال على أرض فلسطين، وإعادة فتح مكتب الاتصال مع الاحتلال الإسرائيلي الذي افتتح عام 1994.