الحزن في البيت الأبيض واللطم في الشرق الأوسط
مجلة تحليلات العصر - أسعد العزّوني
ما يلفت النظر في نتائج الإنتخابات الأمريكية الأولية،هو أن الحزن يخيّم على البيت الأبيض وساكنيه من “عشيرة”ترمب،بينما اللطم والبكاء والصراخ والعويل ،نراه في الشرق الأوسط وخاصة في الخليج ،حيث هلع المراهقة السياسية هناك من فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن،وخروج من راهنوا على نجاحه وهو المقاول ترمب من البيت الأبيض،وكذلك فإن الهلع يدب عند “ذليل “مصر وعسكر السودان ،لأنهم راهنوا كثيرا على إعادة إنتخاب ترمب،دليلا على فشلهم السياسي وعدم وجود مستشارين حرفيين عندهم .
لماذا الخوف والهلع الرسمي العربي من مجيء المرشح الديمقراطي جو بايدن ؟سؤال مشروع ،وتحمل إجابته في طياتها العديد من الإحتمالات التي ربما يعمل بها الرئيس المقبل جو بايدن وفريقه في البيت الأبيض ،تتقدمهم نائبته كمالا هاريس،ومن ضمنها كما قالت هاريس بالأمس،تصحيح مسار العلاقة مع السعودية ،وهذا يعني رفع الغطاء عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان،وعدم إيصاله إلى عرش المملكة بعد مغادرة أبيه المشهد السياسي بطريقة أو بأخرى،وقالت أيضا أن بايدن سيعمل على وقف الحرب على اليمن التي تقودها السعودية والإمارات، وربما يتم محاسبة المسؤولين السعوديين والإماراتيين على جرائم حرب الإبادة التي إرتكبوها في اليمن ،ناهيك عن وقف مشروع تقسيم اليمن.
هناك من يتكهن أيضا ان الرئيس جو بايدن سيعيد الإعتبار لجماعة الإخوان المسلمين ،وهذه ستكون ضربة قوية ل”ذليل “مصر ،ودفعة قوية لتركيا التي سينالها من الحب جانب في عهد الرئيس بايدن ،بعد أن قام ترمب بتدمير العلاقات التركية-الأمريكية،وفرضه العقوبات على تركيا ،كما أنه سيعيد الإعتبار أيضا مجددا لإيران ويحافظ على الإتفاق النووي معها”5+1″،ويرفع العقوبات المفروضة عليها.
أما إسرائيليا فإن “كيس النجاسة”حسب التعبير الحريديمي النتن ياهو ،لا يقل رعبا ولا هلعا من النظام الرسمي العربي من مجيء بايدن للبيت الأبيض،لأن سقوط ترمب يعني سقوطا مدويا للنتن ياهو،وقد أعلن بايدن سابقا أنه سيلغي العمل بصفقة القرن،ويعيد الدعم المالي لسلطة أوسلو،وجرها للمفاوضات مع إسرائيل،وهذا يعني إلغاء نهج ترمب ،مع أن بايدن سيخضع بالكامل للضغوط الإسرائيلية من خلال مراكز الضغط الصهيونية وفي المقدمة “الإيباك”.
مجمل القول أن النظام الرسمي العربي لسياسة الإحتمالات المعمول بها في كل دول العالم،لأنهم يضعون كافة بيوضهم في سلة واحدة،ويرفضون للإستماع لمن ينصحهم ويقول لهم أن سياستهم خاطئة ،وأن عليهم التنويع في السلال والتحالفات لحماية مصالحهم،وهذا هو التفسير السليم لعدم اهتمام أحد بالمصالح العربية،بعكس ما يجري بالنسبة لمستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية التلمودية الإرهابية ،التي تتقن فن التحالفات والإستغلال والإبتزاز والأخذ ،بينما العرب مشهورون بالعطاء بدون حدود أومقابل ،وهذا ما يزعج العقلانيين الأمريكيين الذين يريدون الخروج من الفلك الإسرائيلي .