الرؤية الوطنية لبناء الدولة«المضامين، والتحديات، وعوامل النجاح»
مجلة تحليلات العصر - عبد الفتاح علي البنوس /مجلة يمن ثبات(العدد الثالث 9/2020).
مشروع الرؤية الوطنية لبناء الدولة المدنية الحديثة يعد ترجمة عملية لمشروع بناء الدولة، الذي أعلن عنه الرئيس الشهيد صالح علي الصماد (رضوان الله عليه) في كلمته التاريخية في 26مارس من العام 2018م، في الذكرى الثالثة للصمود اليمني بميدان السبعين بالعاصمة صنعاء تحت شعار (يدٌ تحمي ويدٌ تبني)، هذا المشروع الوطني الذي يهدف إلى بناء الدولة على أسس وقواعد متينة، وضوابط ومحددات ومنطلقات تشريعية كفيلة بإحداث نقلة نوعية مشهودة في مسار بناء الدولة اليمنية الحديثة المنشودة.
يستغرق الوصول إلى تنفيذ الرؤية الوطنية في العام 2030م إلى 12عاماً موزعة على ثلاث مراحل:
مشروع الرؤية الوطنية لبناء الدولة المدنية الحديثة يعد ترجمة عملية لمشروع بناء الدولة، الذي أعلن عنه الرئيس الشهيد صالح علي الصماد (رضوان الله عليه) في كلمته التاريخية في 26مارس من العام 2018م، في الذكرى الثالثة للصمود اليمني بميدان السبعين بالعاصمة صنعاء تحت شعار (يدٌ تحمي ويدٌ تبني)، هذا المشروع الوطني الذي يهدف إلى بناء الدولة على أسس وقواعد متينة، وضوابط ومحددات ومنطلقات تشريعية كفيلة بإحداث نقلة نوعية مشهودة في مسار بناء الدولة اليمنية الحديثة المنشودة، بالتزامن مع تعزيز الصمود اليمني، والعمل الجادّ في إسناد الجبهات، والمضي قدماً في تعزيز القدرات الدفاعية اليمنية، ومواصلة التنامي المضطرد في مجال التصنيع الحربي لمواجهة العدوان الغاشم، والمضي قدماً في معركة النفس الطويل على طريق الحرية والاستقلال واستعادة السيادة اليمنية المنتهكة من قبل التحالف السعودي الإماراتي الأمريكي الإسرائيلي، وصولاً إلى إعلان النصر المؤزر بإذن الله وتوفيقه وتأييده.
والمتأمل لمضامين هذه الرؤية الوطنية التي تهدف إلى (بناء دولة يمنية حديثة ديمقراطية مستقرة وموحدة، ذات مؤسسات قوية، تقوم على تحقيق العدالة والتنمية والعيش الكريم للمواطنين، وتحمي الوطن واستقلاله، وتنشد السلام والتعاون المتكافئ مع دول العالم)، والتي ترتكز على ثلاثة مرتكزات أساسية، تجمع بين بناء الدولة اليمنية الموحدة العادلة والمستقلة، دولة المؤسسات والنظام والقانون، وبناء مجتمع متماسك ينعم بالحياة الكريمة في ظل تنمية بشرية متوازنة ومستدامة قائمة على العلم والمعرفة، وتعزز من روح الإبداع والإنتاج والابتكار على طريق الاكتفاء الذاتي، وتضمن في نهاية المطاف تحقيق جملة من الغايات والأهداف، أهمها وأبرزها: بناء الدولة اليمنية الحديثة التي يفاخر بها كل اليمنيين الشرفاء، حيث يستغرق الوصول إلى تنفيذها المزمن في العام 2030م إلى 12عاماً موزعة على ثلاث مراحل، مرحلة الصمود والتعافي وبناء القدرات التي تمتد من العام 2019 – 2022م. ومرحلة البنية المؤسسية وإعادة البناء وتعزيز مقومات الاستقرار التي تمتد من 2023 – 2026م. ومرحلة النهوض والتميز التي تمتد من 2027 – 2030م، ليدرك جيداً حجم الجهود المبذولة في صياغة وبلورة هذا المشروع الوطني الجامع لكل اليمنيين، والذي يمثل رهانهم المستقبلي بعد الله عز وجل في تحقيق المشروع الحلم الذي قدم الرئيس الشهيد «صالح علي الصماد» روحه الطاهرة من أجل الوصول إليه خدمة للوطن والشعب، والذي يتضمن في طياته خلاصة الأفكار والرؤى الوطنية التي خضعت للنقاشات والمباحثات والأخذ والرد في عدد من المناسبات واللقاءات والمؤتمرات التي جمعت القوى الوطنية اليمنية، وكانت كفيلة بالأخذ بيدها للتوصل إلى صيغة توافقية للحل السياسي الشامل قبل أن يتدخل آل سعود بتوجيهات أمريكية ولحسابات ومصالح إسرائيلية بشن العدوان على بلادنا في 26مارس 2015م، والذي حال دون ذلك بشهادة المبعوث الأممي الأسبق جمال بن عمر.
التحديات التي تواجه مشروع الرؤية الوطنية
من الطبيعي أن يحاط هذا المشروع الوطني بتحديات كبيرة، ويواجه عراقيل وعقبات وصعاباً من شأنها أن تؤثر سلباً على مستوى الإنجاز المرحلي المزمن له، خصوصاً في ظل العدوان الغاشم والحصار الجائر على بلادنا والذي دخل الربع الثاني من عامه السادس، فـ «آل سعود» الذين دأبوا على محاربة أي مشروع وطني يكفل الحياة الكريمة والمستقبل الأفضل للشعب اليمني، وسخّروا إمكانياتهم لمحاربة اليمن وتجويع اليمنيين، ترجمة لمضامين وصية جدهم المؤسس الهالك، ابتداء بارتكابهم جريمة قتل الحجاج اليمنيين في «تنومة»، مروراً بالمشاركة والتخطيط في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد «إبراهيم الحمدي»، ومن ثم التآمر على الوحدة، وصولاً إلى شن عدوانهم الهمجي، واغتيال الرئيس الشهيد «صالح الصماد» بعد أن شعروا بالخطر، نتيجة النهج الوطني الحكيم والمسؤول الذي كان يسلكه، والذي كان مبشراً ببناء دولة يمنية حديثة، مستقلة القرار والإرادة، تنموية المسار وقوية السيادة، تعتمد على نفسها في مأكلها ومشربها وملبسها ومختلف صناعاتها.
فالعدوان والحصار بمختلف صنوفهما وأشكالهما وإن كانا من أبرز التحديات التي تواجه مشروع بناء الدولة، إلا أنّ الرؤية الوطنية جاءت كتحدٍّ لهذا العدوان والحصار، من باب إثبات قوة الإرادة اليمنية، والوفاء لروح الشهيد الصماد، حيث وضع القائمون عليها حزمة من التحديات التي ستواجهها في الميدان، منها ما هو متعلق بمنظومة الحكم، والتركة التي خلفها النظام السابق من فساد واستغلال للسلطة والثروة، وغياب الجانب الرقابي، والأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، وحالة الانقسام والصراعات، وغياب العمل المؤسسي والتخطيط السليم لإدارة شؤون البلاد سياسياً واقتصادياً وتعليمياً وقضائياً وثقافياً، والتدهور الهائل في مستوى الخدمات العامة، وتبعات العدوان والحصار من خراب ودمار وانهيار للاقتصاد، علاوة على التدخلات الخارجية، وتعرض بعض المحافظات للاحتلال، وارتهان بعض القوى السياسية للخارج وتحالفها مع أعداء الوطن، كل ذلك يمثل حجر عثرة أمام إبصار الرؤية الوطنية النور على أرض الواقع، وهو ما يعني تحول هذا المشروع الوطني إلى جبهة ومعركة وطنية يقودها الشرفاء الأحرار من أبناء الوطن في مختلف قطاعات الدولة المختلفة، إذ يتطلب الأمر إرادة قوية، ونوايا صادقة، وجهوداً مخلصة ، تتكاتف من أجل تحقيق هذا الإنجاز الإعجاز، الذي يمثل بوابة العبور والانطلاق بفضل الله وتأييده نحو الغد المشرق لليمن الجديد، اليمن الحر المستقل المتطور، الخالي من الفساد، اليمن المؤسسي النهضوي التنموي، الذي تسود فيه كل قيم العدل والمساواة، صحيح قد لا تكون هذه الجبهة وهذه المعركة بنفس ضراوة وحجم الجبهة العسكرية والمعركة القتالية التي يخوضها أبطال الجيش واللجان الشعبية في مختلف ميادين وجبهات البطولة والشرف والكرامة، ولكنها لا تقل عنها أهمية، فالتحديات الكبيرة الماثلة أمامها ليست بالسهلة أو الهينة، وتحتاج إلى عزيمة وإرادة قوية، فالمسألة ليست عبارة عن محاور وسمات وخصائص وأهداف مكتوبة كما قد يظن البعض، ولكنها عبارة عن مشروع وطني صادق وواع، يؤمن بحتميتي النهوض والبناء في ظل المواجهة والتحدي، على طريق بناء الدولة اليمنية الحديثة، الدولة التي ناضل من أجل الوصول إليها كل الشرفاء والأحرار في هذا الوطن المعطاء، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي، والشهيد المؤسس السيد حسين بدر الدين الحوثي، والرئيس الشهيد صالح علي الصماد، وكوكبة من الشهداء العظماء رضوان الله عليهم جميعاً، الذين قدموا أرواحهم الطاهرة في سبيل الله، من أجل الوطن والشعب، وأنا على ثقة مطلقة بالله سبحانه وتعالى، بأن هذا المشروع الوطني الخاص ببناء الدولة اليمنية الحديثة سيرى النور في موعده المحدد، وأن قوة إيماننا بالله، وتضحيات أبناء شعبنا، ومظلومية وعدالة قضيتنا، وأن الكفاءات والكوادر والعقول اليمنية التي نجحت في صناعة الصواريخ البالستية طويلة المدى، والطائرات المسيرة، ومختلف الأسلحة والذخائر، وباتت تعمل جاهدة على تحقيق الاكتفاء الذاتي، قادرة على تطويع المستحيل وتجاوز كل هذه التحديات والتغلب عليها؛ وصولاً إلى اللحظة الفارقة التي يتم الإعلان فيها عن استكمال كافة مراحل بناء الدولة اليمنية الحديثة، التي نقهر بها الأعداء، ونعيش في ظلها أعزاء كرماء.
كاتب وصحفي يمني