الرسائل الأمنية والنفسية بين حزب الله والعدو الصهيوني

العصر-منذ نشأة الكيان_المؤقت سنة ١٩٤٨، قام على ركيزة إعتبرها من أولى أولوياته وهي العقيدة الأمنية وقد عمل الكيان على تطويرها وتحديثها بإستمرار وإعتمد عليها في استجلاب وإغراء المهاجرين اليهود إلى دولته الزائلة وأرفق في تثبت تلك العقيدة وتدعيمها عمليات عسكرية ونفسية حيث نجح حينها في كي وعي أعداءه العرب وغرس الفكرة التي سادت وقتها عنه بالجيش الذي لا يقهر، وقام بعدة عمليات خاصة وأمنية ليس في محيطه فقط بل وصلت إلى أفريقيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية، مما رسخ فكرة اليد الطولى للعدو في الوصول إلى اعدائه وبذلك شن حرب نفسية استطاع من خلالها تثبيت عقيدته الأمنية وإشعار مجتمعه بقدرته على حمايتهم وأمنهم.
ولكن منذ الإنتصار الإلهي في ٢٥ أيار ٢٠٠٠ بدأت فعلياً تتغير وتتآكل تلك العقيدة وقد حاول العدو جاهداً تحديثها تطويرها ولكن كل محاولاته باءت بالفشل، ويرجع ذلك إلى التطور الاستعلامي والمعرفي ( الأمني) مترافقاً مع القدرات العسكرية والتخطيط العالي الدقة لحزب الله في معرفة نقاط ضعف العدو والاستفادة منها في شن عمليات نفسية (حرب نفسية) على العدو مركزاً على كل ما يضرب ويزعزع بيئته الداخلية حتى باتت فاقدةً الثقة في القيادات السياسية والعسكرية والأمنية.
فعلياً بدأت تباشير نجاح عمليات الحرب النفسية على مجتمع العدو مع ظهور حركة الأمهات الأربعة سنة ١٩٩٧ التي طالبت الإنسحاب من الأراضي المحتلة وبالأخص من الجنوب اللبناني بعد الضربات التي تلقها العدو ومجتمعه من المقاومة وتعزز الشعور بالذل والهوان وعدم القدرة على مجابهة رجال المقاومة لدى مجتمع العدو بأطيافه كافةً بعد الإندحار المذل سنة ٢٠٠٠، لتبدأ مرحلة جديدة بعد ذلك قوامها حرب الادمغة والحرب النفسية والتي نجحت المقاومة في خوضها وتوسيع رقعتها لتشمل الدعم العسكري واللوجستي ونقل التجارب لفصائل المقاومة الفلسطينية ليس بغزة فقط وإنما للضفة وأراضي ال ٤٨، وقد باتت المعادلات المفروضة على العدو والعمليات النفسية ألمُمارسة على مجتمعه جزءً هاماً في عمليات إفشال حكومات الكيان_المؤقت وإنتقاد وزعزعة الثقة في القيادتين الأمنية والعسكرية.
ونتيجة تلك العمليات النفسية وآخرها وليس بالتأكيد الأخيرة كانت المناورة الهجومية الأخيرة التي نفذها برمزيتها حزب الله والتي تلقفتها وفهمت رسائلها قيادة العدو الأمنية، والتي من أهمها تأكيد التحول الفعلي في أسلوب العمل المقاوم من الدفاعي التكتيكي إلى الهجومي الاستراتيجي والذي يفيد بأن المقاومة في لبنان باتت قادرة ومقتدرة وجاهزة لشن حرب إبتدائية على العدو وهذا ما دفع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان” أهارون حاليفا في في مؤتمر هرتسليا التابع لمعهد السياسة والاستراتيجية في جامعة رايخمان للقول:
*إن “نصر الله يقترب من ارتكاب خطأ قد يؤدي بالمنطقة إلى حرب كبرى.
وأشار إلى احتمال حدوث تصعيد أمني في الشمال.
وقال استخدام القوة في الساحة الشمالية، سواء من لبنان أو سوريا، يمكن أن يؤدي إلى تصعيد وصراع على نطاق واسع بين إسرائيل وحزب الله ولبنان”.
وأشار حاليفا أيضا إلى الهجوم الذي وقع في مفترق مجدو في آذار الماضي، قائلا “هذه ليست قصة لمرة واحدة- نصرالله يقترب من ارتكاب خطأ يمكن أن يفسد المنطقة في حرب كبرى”.*
فخروج شخصية مثل حاليفا بموقعه والإدلاء بتصريح مثل هذا يدل على الفهم العميق للمؤسسة الأمنية لذلك التحول الإستراتيجي عند حزب الله والذي تعتبره المؤسسة الأمنية للعدو تهديد إستراتيجي أي (وجودي).
وأخيراً فإن الحرب النفسية التي تشنها المقاومة ضد العدو نستطيع أن نجزم بأنها تأتي أُكلها.
وليتبروا ما علو تتبيرا.
*يحيى دايخ*