أحدث الأخبار

الصراع السياسي وحرمة الدماء 

العصر-قد اوصلتنا العملية السياسية العراقية بعد عام 2003 ومن خلال الاحزاب المشاركة فيها الى مرحلة قتل بعضنا البعض، مع سبق الاصرار، وذلك من خلال مرورنا بعدة منعطفات منها الحرب الطائفية وثم التفجيرات الدموية وصولا الى دخول عصابات داعش الاجرامية والتصدي لهم بالفتوى المباركة وتشكيل الحشد الشعبي المجاهد. 
في ظل هذه التغيرات يستمر الصراع السياسي بين الاحزاب المشاركة في الحكومة السياسية وجميعها تدعي الصواب في وقت جميعها تعترف بالفشل تجاه خدمة الشعب العراقي، ورغم الفشل الذي تدعيه تلك الاحزاب ترفض رفضا مميتا ترك السيطرة السياسية على هذا النظام بعد اعترافها بالفشل الذي ولد اموالا خياليه لتلك الاحزاب. 
منذ عام 2019 مع خروج تظاهرات تشرين التي طالبت باسقاط النظام الحالي معلنة رفضها للاحزاب الموجودة، كان الرد قاسي من قبل الحكومة حيث وجهت الرصاص الحي تجاه صدور الشباب العزل، وصل عدد ضحايا تلك التظاهرة الى 800 شخص فضلا عن الجرحى. 
هنا تدخل المرجع الاعلى السيد علي السيستاني بدعوة صريحة لتغيير الحكومة الموجودة في وقتها، وعلى اثر تلك الدعوة تم تغيير الحكومة وحل البرلمان واجراء انتخابات مبكرة. 



لم تتعض الاحزب من موقف المرجعية 
مع كل تلك المتغيرات الا ان الصراع السياسي بين الاحزاب مستمر ويتصاعد شيئا فشيئا، رغم تدخل المرجعية في حل حكومة السيد (عادل عبدالمهدي) الا ان الاحزاب لم يكن لها اي عبرة من تدخل المرجعية الصريح بتغيير الحكومة ولم تغير بوصلة اتجاهها في نمطية عملها الذي ولد ازمات وعزوف غالبية الشعب عنها، وهنا اجريت الانتخابات المبكرة واعلنت النتائج وازدادت الخلافات السياسية اكثر بدايةََ الاعتراض على نتائج الانتخابات ثم على كيفية تشكيل الحكومة. 

خطورة الخلاف السياسي وانحساره بين الشيعة 
الخلاف السياسي تم حصره هذه المرة بين الاحزاب الشيعية فقط، وهو على منصب رئيس الوزراء، وعلى كيفية تشكيل الحكومة ومن سوف يشارك بها ومن له الاحقية بذلك، لجأت الاحزاب الشيعية تحديدا الى استخدام جمهورها في خلافها السياسي من دون ان تئبه لعواقب هذه الخطوة المدمرة وراحت كل جهة سياسية تشحن جمهورها بما تراه لصالحها، ونزلت الجماهير الى الشارع بتظاهرات مضادة للاخرى، وبدات الكراهية والضغينة تنمو وتزداد بين اتباع الاحزاب. 
المخيف في الامر من هذه الخطوة هو ان جماهير تلك الاحزاب يمكن اعتبارهها جماهير مسلحة كونها تنتمي الى عشائر باتت اكثرها مسلحة فضلا عن انتمائاتها العسكرية المتعددة، مما ينذر بحدوث صدام مسلح يتقاتل فيه ابناء الوطن الواحد ابناء المذهب الواحد، وهم غير مدركين لانفسهم مما يحدث متناسين انهم اخوة في الوطن والدين والمذهب، غير مدركين من استغلال الاحزاب لهم رغم انها لم تقدم ما كان عليها تقديمه لجماهيرها. 
علينا تحميل تلك الاحزاب المسؤولية بعد ان اوصلت خلافاتها السياسية الى الشارع ولم تخشى من حدوث صدامات مميتة لا ذنب للجمهور بذلك. 

مناوشات مسلحة والضحايا في مقبرة واحدة 
نعم حصلت المناوشات المسلحة بين عدد من الجماهير المسلحة التابعة للاحزاب السياسية في عدد من مدن العراق، سقط عدد من الضحايا نتيجة الخلاف السياسي، دفنت الضحايا التابعة لجهات مختلفة في مقبرة النجف الاشرف، هذا ما لا تدركه تلك الجماهير التابعة، ما لا يدركه الفرد المسلح التابع لجهة سياسية انه لو تم قتله سيدفن في النجف ولو قتل شخص من جهة سياسية اخرى سوف يدفن ذلك الشخص في النجف ايضا. 


ومن هنا على جميع الجماهير المتحزبة التوقف عن استهداف الاخر لما فيه من حرمة كبيرة الدين لا يسمح لنا بقتل بعضنا البعض الائمة المعصومين عليهم السلام لا يقبلون زيارتنا اذا قتل احدنا الاخر نتيجة صراع لا ناقة لنا به ولا جمل، المراجع الكرام لم يفتوا لنا بقتل اخوتنا في الدين والوطن والمذهب والعقيدة، مهما بلغ الخلاف السياسي علينا ان نبقى ابناء الوطن والمذهب يجمعنا. 
علينا ان نجعل تجربة الحشد الشعبي مثالا للوطنية والايمان، الحشد الذي تشكل بفتوى المرجعية قد خرج اغلب مجاهديه من محافظات الجنوب والوسط ذاهبين الى مناطق غربية لتحريرها من عصابات الاجرام، هذه التجربة العظيمة من الايثار عليها ان تكون درسا واضحا لنا، اغلب الجماهير المتحزبة هي مساندة للحشد الذي حرر تلك المناطق من العصابات البربرية واعطى صورة للانسانية، علينا ان نقتدي به ولا نجعل صورتنا مشوهة. 
قتل بعضنا البعض ومن مذهب واحد لا يعطي لنا اي صورة من الايجابية تجاه الامم بل سوف نذهب الى المراحل السفلية من التخلف العقلي ونسيء الى ديننا وعقيدتنا ومذهبنا.

نداء الضمير للاحزاب السياسية 
علينا ان نوجه نداء الضمير ونذكر تلك الاحزاب السياسية المتصارعة فيما بينها ان يجعلوا صراعهم محصورا فيما بينهم، وحرمة زج الجمهور في اي صراع لهم حاليا او مستقبليا، وذلك ما يترتب عليه من اثار مجتمعية مدمرة، ترتد سلبيا على النظام الحالي وتعطيه طابعا اكثر مئساوية، وستكون هناك مقاطعة شعبية اكبر من المقاطعة الموجودة حاليا.
محمد جواد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى