العراق:السيد شياع السوداني في الرصد.
محمّد صادق الهاشميّ
…………………….
العصر-
قال تعالى: ((مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))
في المقدمة لا أُريد التعريف بعمل مركز العراق للدراسات؛فهو يقوم بتقييم المناهج وتقديم الدراسات حسب إمكانياته ويرصد الحركة السياسية ويقيّم المواقف بحياد وصراحة ومهنية قدر الإمكان ولا يعرف السر في التقييم الإيجابي ولا السلبي، وينقل الأمور بواقعية،
وقد قدمنا فيما سبق تقريرًا مختصرًا جدًّا لأهمِّ ما يتردّد في الكروبات وصفحات الفيس وما تعكسه المواقع والحسابات والتغريدات عن حكومة شياع خلال شهر من عمرها وكانت ناقدة لبعض الجوانب والخطوات،والآن دخلت تلك الحكومة شهرها الرابع ونحن ندقِّق في أهمِّ ما يصرِّح به مكتبه وما يصرّح عنه الإعلام من خطوات يقوم بها، ونتابع ردود الفعل من الرأي العام ويمكن أن نسجل مايلي:
١- يفتخر الكثير بأنّ السيد شياع السوداني من الطبقة الفقيرة في العراق ومن أبناء الجنوب السومري الغني بالإرث الحضاري والثروات،بَيدَ أنّه يمتاز بكثرة المحرومين وعبر تأريخ العراق المعاصر كان الجنوب مغيَّب عن الصدارة بدعوى أنّه لايمتلك الجدارة،لذا يعد وجود شياع في قمة الهرم بعد السيد عادل عبد المهدي ( الناصرية ) استعادة أبناء الجنوب لوزنهم الاجتماعي السياسي ونهاية لمراحل من التمييز بين أبناء الجنوب (الشروك) وبناء المدن (الحضر).
٢- ويفتخر الكثير بأنّ السيد شياع من أبناء الداخل وتلك ميزة – بنظر المراقبين – تمنحه القدرة على تشخيص الواقع ومعرفة الاحتياجات.
٣- يرى الكثير – مع أن الرجل استلم مناصب عديدة في الحكومات السابقة صغيرة وكبيرة في الجنوب وفي العاصمة- أنّ سجله السياسي والحكومي أبيضٌ ولم تؤشّر عليه الجهات السياسية والمؤسسات الحكومية إخفاق أو ملف فساد أو استئثار مالي أو تلاعب؛ بل على العكس الرجل يمكن اعتباره أُنموذجًا للنجاح والنزاهة والإبداع والقدرة على الإدراة.
٤- شياع جاء الى الحكم بعقلية الدولة وبمعرفة واستعداد وحضور كامل للمسؤوليات الملقاة على عاتقه،ويرى المراقبون أنّه وخلال الأشهُر القليلة قد سجَّل رقمًا يؤكد من خلاله أنّه قادرٌ على النجاح فيما لو تضافرت معه الجهود،وتنزّه الآخرون عن التحاصص، كما أنّ المراقبين يرون أنّه يعرف كيف يوازن إقليميًّا ودوليًّا ليوفر مناخًا داخليًّا يمكّنه من التنمية والنهوض وتقليص فجوات الفقر وتقليص حجم البطالة.
٥- شياع سجَّلَ رقمًا في النزاهة من خلال محاسبة الفاسدين وفتح الملفات دون تردد،ومن خلال ترفّعه عن المغانم فضلًا عن وضع يده على الكثير من الأموال التي كانت مطمح المتلاعبين وغنيمة الطامحين، فحوّلها الى المواطنين كخدمات و منها مبالغ تقدَّر بملايين الدولارت كان الكاظمي قد سعى لسرقتها بعنوان (تأثيث مكتبه)، وأخرى استنقذها من التلاعب والاستيلاء من أموال ما يسمّى ب(قانون الأمن الغذائي) وبهذا تمكّن السيد شياع من تعيين الآلاف من الخرّيجين وأكثر منهم تثبيتًا لهم من المتعاقدين .
٦- في الجانب الصحي الرجل يسعى جاهدًا للمتابعة وتأهيل المستشفيات وتوفير الاحتياجات وفتح مصانع الأدوية في عموم العراق،والتحرُّك نحو المستشفيات التي عطّلتها القوانين والخلافات والكومشنات، وقد أعلن من البصرة أنّه سيرسم نظامًا صحِّيًّا يقلّص من معاناة المرضى ويقلّل نفقات سفرهم الى الخارج.
٧- في الجانب التعليمي أجرى تعليمات جدّية لترشيق النظام التربوي من التسيُّب والترهل، وهناك جهود كبيرة لترميم وبناء الكثير من المدارس،أمّا اللّوازم المدرسية من الرحلات وغيرها تكاد المدارس أن تصل حد الاكتفاء، ومازال الرجل ساعيًا للعمل في الموازنة القادمة في المجال الخدمي التربوي وغيره.
٨- في الجانب الخدمي الكل يشهد أنّه توجّه الى الأحياء الفقيرة ليقدم لها ما يمكن أن يقدمه من فتح الطرق وترميم المجاري وإصلاحات ممكنة،والإعلان عن مشاريع مهمة تتعلق بالصرف الصحي ورفع الاختناقات المرورية والتشجير وتغطية المساحات وفتح المتنزهات .
٩- في الجانب الصيرفي تمكّن الرجل بذكاء وعلمية ومهنية وبالاستماع لآراء أهل الخبرة أن يخفّف من تفاقم الأزمة ودرء انعكاساتها على المواطنين وحركة الأسعار،وقدم حلًّا ممكنًا به تجاوزَ صعود الأسعار؛ لأنّه أوجدَ خطًّا حكوميًّا لسعر صرف الدولار موازيًا لسعر الصرف في التعاملات الأهلية،وبهذا أوقف حركة المافيات التي كانت تسيطر على المصارف والعملة تداولًا وبيعًا وتهريبًا،علمًا أنّ عملية ارتفاع سعر الصرف خارج إرادته من جانبين؛ الاول يتعلق بالسوق والمافيات، والجانب الآخر يتعلق بالقرار الذي اتخذه البنك الفيدرالي الأمريكي .
١٠- في الجانب الأمني يجد الرأي العام أنّ السيد شياع يلتقي دوما المسؤولين والقادة الأمنيين ويحاسب ويراقب ويتابع،وقد تمكن أن يفكك الكثير من عصابات التهريب ويلقي القبض على القتلة والمجرمين الذين يسيطرون على العقارات والمنافذ والموانئ وترهيب المجتمع،كما قام بخطوات جادة ضد نشر المحتوى الهابط في وسائل التواصل الاجتماعي وقضية بيع وشرب الخمور بشكل غير مسبوق وتجارة المخدرات.
١٢- موضوع المجسَّرات وتفكيك أزمة التنقل في العاصمة والاختناقات المرورية تعدُّ منجزًا رفع من شعبية الرجل،وإن تم هذا المشروع فإنّه سيقدم خدمة لإنقاذ الملايين التي تعيش في العاصمة،فإن بغداد تكاد أن تكون غير صالحة ويأمل الكثيرون أن يتم إنجاز هذه الخطوة.
١٢- قدّم الدعم للبطاقة التموينية ومفرداتها وأصدرَ قرارات تمنع التلاعب والغش وقدّم العون للفقراء من خلال توسيع شبكة الحماية الاجتماعية،وخصَّصَ أموالًا الى المتقاعدين.
١٣- السيد شياع قليل الكلام إلّا فيما يتعلق برسم سياسة المنجز الخدمي أو افتتاح مشروعٍ ما او يوجه الى سياسة خدمية إلّا أنّ حديث المواقف التي يتحدث بها الإعلام عنه أصبحَ واضحًا بدقة، وبعبارةٍ أدق: لا توجد له مؤسسات وأبواق تروّج له و تثري من أموال الدولة لتلميع صورته.
١٤- يرى الرأي العام إلى الآن أنّ “شياع” لا يملك مالًا أو عقارًا أو مشروعًا استثماريًّا كما يقال عن البعض من السياسيين.
١٥- يكرر السيد “شياع” أنه لا يقف مع جهة دون اخرى في مجال العمل الحكومي،وإن كان مع الإطار في المشروع السياسي وتلك المنهجية منحته الشعبية بقدرٍ ما، وتعدّ سياسة ذكية؛لأنّه يؤمن له من يقف معه للسير باتجاه عمل الحكومة وتخفيف الازمات وترصين الكتلة السياسية على مستوى الإطار وعلى مستوى الكتلة الوطنية (تحالف إدارة الدولة) إلّا أنّ الانتماء الى الكتلة شيء وعمل الحكومة وتنفيذ البرنامج الحكومي شيء آخر،علمًا أنّ الانسجام السياسي على المستوى الإطاري والوطني حالة لم تتوفر لغيره انتجتها الظروف وآمن بها الجميع .
١٦- أشركَ معه الحشد في الكثير من مجالات الإعمار والبناء والأمن ولم يستجب لأي ضغط يهدف لإبعاد الحشد عن المشهد الخدمي والأمني؛ بل منح الحشد ثباتًا وقوة.
١٧- بادر بقوة وشجاعة لتقديم المعونات الى شعب سوريا بسبب تعرضها الى الزلزال من خلال الخدمات الحكومية،وفتح المجال للمعونات الشعبية والحشدية وقدم التسهيلات لتبرعات العتبات.
١٨- تعامل مع السنة والكرد وحتى مع أوروبا وأمريكا من خلال الإطار والمكونات الاخرى ولم يتخذ قرارًا بمفرده؛بل أشركَ الكل في خطواته حتى في موضوع القوات الأمريكية في العراق،وهذه تركة ثقيلة لا يمكنه البت فيها بمفرده؛لأنّه يعلم أنّ هكذا خطوات لا بد أن تعتمد على قاعدة سياسية واسعة.
١٩- الكثير يثمّن للأخ شياع الحفل التأبيني الذي أقامه تخليدًا للشهيدين سليماني وابو مهدي وكان صريحًا في إدانة العملية الإرهابية الأمريكية الغادرة، واعتبار ما حصل جريمة وخرق للسيادة.
٢٠- السيد “شياع” يتابع بقوة هو وفريقه ملفات الفساد وعلى رأسها (سرقة القرن) ولم تشهد أي حكومة بما شهدته حكومة “شياع” من متابعة ومحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين، ومازال السيد شياع يحتاج الى الكثير في هذا المجال وينتظر منه الجمهور الكثير لأنّ الفساد طبقة متكلّسة في سلوك الكثير وتحولت الى أخلاق وآيدولوجيا امتزجت بالعملية السياسية وصارت ميزتها وأساس التحالفات فيها والاتفاقات والخلافات لأجلها،وهي ترافق الحركة السياسية.
٢١- السيد “شياع” بتوازنه وسعيه الجدي نحو الخدمات ومساعدة الفقراء وتوفير الطاقة والخدمات الصحية وإنعاش التعليم والإقدام على مشاريع متعددة في الطاقة الكهربائية وإنتاج الغاز من خلال جولات التراخيص ومتابعة الموانئ والعقود مع المحور الإقليمي والغربي بلا إشكال أقنعَ السيد مقتدى بأن لا يعارض تلك الحكومة ويقف حياديَّا منها.
٢٢- لم يمنح السيد شياع وزيرًا أو مسؤولًا او محافظًا أو مديرًا عامًّا صك الغفران والأمان؛بل ما زال يكرِّر أنّه يتابع أداء الجميع وسيكون له موقف ما من أيّ مسؤول مقصِّر،وبالتأكيد الرجل جاد ولكن الى أي مدًى تستجيب لخطواته الأحزاب؟!! هذا الأمر يعد معضلة العمل الحكومي خصوصًا أن سياسة المحاصصات ومعاييرها تنطلق بأعمق عقدة عندما يريد تنحية أي مسؤول ويتم الحديث عن البديل.
٢٣- يلاحظ أن الجولات التي أجراها في الخليج والاردن ومصر وألمانيا وفرنسا وإيران مبنيّة على مصالح العراق دون هدر في العلاقات؛كون العراق برأيه وتقديره يحتاج الى استثمارات هائلة توفِّر إنعاشًا تنمويًا وتوازنًا سياسيًّا بنفس الوقت.
٢٤- في مجال التعليم العالي لأول مرة يتم فتح كلّيات أهلية رصينة في الطب وفي الجنوب تحديدًا والى الآن خطوات التعليم العالي تتجه الى الرصانة وفق المعايير العالمية.
٢٥- تمكن الأخ “شياع” أن يفكك الدولة العميقة للكاظمي ويجتث أغلبها ويلغي مفاعيلها.
٢٦- كان الحديث – وما زال – واسعًا عن أهم بنود موازنات السنوات الثلاث لأنّها :
أ- لأول مرة تأتي الموازنة منسجمة مع بنود البرنامج الحكومي والمنهاج الوزاري للحكومة.
ب- الموازنة عالجت مشاكل مزمنة (شبكة الرعاية الاجتماعية، منح الطلبة الخاصة بالعوائل الفقيرة).
ت- ستكون الموازنة أنموذجًا للموازنات المالية (2025,2024,2023)، وتعد خطوة جريئة لتطبيق رؤية الحكومة في تنفيذ المشاريع الاستراتيجية والتنموية.
ث- إنشاء صندوق العراق للتنمية الذي سيعالج أزمات متراكمة مثل المشاريع السكن والمدارس.
ج- إنشاء صندوق لدعم المحافظات الأكثر فقرا عبر تنفيذ مشاريع تنموية فيها.
ح- شهدت الموازنة تفاهمًا كبيرًا مع إقليم كردستان وانطوت على حلِّ الكثير من المشاكل.
خ- خفض معدلات مبالغ استيراد الطاقة بمقدار الثلث نتيجة دخول محطات جديدة للخدمة.
د- دعم الفلاحين والمزارعين.
ذ- زيادة رؤوس الأموال لمصرفَي الصناعي والإسكان.
ر- تطوير القطاع الصحي والصناعة الدوائية، وكذلك إعادة تأهيل عشرة مستشفيات بُنيت قبل عام ٢٠٠٣.
ز- شملت الموازنة تنفيذ بنود الحزمة الإصلاحية الخاصة بشريحة المتقاعدين.
بطبيعة الحال بالنسبة للقوانين المدرجة على جداول الأعمال فإنّها من مهمّة اللّجان النيابية التي تقدمها الى رئاسة المجلس بعد النظر فيها من أجل القراءة والمناقشة لبنودها،فضلًا عن موافقة رئاسة المجلس لتوضع تلك القوانين في جداول الاعمال
ملاحظة :
١- كل ما ذكرناه يشكل نسبة 60% تقريبًا من الرأي العام مع وجود اعتراضات على أمور كثيرة منها وجود القوات الأمريكية وبعض التعيينات الإرضائية التي قد يجد الرجل أنّها خارج قناعته وغيرها من الامور: مثل الأزمة الاقتصادية القادمة ، في ظل إقرار الموازنة لثلاث سنوات وسبل الحل،وهناك كلام عن جولات التراخيص الخامسة، مستقبل التواجد الأمريكي، الأموال المرسلة إلي الإقليم ومستقبل بعض القرارات منها العفو العام ، وقد سجلنا الآراء بحيادية عالية .
٢- نجد ارتياحًا نسبيّاً كبيرًا لأداء الإطار ومساندته لرئيس الوزراء في تسهيل مهمته ودعم خططه وبرامجه والله الموفق.
٣- كما تجدر الإشارة الى أن ما قدّمناه يحتاج الى بيانات رقمية وإحصائيات دقيقة عن الأعداد والأموال وتفاصيل عن المشاريع بأزمانها لتعضيد الرأي العام،كل هذه التفاصيل متروكة الى التقرير النصف سنوي بإذن الله تعالى.