العراق:لم يعُدْ اهلنا يخافون علينا في الغربة ، نحنُ نخاف عليهم في الوطن .
د. جواد الهنداوي .
سفير سابق / رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات /بروكسل
في ٢٠٢٢/٨/٢٠ .
العصر-العنوان مُقتبسْ من رسالة مُغترب الى اهله في العراق . ويجسّدُ بحق واقع حال وشعور متبادل بين المُغترب و ذويه و ابناء شعبه ، ويبدوا أنَّ هذا الحال وهذا الشعور بالخوف ، والذي صاحبنا في زمن الدكتاتورية و الحروب و الحصار ، يصاحبنا الآن ونحن في عهد يدّعي الديمقراطية و الدستور وتعّدد الاحزاب وتداول السلطة والحريات ، الامر الذي يستدعي التوقف و الاستفهام ؟
نتوقف ونتساءل هل هذا ما كُنّا ننتظره ونتمناه
من النظام الديمقراطي ؟ وهل نظامنا السياسي ديمقراطي ؟ وهل الفوضى و الفساد المالي و الادراي ( وحسب آخر كشف رسمي وردَ في رسالة السيد وزير المالية وصاحبَ استقالته ) تعني الديمقراطية ؟
بعد مايقارب عقديّن من الزمن على تطبيق النظام السياسي ، والذي وُلِدَ من رحمْ الدستور ، اصبحت الاحزاب السياسيّة تعملُ ،ليس في اجواء ” عدم ثقة ” ، وانما في اجواء يسودها التهديد و العداء ، بعضها يرفض الحوار ، واخرى تشارك من اجل الحضور ويائسة من الوصول الى حل ، والشارع ، وليس السلطات و ارادة فرض الامن ، هو سيد الموقف والقرار .
الموقف والمشهد في حالة استعصاء ، و الارادة المنقسمة للشارع ،والمتمثلّة في تظاهرات و اعتصامات وتهديد هي السائدة و الحاكمة ، والوطن الدولة بمكانتها وهيبتها ، والمواطن برزقه وأمنه ،هم المتضررين من الواقع و والمشهد .
لا أحدَ ينكر حقيقة ،الا وهي انحسار التدخل العربي و الاقليمي والدولي ،في احداث المشهد السياسي الحالي في العراق ، لا امريكا و لا ايران و لا غيرهما ،لهم ترف الانغماس في الشأن العراقي المستعصي ، والذي اصبح ” كيساً من الفحم ” تتسّخ اليد عند ملامسته . أصبحَ عدم استقرار العراق وخطر انزلاقه ( لا سامح الله) نحو حرب اهلية يهدد الامن النفطي لامريكا وللغرب ،ويهدد الامن القومي لايران . وكلا البلدان يترددان في فرض حلْ ، لا يوّدُ ايران سماعها هتافات ” ايران برّه برّه ” ، ولا تريد امريكا التدخل و وضع العراق في هذه الدرجة من الانقسام والانعدام السلطوي . وربما دولة عظمى اخرى متكفلّة الآن في أمر العراق ، وتتابع عن قرب وبتنسيق مجريات الاحداث والامور ، وسيكون تدخلها في الوقت المناسب ،وتحت شعار منع البلد من الانزلاق نحو حرب اهلية .
استمرار التيار في المقاطعة وتعطيل عمل مجلس النواب ، وتهديده بالتصعيد ، و رفضه الحوار ، وترّدد الاطار في تشكيل حكومة مؤقتة لاخذ زمام الامور و فرض سلطة القانون ،جميع هذه المواقف تثير ريبة وشكوك المواطن بقدرة الاطار والتيار والحكومة ؛ جميعهم عاجزون او لايريدون ايجاد حلْ او حسم الموقف ، كل طرف يخشى من الاقدام وكأنه في وجلٍ او في حذرٍ من شئ او اشياء …
لاذَ المواطن بالصبر وقادر على تحمّل الصبر ، ولكن المواطن يخشى من امرٍ لا يُحمدْ عقباه …