أحدث الأخبارالعراق

العراق ينتصر بالثلاثة والتاريخ القريب يعيد نفسه

بغداد _ علي الحسني
العصر-إن الحروب في هذا العالم متعددة الأنواع والأساليب فمنها الحرب العسكرية كالتي تجري اليوم بين روسيًا وأوكرانيا ومنها الحرب السياسية كالتي حصلت بين قطر وعدد من دول الخليج وكانت بداياتها في منتصف عام ٢٠١٧ وعرفت في ذالك الوقت (بالأزمة الخليجية) ومنها الحرب الاقتصادية التي شنتها الولايات المتحدة الامريكية على فنزولا وإيران وتستمر إلى يومنا هذا وغيرها الكثير من الحروب .
وفي السنوات العشر الاخيرة مرت على العراق هذه الحروب بأنواعها الثلاث وهذا عرض موجز لها.
أولًا الحرب العسكرية : وهي التي خاضها العراق ضد عصابات داعش الارهابي حيث أنطلقت في منتصف عام ٢٠١٤ وأنتصر بها العراق انتصارًا كبيرا وكان هذا الانتصار نتيجة لعوامل ثلاثة
١ فتوى المرجعية التي قلبت الموازين العسكرية والمعنوية.
٢ دعم طهران المباشر وكان دعم لا محدود طوال فترة الحرب وفي مختلف المجالات.
٣ الرجال الاشاوس من أبناء العراق الذين ضحوا بدمائهم من اجل تحرير هذا الوطن بحشدهم وجيشهم ومختلف صنوف القوات الأمنية.
وخرج العراق من هذه الحرب بقوة عسكرية تحسب لها أمريكا وإسرائيل ألف حساب تسمى (الحشد الشعبي).
والجميع يعلم إن هذه العصابات الإجرامية أول من عمل على دعمها بالمال والسلاح هي الولايات المتحدة الامريكية عندما أرادت إسقاط السيد بشار الأسد وعندما اتجهت هذه الوحوش البشرية إلى العراق واشنطن لم تحرك ساكن إلا بعد ما علمت إن بغداد امتلكت زمام المبادرة وتحولت من الدفاع إلى الهجوم ومسألة تحرير الأراضي لا يعد كونه مسألة وقت .



ثانيًا الحرب السياسية : والتي أنطلقت بالتزامن مع مظاهرات تشرين حيث قامت السفارة الامريكية باستغلال مطالب الشعب المشروعة وسيرت هذه المظاهرات كيف ما تشاء من خلال عملائها الذين اندسوا في ساحات التظاهر ومن خلال هذا الضغط أجبرت الولايات المتحدة السيد عادل عبد المهدي على التنحي عن رئاسة الوزراء.
وكل ذالك كان بسبب الاتفاقية الصينية التي عمل على إنجازها السيد عبد المهدي مع بكين وهذا ما لم ترتضه واشنطن وأستمرت هذه الحرب السياسية طوال فترة حكم الأستاذ مصطفى الكاظمي حيث كان السيد الكاظمي مرتمي بالحضن الامريكي بشكل كامل وكان هذا واضح من خلال قراراته التي أتخذها وكانت مضرة بالعراق وشعبه
ومنها : محاولة اعتقال القيادي بالحشد الشعبي القائد قاصم مصلح وبالتعاون مع الاحتلال الامريكي وكذالك تجميد الاتفاقية الصينية بل أكثر من ذالك حيث عمل الكاظمي على تشويهها وإيصال صورة للشعب العراقي بأن هذه الاتفاقية ليس فيها منفعة للعراق وشعبه كما عمل السيد الكاظمي على تحويل عدد من الأجهزة الأمنية إلى أجهزة قمع وتصفية حسابات ضد مختلف فئات ألشعب من سياسيين ومواطنين
حتى وصل به الحال إلى التخطيط لانقلاب عسكري بمعاونة قوى خارجية وداخلية لاكن أبناء القوات الامنية أفشلوا كل خطط الكاظمي ومن لف لفه.
وانتهت هذه الحرب السياسية بانتصار إطاري عراقي ملفت للنظر وهزيمة نكراء للمكر الامريكي وذالك بتكليف محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة.
ثالثًا الحرب الاقتصادية: وقد برزت ملامح هذه الحرب عندما قرر الكاظمي وحلفاؤه رفع سعر الصرف بقرار غير مدروس في الظاهر لاكن مدروس دراسة جيدة في الباطن من قبل واشنطن لأجل إلحاق الضرر بالعراق وشعبه هذا من جهة وورقة ضغط على الحكومة التي تأتي بعد الكاظمي من جهة أخرى كأاجراء احترازي من قبل الولايات المتحدة.
وفعلًا هذا الذي حصل فسرعان ما أستعمل البيت الأبيض ورقة الدولار ضد العراق بل ضد حكومة السوداني بشكلٍ أدق واعترفت بذالك الولايات المتحدة الامريكية على لسان سفيرتها في بغداد ألينا رومانوسكي بتصريح متلفز أواخر شهر كانون الثاني الماضي حيث قالت (إن ما قمنا به هو مواصلة الآلية التي استغرقت عدة سنوات لتقوية القطاع المصرفي العراقي ومساعدة المصارف الأخرى في العراق أن تمتثل مع النظام المصرفي العالمي وضمان أن نكون قادرين على تحديد استعمال النظام المصرفي العالمي من قبل المجرمين والجهات المغرضة لغسيل الأموال هذه الأموال التي تعود إلى الشعب العراقي وتهرب إلى خارج العراق هذه الإجراءات التي اتخذناها بدأت قبل سنتين تقريبًا هي إجراءات بشكل تدريجي تم تنفيذها من قبل المصارف ).
وكذالك قالت السفيرة (كانت مجرد مصادفة إنها حصلت بوقت قصير بعد تسلم رئيس الوزراء لمنصبه).



ونقول إن كلام رومانوسكي هو من باب دس السم في العسل فالتاريخ القريب والبعيد يشهد لواشنطن بأن كلامها من خلال التلفاز معسول وكله دعم للعراق وفي الواقع مكر ومكائد بالعراق وشعبه.
وكذلك نقول إن هذا التصريح من قبل سفيرة الاحتلال الامريكي هو اعتراف صريح من قبل الولايات المتحدة بأنها هي خلف رفع سعر الصرف وليست طهران كما يقول البعض.
وقد زعمت ألينا رومانوسكي إن هذه الإجراءات هي من أجل المحافظة على أموال الشعب العراقي وهنا نسأل ونقول هل الحفاظ على أموال الشعب لا يتم إلا من خلال تجويع الشعب ؟ بل هي كلمة حق يراد بها باطل.
كما اعترفت السفيرة إن هذه القيود أو الإجراءات قد جرى العمل عليها من قبل عامين أي في بدايات عمر حكومة الكاظمي وأتى رفع سعر الصرف كذلك في أثناء حكم الكاظمي! فيا لها من صدفة.
وقد بررت السفيرة ألينا إن هذه الإجراءات من باب الصدفة طبقت بعد أيام من تسلم السوداني لمنصبه وهل يوجد عاقل يصدق أن هذه الإجراءات أو القيود طبقت من خلال الصدفة في هذا الوقت بالتحديد إن هذا التصريح من قبل السفيرة مضحك بل يدعو إلى السخرية.
ولهذا نقول إن ما فرضته واشنطن على بغداد هو أمر ما فوق القيود وتحت العقوبات من أجل إجبار حكومة الاطار التنسيقي على التفاوض وذلك لغاية في نفس يعقوب.
لاكن نحن على يقين كمًا هزمت الولايات المتحدة الامريكية في الحربين السابقتين ستهزم بهذه الحرب الاقتصادية فبغداد ليست بيروت حتى يكرر البيت الابيض السيناريو البناني في العراق وليس من الضرورة إن كل ما ينجح في بيروت ينجح في بغداد.
فلو دققنا النظر قليلًا نجد إن ما يقع في لبنان من أحداث تتكرر بالغالب في العراق لاكن ممكن أن تنجح وممكن أن تفشل وسنذكر بعضًا من هذه الأحداث.
١ بعد إنفجار مرفأ بيروت في عام ٢٠٢٠ أريد لهذه الحادثة أن تتكرر في ميناء البصرة بعد فترة قصيرة لاكن تمكنت القوات الأمنية العراقية من كشف لغم بحري ملتصق بإحدى الناقلات التي تريد الدخول إلى الميناء وأفشلت هذه القوات محاولة تكرار حادثة مرفأ بيروت في ميناء البصرة.
٢ بعد مظاهرات لبنان في عام ٢٠١٩ بفترة قصيرة أنطلقت مضاهرات تشرين ببغداد وأدت إلى تنحي عبد المهدي عن منصبه ومجيء الكاظمي وجرى ما جرى بعد مظاهرات تشرين.
٣ بعد نجاح البيت الابيض بإلحاق الضرر بالاقتصاد اللبناني وارتفاع سعر الصرف بشكل كبير في بيروت حتى اصبحت عدد من المصارف لا تملك الدولار الامريكي فأرادت واشنطن أن تعيد هذا السيناريو في بغداد وتلحق الضرر بالاقتصاد العراقي لاكن نكرر إن ما يحصل في لبنان ليس من الضرورة أن يحصل في العراق.



ولتأكيد كلامنا هذا بأن واشنطن تقوم باستنساخ خططها وتنفيذها في أماكن مختلفة مع بعض التعديلات البسيطة نستشهد لك عزيزي القارئ بحدثين مهمين.
الأول : حاولت الولايات المتحدة الامريكية تكرار مظاهرات تشرين في الجمهورية الاسلامية الإيرانية وذلك عندما قامت واشنطن وحلفاؤها بدعم المظاهرات التي أنطلقت في إيران بعد حادثة مهسا أميني وذلك من أجل تحقيق أهداف البيت الابيض وتغيير الحكم في طهران كما حصل في مظاهرات تشرين وتنحي عاذل عبد المهدي أو تكرار ما عرف في ذالك الوقت بمظاهرات الربيع العربي هذا أولًا او خلق وضع أمني غير مستقر داخل الجمهورية الاسلامية ليسهل عليهم تنفيذ مخططاتهم الإجرامية باغتيال شخصيات مهمة داخل إيران وهذا ثانيًا.
وما يريدوه لا يحصل حتى بأحلامهم ولمعرفة المنتصر في هذه الأحداث يكفي أن ننظر إلى احتفالات الشعب الايراني بالذكرى ٤٤ لقيام الثوره الاسلامية.
الثاني : الحرب الجارية اليوم بين روسيًا وأوكرانيًا ومن خلفها إمريكا وعدد من الدول الأوربية حيث تعتقد واشنطن إنها تستنزف روسيًا بهذه الحرب لذا تعمل على تسليح أوكرانيًا وإدامة زخم الحرب
وهذا مقارب لما حصل لصدام حسين إثناء حرب الكويت لاكن الجيش الروسي اليوم ليس جيش صدام بالأمس والأحداث التي تجري على أرض الواقع تثبت إن أوكرانيًا وحلفاءها هم في مأزق وروسيًا هي من تحقق الانتصارات وشعب أوكرانيًا هو الضحية.
وفي الختام نقول كل الأحداث التي ذكرناها ترتبط بعامل رئيسي واحد هو المحرك لها ألا وهو الولايات المتحدة الامريكية
واغلب مخططاتها فشلت لأن واشنطن ليست وحدها في الساحة العالمية اليوم بل هناك موسكو وبكين وفي منطقتنا يوجد محور المقاومة أي هذا العالم لم يعد عالم القطب الواحد كما كان في السابق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى