الــســيــد حـســــن نــصــر الله بــيــــن مــدرســــتــيــــن
مجلة تحليلات العصر الدولية

صالح الصريفي 16Aug2020
( أدعوا كل الاحرار في العالم الى تقليد السيد حسن نصر الله في المقاومة ، والمسلمون عموما والشيعة على وجه الخصوص الى تقليد الولي الفقيه المرجع القائد السيد علي الخامنئي في الفقه والسياسة والحكم والمقاومة )
يوم بعد يوم تثبت الوقائع والاحداث ان السيد حسن نصر الله صاحب مدرسة خاصة في المقاومة المسلحة ويمتلك عبقرية فذة في ادارة الصراع مع الكيان الصهيوني ، حكمته وحلمه وصبره ووفائه وعدالته ونزاهته وثباته على الحق ، فضلا عن “الكاريزما الشخصية ” صفات أهلته ليكون ايضا سياسيا من الطراز الأول على الرغم من قصر عمر التجربة في ممارسة الحكم في بلد وساحة بالغة التعقيد في تركيبها وإرثها الطائفي والتداخل الدولي وتشابك المصالح بين الأفرقاء المتنافرين المحليين والأقليميين والدوليين .
هكذا شخصية عندما تمتلك رؤية ثاقبة ومعمقة ، وواضحة ورصينة ، مبنية على معطيات حقيقية واسس قوية لمجريات الاحداث المحلية والإقليمية والعالمية ، ودوافعها واهدافها والمديات التي ستصل اليها وكيفية التعاطي معها ، يجب الانصات اليها واتباعها والانقياد لها من دون تردد أو قيد أو شرط ، بمعنى ان السيد حسن نصر الله مرجع تقليد في المقاومة وادارة الصراع مع الكيان الصهيوني وفي السياسة ايضا ، وليس فقط يصح تقليده بل يجب على الاحرار والمقاومين تقليده وإتباعه ، علماً إن تقليد مرجعية السيد حسن نصر الله في المقاومة والسياسة لاينفي ولايلغي تقليد المرجعيات الاخرى في فلسطين واليمن وسوريا وايران والعراق وفينزويلا ونيكاراغوا وغيرها من المرجعيات السياسية المقاومة .
و لتعريف التقليد في مذهب شيعة أهل البيت ” النبي محمد وآله عليهم السلام” الاثني عشري ؛ هو العمل بالاحكام الشرعية طبقا لرأي المرجع الجامع للشرائط ( الحياة مع البلوغ والعقل والرشد وقلة النسيان ، وطهارة المولد ، والايمان ، والعدالة ، والتسلّط والسيطرة على النفس الطاغية الأمارة بالسوء ، والعلم الاجتهاد ، والألمام بالعلوم والثقافة والمعارف الاخرى ، والحضور في الساحة والميدان والعمل ونصرة المظلومين والدفاع عن المستضعفين ومساعدة ورعاية المحتاجين بالاضافة الى التواضع والزهد والترابية والتقوى وغيرها من الصفات الكمالية النفسانية الاخلاقية ) .
أما موضوعنا المبتدع ؛ ( التقليد المقاوماتي والسياسي ) ، فهو يلتقي مع التقليد الفقهي في الخاص في نقاط ويفترق في العام في نقاط ، ففي تقليد المقاومة والسياسة ؛ يشترط العقل والرشد والعدالة والتصدي للظلم والهيمنة والاحتلال والدفاع عن حقوق الناس والاخلاق والتواضع والترابية وغيرها من الكمالات والصفات الاخلاقية الانسانية ، و لايشترط في تقليد “المقاومة والسياسة” الدين والايمان والعرق والجنس ، فكما كان جيفارا الماركسي في زمانه مرجع تقليد في المقاومة المسلحة ، وموسى الصدر مرجع تقليد في المقاومة والعمل الاجتماعي والسياسي في لبنان ، ومحمد باقر الصدر مرجع تقليد في الفقه والمقاومة والسياسة في العراق ، ونيلسون مانديلا مرجع تقليد في المقاومة والسياسة ، كذلك يصح في هذا العصر ( على حد سواء مع مراعاة النسبة والتناسب) في المقاومة والسياسة ، تقليد نيكولاس مادورو في فينزويلا وأورتيغا في نيكاراغوا ورائول كاسترو في كوبا والسويدي وجوليان أسانج المناهض للعولمة في السويد ، والرئيس بشار الاسد في سوريا والسيد عبدالملك الحوثي في اليمن وحماس والجهاد والجبهة الشعبية في فلسطين والحشد الشعبي في العراق ، ومنظمة ANTIFA في امريكا ، فجميع هؤلاء تنطبق عليهم مرجعية التقليد في المقاومة والسياسة ويصح تقليدهم .
السيد حسن نصر الله بين مدرستين
لاشك ان السيد حسن نصر الله نشأ في مدرسة مقاومة السيد موسى الصدر في لبنان وترعرع في مدرسة مقاومة السيد محمد باقر الصدر في العراق ونضج وأينع في مدرسة مقاومة السيد الخميني في ايران ، وأثمر ورَشُدَ في مدرسة مقاومة السيد الخامنئي ، وبناء عليه يصح القول هو نتاج هذه المدارس المقاومة الثلاث ، اللبنانية والعراقية والايرانية .
ومنذ الغزو الصهيوني للبنان عام 1982 وتأسيس حزب الله والمقاومة في لبنان واستمرار هذه المقاومة في خوض الحروب في مواجهة الاحتلال الصهيوني في تسعينيات القرن الماضي ثم حرب التحرير عام 2000 وحرب تموز عام 2006 تحول السيد حسن نصر الله الى رمز إقليمي و نجم عالمي في مقاومة الاحتلال الصهيوني وتحولت المقاومة اللبنانيةالى رقم صعب في المعادلة الأقليمية ، ورقم مستصعب بل وكابوس مرعب داخل الكيان الصهيوني يحسب له الف حساب وحساب ، فضلا عن تحول المقاومة اللبنانية الى مثال ونموذج يحتذى ويحتفى بها في الاوساط الدولية الرسمية والشعبية اللاتنينية والافريقية الاسلامية والعربية ، لكن هذه المكانةالعالمية المرموقة وهذه القدرة الرادعة ماكانت تحصل لولا إحتضان ورعاية ودعم مدرسة المقاومة الاسلامية الايرانية ، فالفضل والإحسان والإنعام والإمتنان والعطاء يعود اليها بعد الله تبارك وتعالى في رعاية وتقوية هذه الشجرة المباركة التي أصلها في ايران وفرعها في لبنان وسوريا واليمن والعراق والبحرين والحجاز ونيجيريا ، ففي كافة هذه البلدان مثلما تجد الرعاية والدعم والغطاء الاسلامي الايراني المقاوم ، تجد ايضا بصمات السيد حسن نصرالله والمقاومة اللبنانية شاخصة متلألة زاهية بدماء حمراء قانية طاهرة .
وبناء علىيه نخلص في القول إن مرجعية السيد حسن نصرالله في المقاومة والسياسة أحتلت مكانة مرموقة ومنزلة عالية بين مدرستين ؛ مدرسة المقاومة العالمية ، ومدرسة المقاومة الاسلامية الايرانية .