القمة الصينية العربية الخليجية السعودية أرادها بن سلمان لتأكيد تجزئة المُجَزَّء
كَتَبَ إسماعيل النجار
العصر-قِمَّة ثُلاثية الأبعاد سعودية صينية خليجية صينية، عربية صينية، أرادتها مملكة الرياض من أجل تأكيد تصنيف عالمنا العربي والإسلامي وتقسيمهُ إلى ثلاث فئات،
الفئة الأولى هي المملكة التي تعتبر نفسها فوق الجميع ودُرَّة تاج العرب والمسلمين، لتأتي بعدها مباشرَةً دُوَل مجلس التعاون الخليجي السِت والتي تأتمر بأمرتها،
ثُمَّ تَليهم دُوَل العالم العربي الثالث حسب التصنيف السعودي،
هكذا قَسَّمَ الملك سلمان وولي عهدهِ تَرتُيبَة إجتماعات القِمَم الثلاث!
فكانت القمة الأولى مع الألماس العربي، والثانية مع دُوَل الذهب العربي، والثالثة مع دُوَل الفضة العربي من وجهَة نظرهم، بينما غابت سوريا عنها لإعتبارها سعودياً خارجة عن قانون الطاعة الملكي،
القمتين اللتين تَلتآ القمة السعودية الصينية لا قيمة سياسية لهما والجميع يعرف ذلك بمن فيهم الرئيس الصيني نفسه،
وربما أدرَك بعض الرؤساء والملوك العرب الذين غابوا عن القمة الأهداف السعوديه من القمم الثلاث، فغابَ الرئيس الجزائري عبدالرحمن تَبون وسلطان عُمان هيثم بن طارق ورئيس دولة الإمارات محمد بن زايد وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، عن هذه القِمَم بينما حضر ممثلين رسميين عنهم،
هدفت السعودية من خلال تجزئة القمة إلى ثلاث قِمَم على أراضيها بتمييز نفسها وتثبيت ذاتها كزعيم أوحَد في منطقة الشرق الأوسط ومرجع سياسي للأمتين العربية والإسلامية،
كما خططت لخروج جزئي للمملكة من تحت العباءة الأميركية لضمان عدم الإستفراد بها وفرض شروطها كما كانت في السابق، وخصوصاً أن مسألة إنتقال السلطة إلى ولي العهد تأخذُ حيِّزاً واسعاً من تفكير محمد بن سلمان الذي بدءَ بالتفكير ملياً بعدم الإعتماد الكُلي على حماية الولايات المتحدة الأمريكية وتنويعها عبر إدخال روسيا والصين إلى المنطقة وربما الهند أيضاً،
الإتفاقيات التي وقعتها المملكة مع الصين جائت استكمالاً لمحادثات أجراها الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز خلال زيارته الصين عام 2017 وزيارة ولي عهده عام 2019 وهي من ضمن مخطط سعودي يهدف للخروج من تحت العباءة الأميركية نحو العالم ،
فلسطين لم يُذكَر تحريرها في البيان الختامي للقِمَم الثلاث سوى بالتفاهم والسلام!
وفي البيان الختامي للقمة السعودية الصينية الأساس أشارت السعودية الى لبنان من خلال الغمز واللَمز بإتجاه المقاومة من دون تسميتها متهمةً إياها بأنها تنشر الإرهاب والمخدرات في دُوَل المنطقة كافَة، فنسِيَت الرياض دورها الكبير والفاعل في تمويل إجتياح إسرائيل للبنان عام 1982 وتمويل الإرهاب المتمثل بداعش وغيرها وتمويل كافة الحروب التي شنها الكيان الغاصب على لبنان، بالإضافة إلى تدخلها المباشر في الشأن اللبناني الداخلي ونشر الفتن والفوضىَ،
الولايات المتحدة الأميركية التي تراقب مخرجات القمة صَرَّح متحدث بإسمها يؤكد نية الصين توسيع نفوذها في المنطقة العربية، وكانت قد قررت إفشال نجاح إستكمال طريق الحرير بالإنسحاب المفاجئ من أفغانستان وتسليم السلطة لطالبان من أجل إعادة خلط الأوراق وتوتير الأجواء في أهم نقطة إستراتيجية تربط خط الحرير الصيني بإيران والمنطقة وصولاً الى أوروبا،
الصين التي بَنَت أول قاعدة عسكرية لها في جيبوتي عام 2017، تفكر في بناء قاعدة أخرى لها في ميناء “غوادر” الباكستاني واليوم تدخل المنطقة العربية من بوابة القِمَم الثلاث للحفاظ على مكتسباتها التجارية والإقتصادية، وربما تفكر بكين مستقبلاً بناء قواعد عسكرية لها في المنطقة بحجة حماية مصالحها الإقتصادية والإستراتيجية، وتدفع روسيا للقيام بالمثل من أجل تنويع الحماية للمملكة وإضعاف السطوة الأميركية فيها،
هنا يتقدم في ذهن الكثيرين جملة من الأسئلة على رأسها يتربع سؤال مهم ماذا سيكون رد واشنطن على تحركات الرياض ومخططاتها وهل سيدفع بن سلمان ثمناً لذلك؟
الجواب في قادم الأيام.