أحدث الأخبار

القومية العربية ومخاطر التغني بها

محمدعلي ابو هارون

العصر-لاشك ولاريب أن المرء يحب قومه وهذا أمر لا غرابة ولا مذمة فيه .

مما نسب إلى السلف الصالح الموروث الذي يقول لا يلام المرء لحبه قومه .
لن المكروه والمذموم عرفا وعقلا وشرعا أن
تتحول القومية إلى عنصرية هي من أخطر ما يتهدد الأمن المجتمعي في العالم بأسره .

ما نقل عن العصبية قول المصطفى الهادي صلى الله عليه وآله وصحبه :
اتركوهافانها منتنة أو دعوها فإنها منتنة .

تعبير عن التعصب بالشي النتن هو ما يناسب المقام هنا .

وهناك حديث عنه ص:



لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ.

ولو القينا نظرة فاحصة إلى الواقع العربي عبر التاريخ لوجدنا أن العرب لم يحققوا مجدا وحضارة ورقيا وثقافة أصيلة الا بما ارتبطوابه بالسماء عبر الرسالات السماوية وخاتمتها الاسلام ..إذن فمجد العرب بالإسلام
وحتى الدول التي سادت بعد عصر الاسلام الاول كالدولتين الأموية والعباسية كانت قد بنت ما أسمته من مجد وحضارة باسم الإسلام رغم تعصبها القومي وتركيزها على عنصر قومي دون آخر .

وفي التاريخ الحديث حاول دعاة القومية العربية والمتغنون بها أن يقنعوا الشعوب العربية أن القومية هي رمز انتصاراتها ومجدها وحضارتها وسيادتها في العالم .
لكن الشعوب سرعان ما أدركت ولمست بالواقع المعاش زيف مدعيات الدفاع عن القومية العربية .
كان دعاة الفكر القومي من أمثال ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار وساطع الحصري
وخير الدين حسيب تغنوا بالقومية التي مثلت في فكرهم مرتكز النهضة والتحرر والوحدة لكن هذه المدعيات اثبت الواقع عدم مصداقيتها .
وحتى الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر الذي لقب حينها برائد القومية العربية أدرك نفسه أن القومية لايمكن أن تمثل الهوية السيادية للعرب مالم ترتبط بالسماء وهذا ناتج عن خلفية عبد الناصر الإسلامية .

لكن التيار القومي الذي حاول خداع الشعوب العربية بأنها هي الأجدر أن تسود وان تتصدر المشهد السياسي لعروبتها وانتماءها القومي لم يستطع إقناع الشعوب العربية بصحة مدعياته .
فنتج عن ذلك ما سموا بقادة عرب أو عروبيين مدافعين عن القومية العربية من أمثال معمر القذافي وصدام حسين وعلي عبدالله صالح وحسني مبارك وزين العابدين بن علي وغيرهم .

أن التركيز على العنصر العربي والقومية العربية انتج لنا تهميش القوميات الأخرى ذات التاريخ والتي عاشت داخل المجتمعات العربية من البربر والكورد والتركمان والشركس والأرمن والعديد من اتباع القوميات غير العربية .
نتج التهميش والاقصاء والتغني بالقومية العربية في اوطان عربية فيها قوميات غير عربية ساهمت في بناء المجتمعات التي تعيش فيها عبر مر التاريخ .

لايغيب عن البال المحرقة التي حصلت بين عامي ١٩٨٠ و١٩٨٨
والتي اريد لها أن تكون بلباس قومي وتنتحل اسما تاريخيا هو القادسية لتكون قادسية ضد شعب جار للعرب أسهم في بناء حضارتهم ولغتهم وموروثهم وصناعة المفكرين والرواة والعلماء بمختلف العلوم شرعية وغيرها .



أجل حصلت تلك المحرقة التي دمرت ثروات بلدين مهمين في المنطقة وهما العراق وإيران
باسم الدفاع عن القومية وشهدت الشعوب العربية حجم الضحك على ذقونها وتزييف الحقائق والتاريخ والوقائع. وسرعان ما خبت نار المحرقة التي ساهم في تأجيج سعيرها عدد من حكام البلدان العربية التي تسير أنظمتها الان في فلك التطبيع مع الكيان الصهيوني

وعندما بدأت الموجة الصفراء من التكفير ودعاته الذين وظفوا الشرع الإسلامي عبر الفتاوى المسعرة بدولار النفط العربي ثروة العرب لتحاول تدمير بلدان المنطقة كما حصل في العراق وسوريا ولبنان والصومال وغيرها من بقاع الأمة العربية …

الموجة الجديدة من التغني بالعربية والعروبية والقومية العربية أتت اليوم لتوفر الأرضيات اللازمة للتطبيع بين الشعوب التي ضحك عليها الضاحكون واعداء أمتهم العربية …
واستهدفوا قضيتهم المركزية وارضهم المسلوبة والمضيعة والمحتلة التي طالما تغنى بها دعاة القومية العربية ولم تحقق تلك القومية نصرا على اعداءها الا بعد الصحوة الإسلامية والرجوع إلى الهوية الحقيقية .
ما يثار اليوم من مثارات القومية والعربية هو في الواقع إعادة تسويق لمامضى من مدعيات بهدف ترتيب الأوضاع للسير بشكل كامل في فلك اعداء الامة .
ترى هل نحن أمام قادسية أخرى تمرر من خلالها مخططات الأعداء.
فما بال شعوب العرب تنظر إلى مايجري من تلاعب بمشاعرها لتوظف من أجل محارق ومعارك طاحنة قد تأتي على ماتبقى من ثروتها وفي مقدمتها الثروات البشرية .
الوعي الجماهيري هو الكفيل بإفشال مثل هذه المخططات الرهيبة التي تواجهها الأمة بمختلف المسميات .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى