أحدث الأخبارالعراقايرانمحور المقاومة

القيامة الثانية لايران والعراق ومعادلات عصر الظهور…!

مجلة تحليلات العصر - محمد صادق الحسيني

 

نظرة في دور الشهيد سليماني

لا مكان للصدفة ولا محل لاحتمالات الخطأ والصواب فيما حصل من قدرٍ في قلب بغداد قبل نحو سنة من الان للقائد الكبير الحاج قاسم سليماني وعضيده القائد ابو مهدي المهندس ورفاقهما…
فقد ابى الله الا ان يراهما ورفاقهما شهداء لتكتمل الصورة الملحمية للصراع على الوجود بين رأس الشر المتمثل بالولايات المتحدة الامريكية سابقاً( بعد ان بدأ العد العكسي لخرابها) ورأس الخير المتمثل بدولة ولاية الفقيه ومحورها المقاوم و التي هي رمز قوة قاسم سليماني وابو مهدي المهندس ..
لقد اجمع المحللون بانه ما كان لترامب ان يتخطى كل الخطوط الحمراء ويمد يد الغيلة والغدر على الشهيدين القائدين، لولا شعوره بالضعف والعجز امام تقدم محور المقاومة برأسها ايران وذهابه بعيداً بنظر الغرب في تهشيم الصورة الرمزية المرسومة لامريكا على رأس معادلة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية…
ولما كان هذا التهشيم قد حصل على يد دولة عالمثالثية نامية كما يسمونها واسلامية ايضاً وهي تتقدم خطوات اضافية نوعية الى داخل مربع الدول القائدة المتربعة على عرش نادي الدول العظمى لا سيما في حقل العلوم، فقد كان كان ذلك تحميل ما لا يطاق لدولة الشيطان الاكبر …
فالمنارة الايرانية كانت قد بدأت تتعبهم وتنهكهم وتعيق مخططاتهم وتكاد تطيح بالهيكل الذي بنوه لانفسهم بعدما اخترقت اسوار عرينهم وبدأت تغير في كل قواعد الاشتباك التقليدية التي اعتادوا عليها من قبل تبرز كقوة تحدٍ جديدة على المسرح الدولي ..
فالقائدين سليماني والمهندس انما ينتميان لمدرسة ايران الاسلام هذه التي هي من هشمت صورتهم في الالفين واجبرتهم على الانسحاب من ارض محتلة على يد فتية آمنوا بربهم ..
وهي التي منعتهم من التمدد في العالم ووضعت حدوداً لقوتهم واطاحت بحروبهم التقليدية التي اعتادوا الانتصار فيها منذ الحرب العالمية الثانية والمعتمدة على الدبابة والقصف الجوي المستمر والهائل في حرب ال٣٣ يوما في العام ٢٠٠٦…
ثم افرغت كل محتويات خططهم وبرامجهم لحروب الوكالة والحرب بالواسطة والحرب الناعمة في فضاء الحرب الكونية على سورية والعراق وجعلتهم يتجرعون كأس السم على اسوار الشام وتخوم بغداد منذ العام ٢٠٠١ وحتى العام ٢٠١٧..
وهي التي اخرجتهم اذلاء من عراق الدم والشهادة والعز والفخار بخفي حنين وتحت جنح الظلام وصواريخ ذو الفقار تطاردهم رغم كل المليارات التي صرفوها وكل الجهد الجبار الذي بذلوه من اجل وصع قدم لهم ولكن دون جدوى…
واخيراً وليس آخراً هي من حطمت كل منظوماتهم المعلوماتية والصاروخية والكهرومغناطيسية في الحدود البرمائية الايرانية من خلال ضرب تاج وفخر الصناعات الجوية الحربية لامبراطوريتهم العظمى ، وفي اهم كيان لهم بعد الكيان الصهيوني( كيان ال سعود) عندما ضربوا فخر ذخيرتهم الاستراتيجية ارامكو يوم حطموا كل القبب الدفاعية من المحيط الاطلسي الى دول الخليج الفارسي مجتمعة …
هذا ناهيك عن انها هي من اخرجت ربيبهم المدلل من الصراع بشكل مذل ومخز بتعطيل كل منظوماته المعلوماتية وجعله مكشوفاً تماماً حتى بات اشبه ما يكون ب”ازعر الحارة” الذي يولول ويتوعد ويزبد ويرعد وهو لا يستطيع حتى من حماية جبهته الداخلية بعد ان باتت تحت مرمى نيران من استضعفهم واستحيا نساءهم و اغتصب اراضيهم وقتل ابناءهم من اهل الارض الاصلية فلسطين لمدة عقود من الزمن..
فكيف اذا عرفنا بان “سلسلة اعصاب ” كل هذا التحول من هرمز الى باب المندب ومن اسوار الشام الى تخوم بغداد ومن كريات شمونه الى ايلات كان قد تمثل لهم في جنرال العرب والمسلمين الحاج قاسم سليماني وعضيده الذي لم يحيد عنه لحظة ، ضرغام العراق والعرب ابي مهدي المهندس..
فكان لابد من اغتيالهما اذن جهارا نهاراً وعلى اسوار بغداد النصر والولاء والوفاء وبالتبني الرسمي للعملية وانطلاقاً من الارض الاردنية المتصلة بفلسطين المحتلة ليضربوا في قلب الرافدين المعمدين بدم الحسين حيث مركز ثقل محور المقاومة ، في محاولة بائسة ويائسة منهم لوقف هذا التقدم السياسي والعسكري والامني والمخابراتي والعلمي والتقني والنفسي لمنارة الشرق الجديد (طهران ) التي باتت متصلة بموسكو وبكين ايضا وهما العدوان التاريخيان لامبراطورية الشر والاستكبار العالمي..
لكن رمز التوحش الامبريالي هذا يخطئ من جديد ويثبت جهله وعدم معرفته بسنن التحول التي يتميز بها اهل الحضارات المشرقية بعمله المشؤوم هذا..
فمثل هذا الاستشهاد المشرف ومثل هذه الملحمة العراقية الايرانية التي جبلت بالدم ليس فقط اعادت ترتيب كل البيوت الداخلية لعدد من الامصار والاقطار العربية وفي مقدمها العراق ولبنان واليمن وسورية ، بل واطلقت قيامة ايران الثانية التي جمعت فيها الوطني والقومي من جهة والعقيدي والديني من جهة اخرى بحيث اصبح خليفة قاسم سليماني اكثر اصراراً في الكفاح للاسباب التالية:
١- لاثبات وجوده في المواقع الجديدة
٢- للانتقام لدماء الحاج قاسم الطاهرة
٣- لتحقيق الاهداف التي كان الحاج قاسم قد وضعها لمهمات قوة القدس.
لكن الاهم من كل ذلك هو تداعيات استشهاد رمز بطولي مثل الحاج قاسم سليماني على ساحة الامة الايرانية وهو القائد الذي كان يحظى باجماع ايراني قاطع على وطنيته وتدينه وشجاعته الاسطورية مما جعل استشهاده وبهذه الطريقة بمثابة البطل القومي التاريخي الخالد الذي يضاهي البطل القومي الاسطوري للامة الايرانية في الشاهنامة الشهيرة للشاعر والاديب الايراني الكبير الفردوسي( رستم) مضافاً الى تحوله الى رمز ديني مقدس يشبه الرموز الدينية التي تنتمي في شجرة نسبها الى السلالة المحمدية الطاهرة واهل بيته المعصومين ، مما وضعه في خانة شهداء كربلاء الامام الحسين واصحابه وحوارييه عليهم السلام ، الى جانب من وصفه بمالك اشتر زمانه… اشتر علي زمانه الامام السيد علي الخامنئي… وآخرون ممن قالوا انه يقارب بصفاته صفات اصحاب النبي محمد صلى الله وعليه واله في بدر وخيبر ..
وهذا يدفع بالمجتمع والدولة الايرانية ( الامة الايرانية) لان تستعيد كل امجادها القديمة والحديثة اي قبل الاسلام وبعده وتتبلور لديها فلسفة قيامة جديدة يختلط فيها السياسي بالقومي بالديني بالاسطوري ويقدم للامام السيد علي الخامنئي قائد الثورة الاسلامية في ايران وحوارييه واصحابه وانصاره والحرس الثوري رافعة جديدة عملاقة لنقل العمل الثوري الاسلامي والثوري في ايران من مرحلة الدفاع عن ايران وحركات التحرر الى مرحلة الهجوم الاستراتيجي الكبير او ما بات يطلق عليه بعصر الظهور او عصر آخر الزمان وهو العصر الذي يندرج تحت بند او معتقد عقيدة المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف …
انها قيامة لن تهدأ لا بتدوير زوايا ولا بحوارات ولا بمفاوضات ولا بتنازلات ولا بصفقات هنا او هناك ، بل انها ستشكل بيئة جيو استراتيجية اعتقادية لمعارك ومواجهات كبيرة ومترامية الجغرافية على المستويين الاقليمي والدولي .
لذلك صدق من قال ان الشهيد قاسم سليماني لم يمت بل تم تجديد حياته بهذه الضربة الحمقاء، وصار اخطر بكثير على الاستكبار العالمي والغرب وامريكا من الجنرال الحاج قاسم سليماني قائد قوة القدس في حرس الثورة الاسلامية ..
وهكذا نستطيع القول بان شهادة هذين البطلين المغوارين شهيد قوة القدس وشهيد الحشد الشعبي اي قاسم سليماني وابو مهدي المهندس قد فتحا عمليا الباب على مصراعيه مع قواعد اشتباك جديدة ومعادلة ميزان للقوى مختلفة جداً عن سابقاتها في ميادين الصراع على ارض الرافدين كما على امتداد الهضبة الايرانية …
فقد اصبحت المعركة اوسع مدى حتى من معركة استقلال وتحرر بلدان محور المقاومة من شرق افغانسان الى شرق المتوسط..
بل باتت منفتحة على مديات تصل الى اعادة رسم جغرافيا غرب اسيا كلها بدون حضور استعماري امريكي والبدء بالفصل الاخير من الهجوم الاستراتيجي الهادف الى ازالة الكيان الصهيوني وتحرير فلسطين من النهر الى البحر..
ان بركة دماء سليماني والمهندس المختلطة على اسوار بغداد صارت عنواناً حقيقياً
لجغرافيا عصر الظهور…
انه عصر ما بعد عصر الحروب التقليدية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى