بقلم: عيسى محمد المساوى
يتملكه الخوف ويشتته الارتباك ويقف عاجزاً عن الرد على عملية توازن الردع الرابعة، لا عسكريا ولا حتى اعلاميا بعد أن تحول بيانه الذي قال فيه “جاري ملاحقة البقية” الى مادة للتندر والسخرية.
امتص الصفعات المتتالية، وانهمك لأيام في لملمة اجزاء روحه المبعثرة، ومحاولة استعادة السيطرة على جسده المضطرب، وهو يحاول عبثا استيعاب تفاصيل الضربة النوعية التي يوحي بيان سريع وهو يقول: ” منها وزارة الدفاع والاستخبارات وقاعدة سلمان” أن اماكن أخرى حساسة طالتها العملية، وتعمدت صنعاء السكوت عنها في رسالة خاصة جدا كانت بالغة الدلالة في صمتها.
مضت سبعة أيام حسوماً على النظام السعودي، وهو يهدئ من روعه، ويحاول استعادة السيطرة على توازنه المختل، ليجد أن الاحجام عن قصف صنعاء وارتكاب المجازر كما هي العادة عقب كل استهداف لعمقه، سيكشف للجميع خوف النظام السعودي وعجزه غير المسبوقين، وهو ما لا يصح بأي حال من الأحوال الاعتراف به.
صراعٌ مرير دام لأيام بين غريزة الحفاظ على النفس ونزعة المقامرة، انتصرت فيه الأخيرة لتقرر شن
غارات هستيرية على العاصمة وصعدة يوم 30 يونيو، لكن بدت الهستريا هذه المرة متعقلة بالقدر الذي جعل الخسائر هي الأقل قياسا بسابقاتها، والهدف تحاشي عملية الردع الخامسة، وكما يقول المثل “المجنون يدري منْ يراجم”، فقد عرف النظام السعودي ما يقصف وكيف.
هذه المرة كانت حالة الخوف والعجز طاغية في ملامح المقامر السعودي، وتعبر عن حضورها في كل التفاصيل؛ في الصمت الطويل، في تأخر الرد، في نبرة حديث المالكي، في تعبيراته الايمائية، وفي محاولة استعارة بعض مصطلحات صنعاء، كتسمية قصف العاصمة وصعدة للمرة المئة بعد الألف باسم “العملية الواسعة النوعية”، وفي التحذير من استهداف المنشآت المدنية، إنما بطريقة المالكي المرتبكة، وبنبرة تنم عن غيظ وألم كبير لم نلحظها من قبل، وهو يشير بسبابته المرتعشة مهدداً “سنقطع ونبتر الأيادي التي تستهدف المدنيين في المملكة!!… لن يتم التهاون مع قيادات الحوثيين وسيتم محاسبتهم كما تم التعامل مع الصماد”.
تهديد المالكي واستماتته في الدفاع عن المدنيين جاء في اول دقيقتين من المؤتمر الصحفي الذي استمر لأكثر من 34 دقيقة، ما يعني أن عملية الردع الرابعة أحدثت وجعاً كبيراً وكبيراً جداً، فاستحقت ان تكون الأولوية الأولى في المؤتمر الصحفي.
هنا يجدر التدقيق في تعبيرات المالكي وتحذيراته لنتسائل: عن أي مدنيين يتحدث بهذه الحرقة والألم؟!
قطعاً ليس المواطن السعودي البسيط ولن يكون المقيم بالتأكيد، إنما غالب الظن أن للأمر علاقة باشارة “منها” التي وردت في تصريح العميد سريع آنف الذكر؟!
حين يكون الانسان عاجزاً عن فعل شيء ذي قيمة يهرب إلى الماضي، ليستنجد بذكريات قوته حين كانت مستبدة، ولو أن قوته لا تزال كذلك، وليس هناك ما يردعها ويمرغ أنف صاحبها في الوحل، لما هرب الى الماضي، “إنما العاجز من لا يستبد”.
المثير للضحك في حديث المالكي قوله،: “المدنيون والمنشآت المدنية خط أحمر”، غير مدرك أن هذا النوع من الخطوط هو من أوصل أنصار الله إلى عمران وصنعاء، وسيصل اليمنيون بإذن الله إلى المعالم التي رسمها المالكي.
لم تمض 24 ساعة على تهديدات المالكي حتى استهدفت صنعاء مواقع حساسة في عسير ونجران بعدد كبير من الطائرات المسيرة، لتؤكد للمقامر السعودي أنه بات عاجزاً بالفعل، وتترك له رسالة هامة تقول: “أن العمليات الأقسى لم تبدأ بعد” فجاء الرد سريعاً باطلاق سراح سفينتي نفط وصلتا ميناء الحديدة.
بالمناسبة لم يخبرنا المالكي عن المرهم الذي ابتكرته وزارة الدفاع السعودية، كيف كانت نتائجه؟ وهل دهنوا به المنشآت والمباني الحيوية في الرياض قبل عملية الردع الرابعة، أم أنهم استخدموه في المكان غير المتوقع؟