المهندس يد النجف في مَأسَسة الحشد لمواجهة تحديات الحل ..
مجلة تحليلات العصر-حسين فلسطين
لم يكن العمل الإداري المؤسسي ضرورة عصرية حديثة في الإسلام؛ بل إنه كان غاية ومرتكزا للشريعة الإسلامية المحمدية وهدفا من أهدافها في تعاطيها مع قضايا الأمة والإنسان وكمالية نظامه على المستويات جميعها ؛لأن ديننا الحنيف يهتم بشكل كبير بآلية توزيع الأدوار والمسؤوليات، ويهتم بما يجمع الطاقات والجهود في طريق البناء والتطوير واستمرارية التقدم إلى الأمام .
ومع حداثة تشكيل الحشد الشعبي وحداثة تجربته ودخوله ساحة المواجهة بشكلٍ عشوائي كانت الغاية هي الدفاع عن النفس ومواجهة خطر التنظيمات الإرهابية المسلحة التي تمكنت من أرض العراق لأسباب طائفية وعنصرية معروفة و مع ذلك حقق هذا التشكيل المقدس ما لم يكن في حسبان العدو قبل الصديق، فالحافز العقائدي والعزيمة الوطنية المستوحاة من الإرث الثقافي الديني الحسيني ،ووقوف المرجعية الرشيدة وزعيمها الإمام السيستاني والالتفاف الشعبي والجماهيري كانت أبرز أسباب النصر
ومع اشتداد المعارك وازدياد حدِّتها وتكالب الأعداء في داخل العراق وخارجه ، كان للشهيد القائد أبي مهدي المهندس ميدان آخر لا يقل ضراوةً عن ميادين : مكيشفة وجرف النصر وبيجي والفلوجة وتكريت ألا وهو ميدان التنظيم الإداري والبناء المؤسساتي للحشد الشعبي، إذ كان المهندس يخوض غمار حربٍ سياسيةٍ كبيرة من أجل وضع دعامات أساسية ، تساعد في مأسسة هذا الكيان المقدس وهو يواجه رديف التنظيم الإرهابي الداعشي البعثي وأجنحته السياسية والبرلمانية.
ومما لا يقبل الشك أن خطوة تأسيس الحشد عُززت بأكثر من عامل فرئيس الوزراء الأسبق السيد نوري المالكي كان صاحب القرار التنفيذي الأول الذي وضع المتطوعين على جادة التنظيم الإداري واللوجستي من خلال القرار (٣٠١) لسنة (٢٠١٤) وتحديداً في جلسة مجلس الوزراء رقم (٢٣) المصادف ١٠ حزيران ٢٠١٤ ليأذن المرجع الديني الكبير السيد علي السيستاني بتفويج عشرات الآلاف من المجاهدين الذين التحقوا بعد صدور فتوى الجهاد الكفائي ، ورغم نجاح حكومة المالكي في وضع الحجر الأساس لهيئة الحشد إلا أن الطريق لم يكن سالكاً في ظل وجود جناح داعشي سياسي، وحاجة الهيئة الفتية لإضفاء الطابع المؤسساتي عليها وهذا ما تكفل به الشهيد القائد رغم ارهاصات المرحلة التي تلت العام ٢٠١٤ وتحديداً مرحلة “تكليف” حيدر العبادي رئيساً للوزارء !
وعلى الرغم من سيطرة الجانب المناهض لوجود الحشد المدعوم من قبل امريكا والكيان السعودي إلا أن الشهيد تمكن من لملمة فصائل المقاومة باحترافية عالية، أبهرت الجميع من خلال التزامه الكبير بتوصيات المرجعية واستثمار خبرته الإدارية في تنظيم شؤون المقاتلين لأكثر من أربعة عقود متتالية ، ففي ظرف عامين تضمن الهيكل التنظيمي لهيئة الحشد الشعبي ( مكتبا للرئيس وأمانة سرٍّ ورئاسة أركان ،ومعاونية لشؤون الاستخبارات والمعلومات فضلا عن معاونية لشؤون العمليات ومديريات للشؤون المالية والإدارية والأفراد.. الخ ) كل ذلك تم تعزيزه بقانون برلماني تم التصويت عليه رغم مقاطعة قوى سنية، والجدير بالذكر أن المهندس تمكن من لعب دورٍ سياسي كبير لتوحيد الصفوف السياسية الشيعية وأطراف خارج المكون في إعداد وتشريع القانون ليعلن قائد الانتصار نجاح مشروع المرجعية في مأسسة هذا الكيان الجهادي الوطني المقاوم الذي حفظ العراق وأرضه وشعبه ومقدساته من كيد الكائدين وحقد الحاقدين كي يبقی صمام أمان الأمة وسيف المرجعية الضارب .