الأردن ليس إمبراطورية ،ولا هو مدعوم فعليا من قبل إمبراطوريات تقف معه في السرّاء والضرّاء على أرض الواقع ،كما يفعل الغرب المتصهين مع مستدمرة الخزر في فلسطين المحتلة،بل هو جزء من منظومة عربية –إسلامية إرتضت لنفسها قديما أن تقعد مع الخوالف،وتركته وحيدا مكشوفا بدون منظومة دفاع جوي ،ولذلك كانت الطائرات الحربية الإسرائيلية تسرح وتمرح في مناطق الأغوار حتى إربد ،لتلقي على أهالي هذه المناطق حمم الموت ردا على إنطلاق العمل الفدائي من الأردن قبل عام 1970.
ومع ذلك وللإنصاف فإننا نقول أن الأردن يزخر بالرجال الرجال، من أبناء العشائر والقبائل وأبناء البوادي والقرى والمخيمات المتعطشين للمواجهة مع الصهاينة كما فعل الأقدمون من أبناء العشائر الأردنية يتقدمهة الشهيد كايد مفلح العبيدات،ولمسنا ذلك واقعيا إبان العدوان الصهيوني المغلف عربيا على المسجد الأقصى وقطاع غزة قبل أيام،ويتمتع هؤلاء بإرادة فولاذية ،جربها الإنتداب البريطاني والصهاينة ،إبان مرحلة الإنتداب البريطاني على فلسطين،ولا ننسى أنه في حال إنفراجة عربية –إسلامية فإن الأردن سيثبت أنه أقوى مما يتصورون،ونذكّر بعقيدة وطبيعة وقوة الجيش الأردني .
الأردن حاليا يقع بين سندان الإحتلال البغيض ومطرقة المراهقة السياسية السفيهة في الخليج ،التي تحالفت مع المستدمرة الخزرية ،رغم ما قدمه من خدمات للطرفين ،ومع ذلك نقول بكل الثقة المطلقة أن الأمور والمواقف لا تقاس بالإمكانيات والظروف ،بل بالإرادة ونحن الأردنيون مشهود لنا بصلابة الإرادة ،بمعنى أن الإرادة الأردنية أقوى من إمكانياتهم في حال تم حسم طريقة التعامل مع الصهاينة،فلدينا قوى عشائرية وقبلية عربية وإسلامية وإمتدادات شعبية عربية سوف لن تخذلنا وتتأخر علينا بالدعم المطلوب ،ولكن السؤال المركزي هو:هل مطلوب من الأردن كسر الجرة بمفرده في مثل هكذا معطيات؟
هذا هو السؤال الذي يتوجب على رواد الشاشات المحظيين الإجابة عليه،بعيدا عن التشبيح والإنفعال والتصور الخاطيء إنهم بذلك يدافعون عن الموقف الأردني بمنطقهم الأعوج،لكن ذلك كله يتطلب وعيا خارجا عن المألوف وجرأة غير مسبوقة وإرادة حرة مسنودة بإبداع ذاتي،وما نراه حاليا من قبل رواد الشاشات هو العكس،فهم يكسرون عصياتهم قبل غزواتهم دون أن يشعروا بالإساءة للبلد قيادة وشعبا،من خلال دفاعهم عن الأردن بعيدا عن منطق الأشياء ،ويدافعون عنه وكأنه متهم أو مقصر ،ولا يربطون الموقف الأردني بالمواقف العربية-الإسلامية،ويقيني أن ذلكك ليس خطأهم، بل خطأ المبرمج الذي يرسلهم للشاشات ظنّا منه أنهم يصلحون لتلك المهمة الشائكة،علما أن فيهم من يتقلدون مناصب حساسة ومنهم أعضاء في مجلس الأعيان يفترض فيهم أنهم “ختموا العلم”،والسؤال هنا هو:كيف يمكن لهؤلاء التحدث عن إمكانية تحقيق سلام مع الصهاينة ،والدعوة للعودة إلى طاولة المفاوضات،ونحن من وقعنا الإتفاقيات والمعاهدات وفاوضنا ،لكننا عدنا في نهاية المطاف فارغي اليدين.
مطلوب ممن يتحدثون بإسم الأردن ظنّا منهم أنهم يدافعون عنه ،أن يغوصوا في العمق، لا أن يختبئوا تحت عباءة جلالة الملك ويرددوا أقوال جلالته التي قرأناها وسمعناها من لدن جلالته ربما قبلهمم ،فهذه هي الطريقة المثلى للدفاع عن موقف الأردن اليتيم بإعلامه ومفرداتهم ومنطقهم ،وقناتهم ان الدفاع عن الأردن عبارة عن فزعة وإنفعالات تشبه إنفعالات بعض النواب تحت القبة ،وهم يهاجمون الحكومة التي يشتمونها في النهار ويسهرون معها حتى الصباح.