المَغْرُورُ مَنْ غَرَّتْهُ أَمْرِيكَا يا أَعرَاب
مجلة تحليلات العصر الدولية - الحسين أحمد كريمو
في المثل العربي القائل: (ما أكثر العبر وأقل الاعتبار)، وربما هو حديث ولكنه صار مثلا حكيما نتداوله على الألسن ولا نعمل به فنزيد الطين بلَّة..
هكذا يفعل الأعراب حيث أنهم لبساطتهم وطفولتهم في السياسة – هذا إذا يعملون في السياسة أصلاً لأنهم بيادق لعب في لعبة الأمم التي يلعبها الكبار ومحظور على الصِّغار الدُّخول فيها إلا للخدمة – تراهم يترامون في أحضان مَنْ يجلس في البيت الأسود ويضعون كل بيضهم، وثقلهم، وبلادهم، وأموالهم، وأنفسهم تحت تصرُّفه شخصياً، ويتعاملوا معه كشخص ويظنون أن الإدارة الأمريكية كممالكهم وحكوماتهم مجرَّد صور وخدَّام لتنفيذ أوامرهم فالدولة بمفهومهم مزرعة شخصية والناس والشعب فيها عمال وفلاحون لا قيمة ولا اعتبار لهم ولا حقوق إلا ما يتفضَّل عليهم به صاحب الجَّليلة، أو ولي العهر وأمثالهم من صبيان النار الشيطانية..
أمريكا ليست مملكة ولا مزرعة يا أشباه الرِّجال، أمريكا دولة إمبراطورية تحكم العالم ويحكمها المؤسسات والرئيس فيها موظف كبير وله حدوده ولا يستطيع أن يخرج عنها حتى في كلمة ولذا عندما خرج الترامب عن الخط المرسوم له لأجل عيونكم الباهتة وأموالكم الزائدة، نزعوه رغم أنفه من الرئاسة وألقوه في مزابل التاريخ، كما سيفعلون بكم قريباً..
فأمريكا نظام إمبراطوري وليس حكم أوليغاريشي عائلي وراثي مثلكم حيث يتصرف الصبي المدلل الطائش الأرعن ولا أحد يسأله فيشن حروباً على أهله وجيرانه، ويسجن أبناء عمِّه وخدامه ليستولي على أموالهم الذي يحتاجها لرشوة ساكن البيت الأسود أو لبناء مدينة نيوم لتربطه بأعمامه وأخواله في تل أبيب، فتراه حائراً بنفسه لا يدري ما يفعل..
ففي سوريا خاسر..
وفي لبنان مطرود..
وفي العراق مطارد..
وفي اليمن مكسور مبهور.
وفي البحرين مكروه..
وفي قطر منبوذ لا يُطاق..
لأن الإدارة الأمريكية السابقة أعطته الضوء الأخضر ليفعل ما يُريد ويدفع لها ما تُريد، فحلبوه حتى آخر دولار ولكن ورَّطوه بكل هذه الملفات التي لا يدري كيف يخرج منها، ولكن جاء مَنْ يُخرجه من اللعبة كلها لأنه يُوسِّخ أكثر مما يُنظِّف، فسيكون الصبيان الأغرار أكبر الخاسرين..
جاءت الإدارة الأمريكية الجديدة بكل دهائها وخبثها لتقول لهم: أخذنا أموالكم والآن انتهى دوركم فسنستبدلكم بغيركم، وهنا يجنُّ جنونهم وسيدفعون أضعافاً مضاعفة وسيخضعون خضوعاً تاماً يقبِّلون به الأحذية ليرضوا عنهم ويُبقوهم في أماكنهم فهل سيستجيبون لهم أم أنهم اتخذوا قرارهم باستبدالهم كما استبدلوا الترامب وطاقمه رغم كل جعجعته ومحاولاته البقاء في البيت الأسود ولو لأيام فقط ولكن نظام إمبراطورية الشر الشيطانية لم تسمح له بذلك؟
فأمريكا نظام لا أحد يثق به لأنهم هم لا يعملون بالثقة، وبوس الشوارب، وتمشيط اللحى، وتمسيح الجوخ، مثل أعراب الجِمال، فما يُحرك أمريكا المصالح الأمريكية فقط، وكل السياسات يجب أن تصبَّ في هذا الاتجاه وليس لهم شغل غيره فلا علاقات، ولا صداقات، ولا شخصنات لساستها فهم جميعاً موظفين لتحقيق المصالح الأمريكية في العالم تلك هي سياسة الشيطان الأكبر الأمريكية، التي لم يفهمها الأعراب لأنهم لا يُريدوا أن يفهموا.
والعجيب أن الإمام الخميني (رحمه الله) والسيد الخامنئي (حفظه الله) يُؤكد عليها في معظم أحاديثه أننا لا نثق بأمريكا والغرب لأنهم لا يُوثق بهم فالواثق بهم كالماسك بخيط العنكبوت، والراجي لهم كالراجي الماء من السراب ولن يزيدهم كثرة الركض والجري خلفه إلا ضياعاً وتلافاً وهلاكاً في الصحرائهم الجرداء القاحلة.
فيا أيها الأعراب لا تثقوا بأمريكا لأن أمريكا لا تثق بكم لمعرفتها بكم وبأنكم في كل لحظة تخونون بلدكم وأهلكم وشعبكم لأجل عدوكم فكيف يثقون بكم وهم يرون ذلك كله يومياً منكم..
وتأكدوا أيها الأقزام أنكم أصغر مما تتصورون في عيونهم لأنهم لا يخونون شعبهم أبدا، بل ربما يخونون كل الصداقات والعلاقات لأجل شعبهم الذي وثق بهم، وأنتم لا أحد يثق بكم حتى أنفسكم..